أوضح الخبير الاقتصادي أستاذ إدارة الأعمال الدولية بجامعة الملك فيصل الدكتور محمد بن دليم القحطاني أن توجه دول الخليج نحو الاتحاد لا يزال يسير بشكل سلحفاتي بل وعشوائي وأنها مازالت بعيدة عن مفهوم السوق الموحدة، في زمن كثرت فيه التكتلات الاقتصادية الدولية الضخمة. وأضاف ل»الجزيرة « يعرف التكتل الاقتصادي بأنه اتفاق بين مجموعة من الدول تكون متقاربة جغرافيا من اجل تقليل أو إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية مما يسهل انسياب السلع والخدمات وعناصر الإنتاج بين هذه البلدان. فها هي السوق الأوربية المشتركة التي تحتضن أكثر من 340 مليون مستهلك، توصلت إلى إصدار عملة موحدة وهم الآن عند عنق الزجاجة متوجهون نحو الوحدة السياسية المتكاملة والتي تعتبر آخر مستوى من مستويات التحالف . وأضاف: دول الخليج ترى بأنها حققت ما يعرف بمنطقة التجارة الخليجية الحرة ولكن في واقع الأمر لا يزال هناك الكثير من العوائق التي تعترض تجارة السلع والخدمات الخليجية بين دول المجلس. ولكن بالافتراض بأنه ليس هناك أية عائق وبالفعل حققنا ما يعرف بمنطقة التجارة الحرة سنكون بذلك قد وصلنا إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة وحدة العادات والتقاليد والتي لن تأخذ الوقت الكبير بسبب اللحمة الخليجية الواحدة وتقارب العادات والتقاليد وانتهاجنا لدين واحد هو دين الإسلام. وقال الدكتور القحطاني : إن دول الخليج بعيدة كل البعد عن مفهوم السوق الموحدة والتي تتطلب وجود تنسيق بين السياسات الاقتصادية المتبعة في دول المجلس لأن ذلك سيمهد الطريق إلى المرحلة الرابعة وهي مرحلة التكامل الاقتصادي التام والذي يعني انصهار الاقتصاديات الخليجية في بوتقة واحدة مما يعني ذوبانها وتشكيل الكيان الاقتصادي الموحد. وهذه المرحلة تعتبر من أصعب المراحل حيث يتطلب الوضع إيجاد ترتيبات مؤسساتية جديدة وسياسات اقتصادية ومالية واجتماعية جديدة تغطي المنطقة التكاملية بأكملها وتوحد مواقفها تجاه الدول غير الأعضاء. وذكر أن هناك عدداً من العوامل التي يجب على دول الخليج انتهاجها من أجل إقامة الكيان الاقتصادي الخليجي الكبير مع نهاية 2012، هذه العوامل منها تفعيل كل ما يصدر من قرارات وبشكل فوري. إضافة إلى توزيع البرامج ذات الشأن الاقتصادي على كافة دول المجلس دون استحواذ دولة لأي من هذه البرامج على حساب أخرى. وكذلك العمل على المشروع النووي السلمي وبأسرع وقت. وتشجيع الترابط العلمي بين مؤسسات التعليم في الخليج على كافة المستويات. أيضاً الاستفادة من التفوق التقني والصناعي والتجاري والخدماتي الموجود في دولة خليجية ودعمه والتكامل معه. ويجب أن لا ننسى بأن على دول الخليج الإسراع في التقارب السياسي في كافة المجالات والأصعدة بين دول الخليج فلقد مضى على قيام اتحاد دول مجلس التعاون أكثر من ثلاثين عام، فهذه المدة كفيلة بأن تدفع عجلة التقارب السياسي إلى أعلى المستويات. وكذلك تحسين مقومات البنية الأساسية بين دول الخليج وإنشاء خطوط دولية (طيران، سكك حديدية، نقل بحري) تربط دول المجلس بعضها البعض لأن ذلك سيخلق لدى الشارع الخليجي ما يعرف بالصحوة الاقتصادية التي طالما أنتظرها المفكرون والمثقفون الخليجيون. أيضاً ضرورة تصريف الطاقات الإنتاجية الفائضة لدى الكثير من دول المجلس وإلا عملت مصانعها بمستويات أقل كثيراً من الحجم الأمثل للإنتاج ، وبالتالي زيادة مستويات التكاليف الثابتة والمتغيرة وهذا بدوره سوف يؤدي إلى ضعف القدرة التنافسية لهذه المصانع. وفي ختام حديثه شدد القحطاني على أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك كيانات اقتصادية ومالية قوية وقادرة على قيادة الاتحاد الخليجي المشترك ورسم الطريق للوحدة العربية المنتظرة فالخبرات المالية والمصرفية التي تكونت لدى دول المجلس خلال العقود الثلاث الماضية تشكل نواة طيبة للاندماج وإقامة المؤسسات المالية الضخمة. كما أن موقفها قوي وسيساعدها على تحقيق مبدأ التكامل الاقتصادي وبالتالي سيشمل ذلك الطريق نحو الوحدة السياسية، فهناك ملائمة للمناخ السياسي الخليجي وقد تجلت هذه الموائمة أبان حرب الخليج عام 1991ومحاربة الإرهاب والوقوف أمام المطامع الإيرانية. مضيفاً أن جميع دول الخليج بلا استثناء تعتنق فلسفة الاقتصاد الحر وتبعد كل البعد عن الاقتصاد المركزي أو الاقتصاد الآمر كما يحلو للبعض أن يسميه وهذا يساعد في إيجاد صيغة لخلق اقتصاد خليجي موحد يعتمد على التوجيه للعشر سنوات القادمة ويكون هذا التوجيه من المجلس الاقتصادي الأعلى لدول الاتحاد الخليجي. كما أن اقتصاديات دول المجلس تمتاز بقوتها منذ السبعينات ولديها من الموارد ما يسند قواعدها الاقتصادية ويهيئها لأي منافسة متوقعة. إضافة إلى أن البنية الأساسية لدول المجلس قوية وتحتاج فقط إلى التنسيق بين وسائلها وخطوطها الملاحية والبحرية والبرية والجوية بشكل منظم يساعد على نقل السلع وعناصر الإنتاج بين دول الخليج .