علم العقيدة هو أهم العلوم على الإطلاق، فالعقيدة الصحيحة هي أهم المهمات، وذلك لأن من صحت عقيدته وسلمت من الشرك الأكبر قبل الله أعماله لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} (48) سورة النساء وعدم المغفرة دليل على عدم القبول، ولذلك قال تعالى مبيناً مصير من يشرك بالله تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار) [رواه البخاري] وفي هذا بيان لأهمية العقيدة فإن سلامتها أساس لقبول الأعمال، فإذا خالط العمل شرك أكبر كان ذلك سببا في فساد عمل صاحب العمل، وإن خالط العمل شرك أصغر أو معاصٍ كبيرة أو صغيرة كان ذلك سببا للقدح في العقيدة ومؤثرا فيها، ويدل على ذلك قول الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ } (16) سورة هود، وقوله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ } (39) سورة النور، وقوله سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً } (23) سورة الفرقان وقوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} (18) سورة إبراهيم، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار). فقوله عليه الصلاة والسلام (ومن لقي الله لا يشرك به شيئاً) يعني أي شرك سواء كان شركاً أكبر أو شركاً أصغر، فإن كلمة (شيئاً) هي نكرة في سياق الشرط فتفيد العموم، ويدل على ذلك قول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}، كما يدل على ما رواه عتبان رضي الله عنه المتفق على صحته قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن الله حرم على النار من قال:لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). ومن الدلائل على أهمية العقيدة الصحيحة؛ أنها سبب لدخول الجنة؛ حتى وإن كان عند صاحبها بعض المعاصي . فإن المعاصي وإن كانت من الكبائر؛ فإنها تحت مشيئة الله عز وجل، فإن شاء عذّب صاحبها، وإن شاء غفر له. وقد دل على دخول أصحاب العقيدة الصحيحة إلى الجنة العديد من الأدلة منها؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وحسنه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: (يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا, ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة). ولما ثبت في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً). فإذا علم المسلم أن العقيدة الصحيحة التي هي توحيد الله عز وجل، وأنها أهم المهمات، وأجل الطاعات. فإن الواجب عليه أن يعمل بهذه العقيدة، وأن يحققها حتى يفوز برضا رب العالمين، ويدخل جنات النعيم، وينجو من عذاب الجحيم، والله الموفق. * عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب