أمر طبيعي أن يبادر كتّاب الرأي بإنشاء جمعيتهم المهنية التي تجمعهم؛ حيث إن الصحفيين لديهم هيئتهم، والناشرين لديهم جمعيتهم، والأدباء لديهم أنديتهم، والموسيقيين والفنانين لديهم جمعيتهم، ويبقى كتّاب الرأي لا مكان لهم بتلك الجمعيات والهيئات. جمعية الكتّاب التي أُعلن إنشاؤها مؤخراً بوصفها مؤسسة مجتمع مدني مستقلة تحت اسم جمعية «رأي» يُنتظَر منها الكثير، ويواجهها العديد من التحديات. أول تحدٍّ سيواجه الجمعية هو تحديد أهدافها، ورسم هويتها مبكراً بوصفها جمعية مستقلة، تهدف إلى خدمة منسوبيها. الجمعية لن تكون معارضة أو مضادة لجمعية أو هيئة أخرى، وعضويتها لا تشترط عدم انتماء العضو إلى جمعية أو هيئة أخرى. أي تحالف أو تعارض مع الآخرين سيكون في إطار مصلحة الجمعية وأعضائها ووفق نظامها. إحدى نقاط ضَعْف الجمعيات الأخرى يتمثل في ضَعْف جمعياتها العمومية، وجمعية الكتّاب يجب أن تكون قوتها في جمعيتها العمومية. عليها عقد حلقات نقاش مع الأعضاء ممثلي الجمعية العمومية لمناقشة الأهداف كافة وتفاصيل العمل. لا نريد جمعية عمومية تجتمع لمدة نصف ساعة لسماع تقرير قيادتها دون فرص حقيقية في إدلاء الأعضاء بما يرونه من تصورات. جمعية «رأي» لكي تضمن استقلاليتها يجب أن تؤكد أن العضوية يدفعها العضو مباشرة، وليس عن طريق المؤسسة الإعلامية التي يكتب لها. لا نريد أن نرى الجريدة ذات العدد الأكبر من الكتّاب تدفع عن كتّابها ليحظوا بالمناصب القيادية بها. بوصفي عضواً متوقَّعاً بالجمعية أريد من الجمعية أن يكون لها موقع إلكتروني فعّال، يعرِّف بأعضائها، ويزوِّدهم بالمعلومات كافة التي هم بحاجة إليها، مثل معلومات النشاطات التي تعقدها الجمعية، الجوائز التي يمكن أن يترشح لها الأعضاء، الندوات الخارجية والداخلية ذات العلاقة.. إلخ. أريد موقعاً يثري معلومات الكتّاب الجدد والمتمرسين على حد سواء، كأن يوفر مصادر مرجعية في فنون الكتابة ولقاءات مع الكتاب البارزين تتحدث عن فعل وآليات الكتابة.. إلخ. أتوقع من الجمعية أن تتولى ترشيح الكتّاب المحليين للجوائز المحلية والإقليمية والعالمية ذات العلاقة بمجالهم. أحد أسباب غياب الكتّاب السعوديين عن الجوائز الإقليمية والعربية والمحلية يتمثل في عدم وجود جهات تتبنى ترشيحهم لتلك الجوائز وتساعدهم في إعداد ملفات الترشح. أتوقع من الجمعية أن تكون الجهة المنصفة في ترشيح الكتاب المشاركين في الفعاليات المحلية والخارجية بدلاً من الشللية التي تحدث حالياً فيمن يمثلنا في المحافل المختلفة. أتوقع من الجمعية بعد أن تتجاوز مراحل تأسيسها القيام بعقد لقاء سنوي/ مؤتمر تناقش فيه قضايا الكتابة والرأي. كما أتوقع أن تعقد ورش عمل تدريبية، وبخاصة للمبتدئين، حول موضوع الكتابة والتأليف بصفة عامة. أتوقع من الجمعية أن تضع إطار أخلاقيات أو ميثاق شرف للكتابة، توضح فيه أخلاقيات الكتابة وتعارض المصالح التي يتعرض لها الكاتب والحفاظ على مهنية واستقلالية الكاتب. أتوقع من الجمعية أن تسعى إلى إيجاد صيغ عقود بين الكاتب والجهة التي يكتب لها أو ينشر تحت اسمها منتجة. حالياً، كثير من كتّاب الرأي في المملكة لا يربطهم بالصحف أو الجهات التي يكتبون لها عقود مكتوبة؛ وبالتالي فحقوقهم القانونية غير معروفة، ولا يمكن المطالبة بها في ظل عدم وجود العقود المكتوبة. أتوقع - ولا أرجو أن يكون هذا الهم الوحيد للجمعية - أن تسعى الجمعية للحصول على بعض الخدمات الداعمة لأعضائها، مثل الحصول على تخفيضات معينة.. تلك طموحات، لكن تفاؤلي جعلني أتجاوز كلمة الأمنيات واعتبارها توقعات لما يفكر فيه القائمون على هذه الجمعية. [email protected]