في ذكرى البيعة السابعة والتي تحل يوم الخميس 26 جمادى الآخرة 1433ه- الموافق 17 مايو 2012م فإنه يشرفني أن أرفع باسمي شخصياً وباسم مجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون ومكتبه التنفيذي بأطيب التهاني والتبريكات إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية.. ..وإلى سموولي عهده الأمين على هذه المبايعة الغالية استمرارا لمسيرة البناء والإصلاح والتطوير التي تشهدها المملكة العربية السعودية في ظل هذا العهد الزاهر الميمون مشيدا بالإنجازات الكبيرة التي تحققت والتي حملت معها الخير والرخاء والنماء والعطاء في جميع النواحي والمجالات التي عمت أرجاء الوطن وخاصة رعايته الكريمة للفئات الأكثر حاجة في المجتمع السعودي. إن المملكة العربية السعودية- ولله الحمد- قد واصلت في السنة السابعة بقيادة راعي هذه النهضة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز السير قدما في ركب البناء والتأسيس والإصلاح والتطوير... فما قام به خادم الحرمين الشريفين خلال سبع سنوات يعادل الكثير من السنوات في حياة العديد من المجتمعات وفي تاريخ الكثير من الدول... إنجازات تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته. إن اهتمام القيادة الرشيدة أعزها الله بقطاع الخدمات الصحية الذي شهد نهضة كبرى أدخلت الفرح والحبور في نفوس كل فئات المجتمع حتى أضحت الرعاية الصحية معلما بارزا ونموذجا يحتذى به على المستوى الخليجي والإقليمي وموضع إشادة وتقدير على المستوى الدولي.. فمبادرات خادم الحرمين الشريفين الرائدة والتي سطرها التاريخ بأحرف من نور ومنها تكثيف الإنفاق على قطاع الخدمات الصحية وزيادة الاعتمادات المعززة للصحة مع تنمية إسهام القطاع الصحي الخاص في تحقيق هذا الإنجاز، وإنشاء وتجهيز المستشفيات والمراكز الصحية المعتبرة وتوسعة وتحسين المرافق الصحية القائمة، إضافة إلى مبادرات مقامه الكريم في تطوير القوى العاملة الصحية من الأطباء وهيئة التمريض، وغيرها من المبادرات التي تؤكد على النقلة النوعية التي تشهدها الخدمات الصحية في مملكتنا الحبيبة... وعلى المستوى الخليجي فإن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود التي أطلقها حفظه الله خلال افتتاح أعمال القمة الثانية والثلاثين لأصحاب الجلالة والسمو الأمراء قادة دول مجلس التعاون والتي اختتمت أعمالها في مدينة الرياض مؤخراً ودعت إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد... تحقق الخير وتدفع الشر استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ومواجهة التحديات التي تواجهها، وتتطلب وحدة القول والفعل، وجاءت كنظرة ثاقبة مدركة للحاضر ومستشرفة للمستقبل حيث وضعت مصالح دول المجلس وشعوبها نصب أعينها وكذلك استشعاره حفظه الله واهتمامه بمتطلبات هذه الشعوب والسعي لنقل المواطن الخليجي نقلات نوعية إلى الأفضل من خلال تحقيق المواطنة الخليجية الكاملة وحماية المكتسبات التي تحققت خلال الفترة الماضية من عمر هذا المجلس والعمل على الانتقال بها إلى آفاق أوسع وأرحب وانسجاماً مع واقع يعيشه هذا المجلس بجميع مكوناته الجغرافية والسياسية والديموغرافية بجميع جوانبها الاجتماعية والثقافية والصحية التي تجمع هذا الكيان بصيغتيه الرسمية والشعبية ولتدشين بداية مرحلة تاريخية مهمة في مسيرة العمل المشترك بين دول المجلس... هذه المبادرة الرائدة البناءة التي امتثل لها الجميع وأجبرهم على تدارس كيفية التعامل معها وفتح أجواء في المنطقة والعالم لمناقشة هذه المبادرة وإيجاد زخم سواء للذين يريدونه أو الذي يريدون تأجيله... هذه المبادرة التي تعد نقلة مهمة ونوعية في تاريخ المجلس ودوله الأعضاء في ظل الظروف والمتغيرات التي تمر بها منطقتنا العربية مما يتطلب الوحدة والتئام الصف والوقوف موقفاً واحداً في مواجهة مثل هذه المتغيرات حيث لاقت هذه المبادرة ترحيبا وتأييداً من قادة دول مجلس التعاون والتي سوف تعزز من مواجهة الأخطار الأمنية والاقتصادية والصحية والثقافية... فهذا الاتحاد ليس ترفاً لكنه ضرورة حتمية للتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في