تختلف مشاعر الحزن وشاكلته وسيماته من شخص لآخر، تماماً مثل مانشيتات الأخبار وهي تتلون من موقع لآخر، إلا أن البكاء سمة مشتركة ومشابهة لتفصيلات الخبر أسفل المانشيت. فالحزن في بلادنا العربية يوضع مع وجبات الطعام، والبكاء يتم تثبيته في ممرات الكليدور والصالونات، أما عن الضحك والابتسامة فقد غادرت تلك الثنائية مفاصل بلادنا بعد أن استبدت بها معادلة البؤس وقيثارة أبوللو. إن قلنا كلاماً مثالياً لنُجَمِل به واقعنا، فحتماً أننا نخدع مخاطبة الذات ونداهن الآخر، فهذا الكلام كالباحث عن خبر صحافي بين ثنايا الموقف وسيمفونية الإجراءات التعسفية التي تتسلق على أجساد من أرادوا صوغ الخماسية: لماذا، ومتى، وكيف، وماذا، وأين!!. الناظر للقضية الفلسطينية بزئبقية أخبارها عبر وسائل الإعلام «المسموعة والمنظورة والمكتوبة» يجد تناقضاً شاسعاً ومتضارباً من موقع لآخر، فالبعض يروس الاحتلال الإسرائيلي بعبارة القبول، والرفض، والدفاع، والعدو، وغيرها من العبارات، ونحن نعرف مدلول وعلامات الترويس الإيحائية. والناظر إلى الحراك العربي بعيون «كافة» وسائل الإعلام، يجد تفاوتاً إعلاميا في حيثيات المكيال الحقيقي لمحددات الزمان والمكان. أما عن السواد الأعظم من القراء العرب!! فهم يقرؤون المانشيت الإخباري مرور الكرام ويهملون أسفله، فالخبر لديهم عنوان، والكتاب كذلك، أما المقال فيكتفون بالكاتب وشهرته. مروراً بالحالة الصحافية العربية التي لا تحسد على واقعها السريالي المتشظي، نقف أمام معضلة تتشابه والأمثال العربية التي نتداولها دون أن ندرك مغزاها وقصتها،، ولكن!! أليس للقارئ العربي مبرراته وحججه لمقارعة ما ندعيه عليه؟ بالتأكيد أنه يمتلك أكثر من ذلك، بيد أن الخبر الصحافي أصبح مائعاً زئبقياً يركز على لغة «القيل والقال والقيلولة وأصحاب الفخامة والقداسة» أكثر من القضية التي يهدف إليها، وكذلك، فكلمات الأخبار متشابهة: قتل، عذب، اعتقل، مات، احتل، اغتصب، جرح، تظاهر، انفجر، انتحر، أطلق النار، أطلق التصريحات، أطلق الأبواق، اجتمع، غادر، استقبل، والقائمة طويلة!! أمام هذه الكلمات استطاع المواطن العربي أن يحرجنا جميعاً وهو يبحث عن خبر صحافي يخبرنا عن ضياع واغتصاب كرامته وحريته..!!