فكرة جيدة، تلك التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع، عن تأسيس جمعية خاصة بكُتاب الرأي. وتبلغ أهمية هذه الجمعية في أن تكون بيتا لكتاب الصحافة بعد أن تخلت عنهم هيئة الصحافيين السعوديين، مع أن مقال الرأي هو أحد فنون الصحافة، لذا وحتى اليوم لا أفهم ما السبب الذي جعل من هيئة الصحافيين تقوم بإقصاء ما كان ينبغي أن تهتم بهم هيئة الصحفيين قبل الموافقة بالترخيص لجمعية كتاب الرأي. الأمر الآخر الذي أود طرحه، ويهمني ويهم باعتقادي كل الكاتبات والكتاب هو الحماية القانونية، لضمان حرية الرأي والتعبير، بغض النظر عن إن كان صاحب هذا الرأي متوافقا -فكريا- مع مجلس الإدارة أم لا؟ فمن حق الكاتب أن يتطرق إلى الشؤون العامة ويكتب نقدا موضوعيا قد لا يُعجب بعض القطاعات، والتي «بعض» منها يستخدم نفوذه لإيقاف الكاتب وتكميمه، فهل ستكون لدى جمعية كتاب الرأي آلية قانونية تضمن حرية الرأي والتعبير القائمة على العرض المنطقي والنقد الموضوعي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن بعض كتاب الرأي لديهم مفهوم خاطئ عن حرية التعبير فنجد في كتاباتهم نقدا يتجاوز إلى التجريح الشخصي، أو يعتمد على خبر غير موثوق، أو على صياغة -مغلوطة- لخبر أو تقرير من محرر لم يصل إلى درجة المهنية الصحافية، في هذه الحالة هل سيتم تخويل جمعية كتاب الرأي بمعالجة هذه القضية، وأن تكون حكما محايدا، أم أنها ستسير على منهج: «أنصر أخاك ظالمًا أو مظلوما». وفي حال حدث الخلاف بين كاتبين، أقصد بالخلاف هنا الذي يحدث كتابيًا ويُنشر عبر المقالات، وحصل في هذه الحالة تجاوزات شخصية فكيف سيكون موقف الجمعية؟ سؤال آخر.. هل سيكون جميع كاتبات وكتاب الرأي سواسية، أم أننا سنفتتح مقرا جديدا للشللية الذي نراها مستفحلة في كافة القطاعات الثقافية والأدبية بلا استثناء؟ أمر آخر حول رعاية حقوق الكتاب، وكلمة «حقوق» يدخل في مضمونها جوانب كثيرة، فإن كان الحديث عن الحقوق المادية، فهل ستضع الجمعية حدا أدنى لمكافئة الكاتب المادية؟ وهل سيكون بمقدورها حماية الكاتب من المستقبل المجهول؟ فأمر لا يمكن أن ننكره أن مستقبل الكاتب معلق وزاويته قد تُستبدل بغيره في أي وقت دون أي حجة قانونية تحميه، إذ أن أغلب الكتاب ليس لديهم عقود مع الصحف التي يكتبون بها، لذا فإن إيقافهم قد يتم وحتى دون توضيح أسباب، ولنا زميلات وزملاء أوقفوا بسبب تغير إدارات الصحف، لذا فإن وجود الكاتب يعتمد على مزاجية إدارة التحرير، فهل جمعية كتاب الرأي ستحفظ هذه الحقوق؟ وهل بإمكانها التدخل حتى وإن كان هذا ضد الصحيفة التي يكتب فيها أحد أعضاء مجلس الإدارة، مما قد يوقع هذا العضو في إشكالية مع الصحيفة؟ خصوصًا وأن السائد في ثقافتنا وسلوكياتنا أننا نحكم دوما على الأشخاص من خلال أراء ومواقف شخصية وعلى هذا يتم التعامل؟ كثيرة هي الأسئلة التي تدور في ذهني منذ أن قرأت خبر إنشاء جمعية لكتاب الرأي.. وكثيرة هي الأمنيات التي تحلم بواقع مدني ينهض محايدا إلى مرحلة متطورة نتخلى فيها عن الخوف والمحسوبية، يكون التعامل فيها مع الحدث أو الواقعة بعيدا عن الشللية أو الآراء الشخصية، ليخرج لنا هذا الكيان مستقلا ومكملا للمجتمع المدني الذي نبنيه في هذه المرحلة، ليأخذ التشكيل الاجتماعي نموا واعيا بحجم النخبة التي يتوجه لها جمعية كتاب الرأي!