استغربت ردود الأفعال السلبية بعد أن جاء مركز منتخبنا الأول لكرة القدم بالمرتبة (101) في التصنيف العالمي الأخير للاتحاد الدولي لكرة القدم، ولا أدري هل أولئك الغاضبون كانوا مغيبين عن أحوال منتخبنا ونتائجه المخيبة للآمال؟! أو لم يخسر منتخبنا في بطولة الخليج الأخيرة لكرة القدم؟! أو لم نفشل فشلا ذريعا في كأس أمم آسيا الماضية في قطر؟! أو لم نفشل في تجاوز التصفيات التمهيدية لقارة آسيا والمؤهلة لنهائيات كأس العالم؟! أو لم نخرج بخسارة كبيرة ومذلة أمام أستراليا في آخر مشوارنا في كأس العالم جعلت (اللي ما يشتري يتفرج)؟!! وأخيراً.. أو لم تكن مشاركتنا في بطولة العرب فاشلة ومسيئة لكرة القدم السعودية؟!! في ظل هذه المعطيات السابقة وما صاحبها من نتائج سيئة للغاية، ألم يكن متوقعاً مثل هذا التصنيف؟ هل هناك ما يدعو للغضب والاحتقان؟! وهل كان مفاجئاً حينما نحتل هذا المركز المتأخر جدا حتى وإن لم يسبق لمنتخبنا أن احتله من قبل؟! ما الذي كان ينتظره هؤلاء؟! هل ينتظرون أن يجاملنا الفيفا؟! بالطبع لا ولن يحدث ذلك.. إذا كان حري بنا أن نتوقع سلفا مثل هذا التصنيف بل وأسوأ منه في ظل هذا التراجع المخيف لمنتخبنا الأول لكرة القدم.. هذا التراجع الذي ما زلت أؤكد أن له أسباباً تتعلق بمنظومة كرة القدم بشكل عام ويجب أن ندركها ونعالجها بعيداً عن اصطياد أخطاء هذه الفئة أو هذه الجهة أو تلك، فإن كنا حريصين بالفعل على الخروج من هذا المنزلق الخطير لكرة القدم السعودية علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، وأن نقدم كشف حساب شامل بأخطائنا دون محاباة أو مجاملة وأن يكون شعار هذه المرحلة لا للاستثناءات، لا للمجاملات، لا للمكابرة (!!!)، حينها سنضع أيدينا -جميعا- على الجرح، فنصحح المسار لنقوّم الأعوج ونعالج الأخطاء بالتي هي أحسن وأجدى وأنفع!! ولتكن بداية المعالجة الحقيقية بما بدأه سمو رئيس اللجنة الأولمبية، الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل حينما (غرّد) في (تويتر) فتحدث مشيراً لإخفاق منتخبنا الوطني لكرة القدم بالتصنيف العالمي للفيفا، لكن سمو الأمير وهو العارف ببواطن الأمور لما يتناول المشكلة أو الخلل بشكل عام بل اكتفى بالإشارة إلى مشاركة منتخبنا الأخيرة ببطولة العرب محملا الإعلام والجماهير بعض المسؤولية، وكان بودي لو تناول سموه أسباب تراجع منتخبنا بشكل عام وأسباب تبوئه هذا المركز المتأخر عالميا والذي لم يكن وليد مشاركة واحدة بل بسبب سلسلة من الإخفاقات، وبالطبع فمن غير المعقول أن نحمل الإعلام أو الجماهير مسؤولية ذلك، وإن كنت أرى بأن الإعلام شريك أساسي بالفشل مثلما هو شريك بالنجاح إلا أنني كنت أتمنى من سموه أن يشير ولو تلميحا إلى الخلل الذي تعانيه منظومة كرة القدم السعودية وأن علينا تصحيح هذا الخلل. وإذا ما أردنا أن نعالج هذا الخلل فيجب أن يكون شعارنا وكما أسلفت (لا للاستثناءات.. لا للمجاملات.. لا للمكابرة) حينئذ ستكون النتائج إيجابية للغاية بإذن الله ولتكن البداية من داخل أروقة الاتحاد السعودي لكرة القدم بدءاً من تسريع الخطوات بانتخاب رئيس وأعضاء جدد للاتحاد السعودي لكرة القدم ومرورا بلجان هذا الاتحاد والتي كثر حولها الهرج والمرج ومجاملة هذا ومحاباة ذاك إذ من المفترض بل من الواجب أن يكون الجميع أمامها سواسية كأسنان المشط (!!!)