ضمن حلقات النقاش التي دارت بورشة العمل التي أطلقها مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية مؤخراً، طرح سعادة الدكتور عبدالله الطاير ضمن التجارب التي عرضها نموذج المجلس الثقافي البريطاني كمؤسسة تخدم اللغة الإنجليزية ويمكن أن يحتذى بها لخدمة اللغة العربية. الفكرة جديرة بالدراسة ومنها أتوسع فيها بطرح فكرة إنشاء المجلس الثقافي السعودي، وأفضل مصطلح الثقافي لأنه أشمل من مجرد مركز اللغة. طبعاً مع التوضيح أنني لا أجعل هذا بديلاً لمركز خدمة اللغة حيث إن مركز خدمة اللغة من خلال ما طرح سيكون أكاديمياً متخصصاً في دراسات ودعم اللغة العربية وله أهميته التي يجب أن تبقى، بينما الثقافي يعني خدمة الثقافة بمفهومها الواسع والشامل. المجلس الثقافي السعودي، وقد يسمى المركز الثقافي السعودي، أقترح أن يتولى الأتي كمرحلة أولى: 1- تقديم منح بحثية للعلماء والأساتذة غير السعوديين وبالذات من الدول المتقدمة علمياً الراغبين في إجراء بحوث داخل السعودية، مثال منح فولبرايت الأمريكية التي لا تزيد مدتها في الغالب على العام. 2- تقديم منح بحثية للباحثين غير السعوديين في الجامعات العالمية لإجراء بحوث تتعلق بالسعودية في مختلف المجالات. 3- تقديم منح تدريبية لدراسة اللغة العربية (لا تزيد عن ستة أشهر) للراغبين في دراسة اللغة العربية بالتعاون مع مركز خدمة اللغة العربية أو الجامعات السعودية. أحدد المدة هنا حتى تختلف عن المنح الدراسية المنتهية بالحصول على درجة أكاديمية. 4- تسهيل تبادل زيارات الوفود العلمية والثقافية بين المملكة ومختلف دول العالم. تلك بعض مهام المجلس الثقافي البريطاني التي بإمكاننا تطبيقها ليكون هدف المركز الثقافي السعودي هو تقديم وجه حضاري/ ثقافي/ علمي للمملكة بطريقة علمية وعملية حديثة تؤمن بأن أفضل وسائل الترويج هي أن تتيح المجال للآخرين لدراسة ثقافتك والترويج لها بطرق غير مباشرة في الأوساط العلمية بعيداً عن الطرق التقليدية التي نقوم فيها بالحديث عن أنفسنا بشكل مباشر أو عبر دعاية ومعارض سطحية تبهرنا مظاهرها الإعلامية وطقوسياتها الاحتفالية لكن أثرها لا يدوم ولا يمتد. وحيث إن الدكتور عبدالله الطاير المشرف على الملحقيات الثقافية هو من أوحى لي بهذه الفكرة، فإنني أقترح عليه أن يبدأها عبر المحلقيات التعليمية القائمة، حيث إن ما نحتاجه في بداية الأمر هو توفير قسم بالملحقيات الكبرى معني بالترويج لنشاطات هذا المركز بتلك الدول وجامعاتها ومراكزها البحثية المرموقة. بل إن حتى هذا الأمر قد لا يكون مطلوباً بالشكل الكبير في ظل وسائط الاتصال الحديثة وإمكانية التواصل مع العالم عبر موقع إلكتروني تفاعلي مميز. طبعاً هذا المقترح لا يعني أن جهودنا منعدمة في هذا الشأن فهناك بعض الكراسي العلمية تدعمها المملكة ورجالاتها في الجامعات العالمية وهناك المؤسسات العربية والإسلامية المشتركة التي تساهم فيها المملكة ولها علاقة بالشأن الثقافي، لكن ما أبحث عنه هو مجلس ديناميكي سعودي له رؤية وإستراتيجية تخدم أهدافاً بعيدة المدى بشكل علمي مبسط لكنه مقنن ومركز علمياً. ولا يمنع ذلك من استمرارنا ودعمنا لتلك المبادرات بحيث يصبح المركز المقترح رافداً إضافياً ومستقلاً لا يرتبط بغيرنا ولا يرتبط بأشخاص. أخيراً في مجال تمويل نشاطات المركز، أعتقد أن الأمر لن يكون عقبة طالما وجدت الإرادة والرؤية، سواء عبر التمويل الحكومي الرسمي أو عبر دعم شركات القطاع الخاص الكبرى كأرامكو وسابك وشركات الاتصالات وغيرها.