لم تَعُد للمكانة المرموقة التي كان يتحلّى بها منتخب المملكة العربية السعودية الأول لكرة القدم شيء إلاّ الذِّكريات.. وسجل من الإنجازات يتمثل في ثلاث كؤوس لأُمم آسيا والمشاركة لأربع مرات في نهائيات كأس العالم.. وقليل من البطولات الإقليمية هنا وهناك، هذا السجل الحافل - في حقبة زمنية مضت - لم يَعُد يشبع نهم المشجع الرياضي الذي أضحى مدركًا للكثير من الحيل والوعود ( الفاشوشية ) التي كان يطلقها مسيّرو الكرة السعودية عند كل زلّة قدم يتعرّض لها المنتخب.. تلك الزلاّت التي كانت توصف في بادئ الأمر بأنها _ كبوة جواد ) ، ثم تطوّر الأمر على مدار السنين حتى وصل الأمر إلى استقالة رئيسين للاتحاد السعودي لكرة القدم في أقلّ من أربعة عشر شهرًا، على خلفية النتائج الكارثية للمنتخب في أمم آسيا 2011 والتصفيات الأولية لكأس العالم 2014، وهو ما يؤكد أنّ التدهور الفني الذي وصل إليه المنتخب السعودي قد خرج عن كافة حدود السيطرة، وباعتراف المسؤول الذي لم يكن ليستقيل لو كانت النتائج ( عال العال )! * * تمثّلت النكسات الكروية التي تعرّض لها منتخب السعودية في العشر سنوات الماضية في عدّة محطات بارزة: الخروج من الدور الأول لأمم آسيا 2004 في الصين بعد نيْل نقطة يتيمة من منتخب تركمانستان ، ثم الخروج من الدور الأول لكأس الخليج نهاية 2004 بثلاث نقاط من أمام اليمن. هذه النتائج غير المعتادة في ذلك الوقت من الأخضر كان يتم التعامل معها من قِبل المسؤول على أنها ليست سوى خسائر عادية يتعرّض لها أي منتخب ، وسيتم تجاوزها في القريب العاجل، وبالفعل تمكّن المنتخب بعدها من تحقيق عروض جيدة نسبيًا تمثّلت بالوصول لكأس العالم 2006 واللعب على نهائي كأس آسيا 2007 أمام العراق، هذه النتائج ساهمت بشكل رئيس في نسيان الشارع الرياضي للنكسات السابقة، وساهمت أكثر بترسيخ وصف ( كبوة جواد ).. إلاّ أنّ الحقيقة لم تلبث أن تختبئ كثيرًا.. حينما بدأت حقبة جديدة من الفشل الذريع المتوالي، حيث لم تنجح السعودية في الوصول المباشر لكأس العالم 2010 كما اعتادت أن تفعل منذ العام 1994، واضطرت لخوض الملحق الذي يحتفظ لها بفرصة في التأهل، ولكنها خسرت هذه الفرصة أيضًا أمام البحرين. هذه الصدمة المونديالية لم تكن وحيدة، فبعدها بأقل من سنتين ونصف أنهت السعودية مشوارها في تصفيات كأس العالم المقبلة في البرازيل 2014 مبكرًا، دون أن تتمكن حتى من الوصول إلى المرحلة الأخيرة من التصفيات، وخرجت بفوز يتيم من ست مباريات خاضتها، بينما تمكّنت منتخبات أخرى كلبنان، الأردن، عمان، قطر وغيرها من الوصول إلى هذه المرحلة. وبين هذين الإخفاقين الموندياليين، أتت صدمة الخروج من الدور الأول لكأس آسيا 2011 بعد الخسارة أمام سوريا، الأردن، واليابان، لترسِّخ هذه النتائج حقيقة انتهاء العصر الذهبي للمنتخب السعودي بل ودخوله لفترة مظلمة لم يَعُد أحدنا يدري متى سيخرج منها، وإذا كان الفوز بكأس آسيا لأول مرة في العام 1984 بمثابة إعلان دخول السعودية لنادي الكبار قاريًا، فإنّ الفشل في التأهل لمونديال 2010 كان بمثابة الإعلان الرسمي للخروج من هذا النادي بعد مقاومة استمرت لسنوات في الإنعاش. فهل سيعود الأخضر مجددًا إلى ذات المكانة التي اعتادها، أم أنه سينام على وسادة الله لا يغير علينا ؟!! * * لا يبدو غريبًا بعد كل هذه النتائج السلبية على مدار السنين يتدهور مركز السعودية في تصنيف الفيفا للمنتخبات حتى يصل للمركز الواحد بعد المئة، وإذا كانت المواد الجامعية في المستوى الأول تعرف بالرقم 101، فإنّ الكثير من المسؤولين المتعاقبين على رياضتنا قد رسبوا في مادة «أخضر101» وخاضوا العديد من الأدوار الثانوية للتعويض ولكن من دون جدوى.. نأمل برؤية مسيّرين جدد لكرتنا قادرين على تجاوز هذه المادة ونيْل شهادة النجاح! نبضات !! * ربما قُدِّرَ لكرة القدم أن تحتل مساحة شاسعة في وجدان الشاب السعودي، فهو بالإضافة إلى كونه كبقية شباب العالم يستمتع بمتابعة كرة القدم، فإنه يتميّز عنهم بانعدام البدائل الترفيهية، والمَواطن التي يصرف فيها مشاعر الاهتمام التي تعتريه، وهو بذلك يمتلك سببًا إضافيًا يجعله يتعلّق بحب الكرة والانشغال المبالغ فيه بأخبارها وكواليسها !! * التعصُّب الكروي الذي لا يمكن له أن يظل محصورًا في حيز الوسط الرياضي.. بل يفيض على فضاءات المجتمع الأخرى.. الأمل هنا أن يكون للحراك المجتمعي الذي نشط في الفترة الماضية دوراً فاعلاً في خلق اهتمامات جديدة وعوالم أكثر جذبًا للطاقات الشبابية !! * يمثل الموسم القادم من منافسات دوري زين للمحترفين تحدِّياً من نوع خاص لفريقيْ الشباب والأهلي، حيث يبدوان مطالبين بتحقيق عروض ونتائج لا تقل عمّا قدماه في الموسم الفائت، فإما أن يفعلا ذات الأمر ويؤكِّدا للجميع أنّ نتائجهما في الموسم الماضي كانت نتاج عمل حقيقي أثمر فريقين قويّين منافسين بضراوة على كل الألقاب، وإما أن يقدما نتائج أقل، فيتركا انطباعًا عامًا بأنّ تميّزهما الموسم الماضي لم يكن إلاّ من باب محاسن الصدف !! * الانخفاض الكبير في مستوى كلٍّ من الهلال والاتحاد، المستأثِّرين بلقب الدوري في السنوات الماضية.. آمل أن لا يلقي بظلاله على الموسم القادم .. فتفقد الملاعب ثلثيْ زخمها الجماهيري! * اللاعب الكبير دروجبا التحق بنادي شنغهاي شينهوا الصيني .. والسؤال : إلى أين تتجه الكرة الصينية .. وبالتالي أين أصبح موقع كرتنا السعودية ؟!!.. نلقاكم بإذن الله. [email protected]