، بحيث نضمن ألا تتكرر أخطاء الماضي، فنرى هذا يعاقب وذاك يغض النظر عنه (!!!)، وألا تترك بعض القضايا أو المخالفات حبيسة الأدراج فيتم تجاهلها وتصبح مثار جدل يؤدي لزعزعة الثقة بالقيادة الرياضية فيكثر الغمز واللمز مما يزيد الاحتقان في الوسط الرياضي، وأضرب مثالا على ذلك، قضية الرشوة الشهيرة التي أثيرت الموسم الماضي وكذلك ما ذكره مستشار الرئيس العام لرعاية الشباب الدكتور صالح بن ناصر حينما قال في حديث تلفزيوني إن الأوراق التي رُفعت للفيفا أو للمحكمة الدولية الرياضية بشأن قضية أحد الأندية لم تكن كما يجب في إشارة (لظلم) هذا النادي!! ولا أنسى تفاوت العقوبات في قرارات لجنة الانضباط واللجنة الفنية ناهيك عن (نشر الغسيل) فيما ذكره مؤخراً الدكتور ماجد قاروب وما تضمنته أقواله من تجاوزات كبيرة بل وخطيرة!! كل هذه الأخطاء وأمثالها من التجاوزات يجب ألا تتكرر كي تستقيم الأمور وتصبح منافساتنا بعيدة كل البعد عن الشبهات التي يجب أن نتجنبها.. وما أشرت إليه يجب ألا يظن البعض أن لا علاقة به فيما تعانيه كرة القدم السعودية ممثلة بالمنتخب الأول بل إن هذا يعتبر من أكبر المعوقات والعقبات.. وبالإضافة لذلك يجب محاسبة الجهاز الفني للمنتخب خاصة وقد مضى على توليه مهمته ما يقارب العام وهذه في تصوري فترة كافية، فبرغم مرور هذه المدة الزمنية ما زال منتخبنا بلا هوية ويكفي أننا حتى الآن لا نعرف من سيمثل المنتخب ومنهم لاعبونا الدوليون على عكس ما يحدث في بقية الدول التي من السهل جداً أن تتعرف على لاعبيهم الدوليين وإن حدث اختلاف فهو بسيط لا يتجاوز لاعبين اثنين أو ثلاثة. وحينما أطالب بمحاسبة الجهاز الفني لمنتخبنا الذي يقوده الهولندي ريكارد فأنا لا أشكك في قدراته كمدرب ولكن علينا أن نقيّم عمله الماضي، فهذا المدرب لا شك أنه مدرب عالمي ولكن هل هو المناسب لهذه المرحلة التي يعيشها منتخبنا وهذا بالطبع وكما أسلفت لا يقلل من قيمته التدريبية ولكن وكما يقال بالأمثال (لكل دولة زمن ورجال) لذا فإن علينا أن نتأكد بأنه -فعلا- هو الأجدر والأنسب والأفضل للمرحلة التي يمر بها منتخبنا، ولن أخوض بهذا الجانب فهناك منهم أقدر وأجدر وأكفأ مني وأكثر دراية، والمهم أن يكون اختيارنا وتوجهنا صحيحا لا تشوبه شائبة. ثم بعد ذلك يأتي دور الإعلام (المرئي والمقروء) إذ يجب محاسبة المسيئين والمتجاوزين وقبل أن يحاسب هؤلاء يجب أن يكون هناك وقفة صارمة مع من أتى بهم ومنحهم الضوء الأخضر وخاصة في الإعلام الأكثر والأشد تأثيراً وأعني بالطبع الإعلام المرئي، فالطرح يجب أن يكون عقلانياً ومقبولاً وأن يرتقي الجميع في آرائهم وأن يغلّبوا مصلحة الوطن على أي مصلحة أخرى، ومن مصلحة الوطن -دون جدال- أن نكون إخوة متحابين، متآلفين، بعيدين كل البعد عمّا يثير الفتن حتى في الرياضة.. فالرياضة أولاً وأخيراً وسيلة وليست غاية، ولعل أمورنا تستقيم بعد ذلك لنلحق بالركب بعد أن تجاوزنا وقد كنا في المقدمة. [email protected] في تويتر@Al_siyat