رواية تداعب المشاعر، وتحلق بك إلى عالم الخيال، تشدك البداية فلا تتركها حتى تعرف النهاية. ذهبت إلى معرض الكتاب في يومه الأخير، وهالني ما رأيته من الجموع البشرية التي تدخل إلى المعرض أفواجاً أفواجاً. شققت لي طريقاً وأنا في شوق لأقتني أكبر عدد من الكتب. أخذت أتجول بين دور النشر وبين هذه الحشود البشرية، أبحث عن الأدب وعن فن الرواية، وأنقل نظري بين هذا الكتاب وذاك. سقط نظري على كتاب بعنوان (الحب المفقود) للكاتبة منيرة النوح. لفت نظري الغلاف، وجذبني العنوان؛ فرفعته بيدي وبدأت أقلب صفحاته بلهفة؛ فأعجبني جمال الخط وجودة الطباعة، ثم شرعت أقرأ الصفات الأولى؛ فشدتني وأسرتني البداية، وتهت مع الأدب الراقي من الأحرف والكلمات مذهولة من قوة الجذب لأسلوب هذه الرواية حتى أفقت على المناكب والأيدي التي تدفعني بقوة، فأسرعت بخطف ما استطعت من نسخ هذه الرواية وأنا أكاد أختنق من الزحمة. أفرحني هذا الكم الهائل من الوفود البشرية التي أتت إلى المعرض، وكأنها في سباق مع الزمن لحصد ما تستطيعه من ثمار المعرفة والخبرات، وأعجبني ما رأيته من تهافت هؤلاء الناس على شراء الكتب الأدبية، وقد كنت ممن يعشق القراءة، خاصة الرواية، وكم أحببت فن الرواية؛ لأنني جازمة على ثقة بأن الرواية هي أسرع طريق لتوصيل الأهداف وما يراد قوله بكل يُسر وسهولة. وكم أحزنني هذا التجمع البشري الذي يئن ولم يجد من (يطبطب) عليه ويعطيه وقتاً أكثر للاستمتاع والترويح في عالم الكتب، وصرخت بصوت خفي: لماذا لم تمدد الفترة الزمنية لمعرض الكتاب أياماً أخرى؟!! لتزيد التغذية الروحية والنفسية، ثم تساءلت بحسرة: لماذا اغتيل معرض الكتاب في يومه الأخير؟! وفي البيت لم يستمر حزني طويلاً؛ فقد أسرعت إلى فتح رواية الحب المفقود متلهفة لإكمال قراءة ما بدأته من الأحرف والكلمات الجميلة، وكم أدهشني روعة الأسلوب وما احتوته من عنصر التشويق والإبداع في الوصف والسرد، وظللت أقرأ بنهم ناسية كل من يجلس حولي؛ فالأحداث شدتني وأسرتني وداعبت مشاعري، ولم أعد أشعر بالوقت ولا بالزمن، فيا ليت جميع الكتب والروايات بهذا التشويق والأدب الراقي.