فاصلة: (الصور تجمّل العقل والعاطفة تقنعه) حكمة عالمية في الغربة تتعرف جيداً على قيمة المكان، لا تمر الأشياء بشكل اعتيادي كما في حياتك.. في وطنك وبين أحبابك. في الغربة تصبح للأماكن مذاقات مختلفة فهي لا ترتبط بعاطفة قدر ارتباطها بالهدف الذي أتيت من أجله إلى هذا المكان، كل الأماكن ترتبط بدراستك من قريب أو بعيد، مهما حاولت أن تنفصل عنها. علاقتنا بالمكان ليست مجرد فلسفة إنما هي جزء من تفاصيل شخصيتنا، لأنها جزء من ماضينا.. البعض يدمن المكان -وأي إدمان هو ضعف واحتياج- لكنني أدمنت الرياض هكذا كنت منذ أن عرفتها أو استقبلتني فيها مولودة لم أكن لأفارقها طويلاً، حتى عندما كنت أسافر في رحلات عائلية لم يكن يزيد غيابي عنها أكثر من شهر، اليوم تطوي الأيام والشهور والسنين وافتقد الرياض. لم أكن لأتحمل أن أغيب عن الرياض منذ أن كنت طفلة وحتى كبرت، ولطالما تندر الأصدقاء على ارتباطي بها. الأماكن في الرياض ليست مجرد مساحات فارغة، إنها جزء من حياة كاملة بكل ما فيها من شغب وسكينة، ألم وفرح. الأماكن في الرياض هي ذكرياتي بعض من عمري وامتدادات مشاعر وتجارب صنعتني بكل مافيها من فرح وألم. لم أكن لأتوقع يوما أن أتخلص من إدماني للرياض حتى عرفت أن الأماكن هي الناس.. هي وجوه أحبابنا. الأماكن لا شيء بدون من نحب لذلك حين نحزن من صديق لا نحب أن نتذكر الأمكان التي كنا فيها معه.. وحين نقطع حبل الوريد لأي علاقة أتعبتنا لا نشتاق إلى أماكنها. في مانشستر والرياض وفي كل مدينة أزورها يوجد شيء مني أرتبط بالمكان، وصنع شيء من حلم أو يأس لذلك تصبح الأماكن بدون مشاعر الحب أشبه بالصحاري مساحات من البياض. لكن الرياض بأماكنها هي قصة حبٍّ لا تنتهي.