الأستاذ الدكتور عبد الكريم الأصقه - رحمه الله - قد لا يكون اسماً متداولاً إعلامياً؛ لأنه ببساطة شديدة أفنى عمره يتعلَّم ويعلِّم منذ أن غادر مدينته الجميلة الحالمة حائل بداية الثمانينيات الهجرية إلى ألمانيا لدراسة الطب مع سبعة من زملاء الدراسة في ثانوية حائل، وعاد من هناك بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الطب تخصص أمراض باطنة, في الجامعة وفي المراكز والمستشفيات تفرغ لخدمة المرضى وللبحوث والدراسات في مجال الأمراض المعدية، التي كان لها الفضل - بعد الله - في المكافحة والحد من انتشارها على مستوى المملكة والخليج، وبخاصة مرض الحمى المالطية. يعرفه جيداً ويا لها من معرفة المئات ممن تتلمذوا على يديه في جامعة الملك سعود، وصاروا أطباء وطبيبات لهم أسماؤهم ومكانتهم في مختلف التخصصات. لن ينساه الآلاف من الذين أشرف على علاجهم بطيبة قلبه الكبير ونبل وشرف مهنته حتى أصبح الصديق البشوش مع الجميع, مع البسطاء والفقراء قبل وأهم من غيرهم, يسأل، يتابع، يداعب بأرق وأصدق الكلمات الباعثة على التفاؤل, يداوي بابتسامة أمل مشرقة لا تفارقه في عزّ مشاغله وارتباطاته، وربما آلامه كما في ليلة رحيله وهو يستقبل ويعالج ويحتفي بمرضاه في عيادته. أكتب عن البروفيسور الأصقه لأنني أراه نموذجاً رائعاً لعطاء وإبداع وإتقان وبراعة الإنسان السعودي لكفاح وإصرار ونبوغ وتطلع وفكر وإرادة الشباب الحائلي قبل خمسين عاماً؛ لأنه مختلف في إنسانيته وتواضعه وسمو أخلاقه, في أسلوب وطريقة أداء عمله بتفانٍ وتعامله برقي. عذراً أبا ياسر؛ فهذه ثقافتنا، لم ننصفك ونعرف قدرك ونثمّن تاريخك وعطاءك إلا بعد مماتك, أسأل المولى القدير أن يرحمك، ويغفر لك، وأن يلهم أهلك وذويك ومحبيك الكثر الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. [email protected]