أذكر أنني قرأت رائعة الأمير خالد الفيصل (من بادي الوقت..) في جريدة «الرياض» حيث نشرت أول مرة.. وتأكدت من صدق الذاكرة حين قرأت كتاب (الشجن: مجاريات أشعار خالد الفيصل) للزميل الشاعر «راشد بن جعيثن» ص196 من دراسة نقدية للأستاذ نافع النافع الذي قال: «من بادي الوقت هذه القصيدة منذ ولادتها الآن وبعد الآن ستبقى القصيدة الرومانسية الرائعة تنساب إلى الفكر والروح كما تنساب شلالات هتون المطر على مراتع الأرض الخصبة أو كما نسمات الصباح الوليد المتجدد إلى روح تهفو إلى السمو وجمال الحياة وتذكرُّ الأيام الخالية الحلوة الممتعة، بحلوها ومرها... إنها السهل الممتنع قالها الشاعر والفنان الأمير خالد الفيصل خص (الرياض) بنشرها ونشر معارضتها القصيدة الأخرى التي عارضها الدكتور الأمريكي (داوين كروميل) مدير قسم التنمية بكلية فابرايت للآداب والعلوم.. (القصيدة الشهيرة) «من بادي الوقت هذا طبع الأيامِ عذْبات الأيام ما تمدي لياليها حلو الليالي توارى مثل الأحلامِ محظور عني عجاج الوقت يخفيها أسرى مع الهاجس اللي ما بعد نامِ وأصوّر الماضي لنفسي وأسلِّيها أخالف العمر وأرجع سالف أعوامِ وأنوّخ ركاب فكري عند داعيها تدفا على جال ضوه بارد عظامي والما يسوق بمعاليقي ويرويها إلى صفا لك زمانك علّ ياظامي أشرب قبل لا يحوس الطين صافيها الوقت لوزان لك يا صاح ما دامي يا سرع ما تعترض دربك بلاويها حتى وليفك ولو هيّم بك هيامي سيّور الأيام تجنح به عواديها) (حين غناها فنان العرب) قلت: القصيدة من روائع الشعر النبطي القديم والحديث، وغناها فنان العرب محمد عبده فانصهرت في صوته كما ينصهر البريق في الألماس، وانتشرت في أصقاع الدنيا، ورددتها الملايين، القصيدة في غاية الجمال، وصوت محمد عبده في غاية الجمال، فلا غرابة أن يلتقيا.. إنَّ الجميلَ إلى الجميلِ.. يميل.. محمد بن راشد آل مكتوم المعارضات وهذا الفن قديم في شعرنا الفصيح، حين يذهل الشعراء من جمال قصيدة يعارضونها وينسجون عليها، ويستوحون منها (نهج البردة) للبوصيري عارضها شعراء لا يحصون، وقصائد المتنبي وابن زيدون، وهذا الفن ضارب في القِدَم منذ العصر الجاهلي.. نستطيع تسمية القصيدة الأصل (الملهمة) أو (المشعة) لأنها ألهمت الشعراء وفاضت عليهم بشعاعها كالشمس.. والمعارضة ليست بمعناها الحرفي بل العكسي، الموافقة والإعجاب ومحاولة الإضافة.. وسنذكر بعض معارضات (من بادي الوقت) كما وردت في كتاب الأستاذ راشد (مع بعض الاختصار).. (لا باس) «لا باس يا من يعيش بخافق دامي عش بالأمل واترك الدنيا لباريها يا صاحبي لو يطيب الوقت مادامي ولا فيه نفس تبي تلحق أمانيها ترمي على ما تبي والخالق الرامي تفنا الايادي ولا تفنا مبانيها تبي تحقق له الأيام ما رامي وأحلى لياليك ما ينعشك طاريها الحب مبداه عند أهل الهوى سامي تموت روح الفتى والفعل يحييها لا تعطي الروح لاول سايمٍ سامي الاّ ان يحس بمكان الروح شاريها ما شفت مثل الشباب القطفة النامي يذوقها قبل باذرها ومسقيها لو نامت العين قلب الصب ما نامي له حاجة ما انقضت بالحول يرجيها» (الأمير بندر بن خالد) حي المثايل «يا مرحبا يا مغني خط الاقلامِ مثايل شوقتني في معانيها حي المثايل يا سلالة نسل الكرامِ يا من بيوته عن الزلات يحميها من داثر الوقت وهذا طبع الايامِ مرات تصفى ومرات الكدر فيها كم واردٍ ظامي وصدّر بالحيامي وكم وارد شرب من صافي مغانيها لاتنظر اللي مضى وتعدّ الأيامِ ارعى ربيع الزمان أول لياليها حلو الليالي تعوّض مرّ الايامِ ما يحسب الوقت ويفكر بماضيها لو كان ما بي كتبته جفت أقلامي من حرّتي ابدع امثالي واغنيها رادار فكري يصور ماضي زامي في حندس الليل يوم ارتاح غافيها يوم الخلايق تنام وفكرها نامي حرم عيني لذيذ النوم يغفيها حالي كما عشب ضيف صابه الظامي والا كما وردةٍ جفّت نواديها نار الغضى وتواقد في بحر طامي خالد.. وعيّا مولعها يطفيها» (الشيخ محمد بن راشد المكتوم) (من كتب له خطوة لا بد يمشيها) «تعب الثرى يا سعد ما تعبت أقدامي من كتب له خطوة لا بد يمشيها وعيني تناظر ورى والدرب قدّامي استعرض أيام ماضينا وأناجيها من كثر ما أحبها حبّيت الأوهامِ اللي تجيب الهواجس في حراويها القى بها الفايت اللي فات بأحلامي والنفس شابت على رجوى أمانيها أيام فيها ومنها مصدر الهامي عيّا سحاب الوسم يمطر ويحييها الله يخطي بها من رمية الرامي ترجع حقوق غدت من كف راعيها عبث يحب العبث في جرحي الدامي أكثر جروحي سببها من مداويها عينه لغيري نظرها فاتح عامي لي طابت العين يكحلها ويعميها ذكرت يوم الفراق وماتت عظامي الله لا يرحم الفرقا وطاريها (راشد بن جعيثن) كما عارضها كل من الشعراء صالح عبدالرحمن الثنيان ومبارك طلق الجنوبي الرشيدي ومحمد بن حمد الكثيري (رحمه الله تعالى).. وكتب عنها الشاعر المعروف (معيض البخيتان) مقالاً نقدياً جميلاً دافع فيه - أيضاً - عن الشعر الشعبي بشكل واقعي مقنع. محمد عبده