كافة الميادين وصولاً إلى الوحدة... فلقد جاءت هذه المبادرة تلبية تلقائية للأمر الإلهي {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، فهي دعوة جاءت تتويجاً للخطوات والجهود التي بذلت في العمل الخليجي المشترك خلال السنوات الماضية للوصول إلى صيغة الاتحاد ونوعاً من أنواع التطوير والنهوض للأمام والتقدم والتعاون الخليجي. إن نظرة خادم الحرمين الشريفين اتسمت بالشفافية المطلقة والحرص التام على أمن وحقوق دول المجلس جمعاء من أي قوى خارجية وتأكيد أن ما يجمع مواطني دول المجلس هو المحبة والأخوة والإيثار والترابط المجتمعي الواحد... إننا بهذا التوجه نعزز مكانة أمتنا الخليجية الإسلامية على الخريطة الدولية كأمة لها كيانها القوي الرصين. وهنا لابد أن أنوّه أيضاً بتوجيه مقامه الكريم ببناء مدينة طبية تتبع لجامعة الخليج العربي في مملكة البحرين وذلك هدية باسم الشعب السعودي لأشقائه شعب البحرين ولدول مجلس التعاون الخليجي بمبلغ مليار ريال، والتي ستكون بمشيئة الله منارة للعلم والعلماء وجامعة متميزة على سواحل الخليج العربي وجسرا للتواصل بين دول مجلس التعاون... هذه المدينة التي تأتي في ظل الخطوات الرائدة والإنجازات المتوالية والقفزات النوعية في مسيرة العمل الصحي ليس فقط على مستوى المملكة العربية السعودية بل على مستوى دول مجلس التعاون حيث تأتي إقامة هذه المدينة لرفع كفاءة الخدمات الطبية وتنمية القوى العاملة وتطويرها وامتداداً لمسيرة العمل الصحي الخليجي المشترك الذي حظي بكل الدعم والمؤازرة من لدن مقامه الكريم، وإنها تعد إضافة إيجابية ومفيدة لمسيرة دول مجلس التعاون إذ إن نمو وتحسين جودة الخدمات الصحية في أي من الدول الأعضاء ينعكس إيجابا وبشكل مباشر على بقية المنظومة الخليجية.... إن الدعم الذي يحظى به مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون ومكتبه التنفيذي من لدن أصحاب الجلالة والسمو قادة الدول الأعضاء لهو موضع إشادة وتقدير منوهاً إلى موافقة القادة حفظهم الله في قمتهم الثانية والثلاثين التي اختتمت اجتماعاتها بالرياض مؤخرا وترأسها خادم الحرمين الشريفين حيث تمت الموافقة على الخطة الخليجية لمكافحة الأمراض غير المعدية وتبني وثيقة المنامة لمكافحة الأمراض غير المعدية، وتوجيه مقامهم الكريم لوزارات الصحة بدول المجلس نحو وضع خطط تنفيذية لهذه الخطة الاستراتيجية بما يكفل توفير العلاج اللازم وإيجاد برامج مدروسة للوقاية من مخاطرها وتوعية المجتمع بهدف خفض معدلات الإصابة بها، حيث إن هذه الأمراض المزمنة تعد من أهم أسباب الوفيات والمراضة في المجتمع الخليجي ذلك أن معدلات الاصابة بداء السكري فقط بدول الخليج تتراوح ما بين 15- 28 % لدى الفئة العمرية أكبر من 30 عاما، وأوضحت الدراسات أن هذه الفئة يعاني ثلثها من ارتفاع الدهون والكولسترول في الدم علاوة على السمنة وارتفاع ضغط الدم وتمثل مجموعة هذه الأمراض 60% من إجمالي حالات الوفاة على مستوى العالم ويتوقع أن تستنزف هذه الأمراض ميزانيات وزارات الصحة بالدول النامية خلال العقد القادم، كما تأتي هذه الموافقة من لدن القادة حفظهم الله تزامنا مع الإعلان السياسي الصادر في قمة الأممالمتحدة خلال شهر سبتمبر 2011م كأولوية صحية عالمية. وبهذا التوجه الكريم تشرع وزارات الصحة في تحقيق غاياتها الأساسية نحو تحسين النمط المعيشي والسلوكيات الصحية وتحسين جودة الحياة ونوعيتها للمصابين بالأمراض غير المعدية ووضع المريض كمحور رئيسي للخدمات الصحية والعمل على رفع مستوى وعي المريض وأسرته بالمرض وكيفية علاجه والتحكم فيه وزيادة عدد المرافق الصحية وفئاتها والمراكز المتخصصة وبرامجها لتمكين المواطن الخليجي من تحقيق الرفاهية الصحية له مع العمل على الحد من ازدياد معدلات الإصابة بهذه الأمراض ومضاعفاتها. كذلك تمت الموافقة على المشروع الخليجي لاعتماد المنشآت الصحية واعتماد المعايير السعودية لاعتماد المنشآت الصحية كمعايير مرجعية خليجية وإمكانية اعتماد المجلس المركزي السعودي لاعتماد المنشآت الصحية كمركز خليجي مرجعي حيث يساهم هذا الأمر بدون أدنى شك في تجويد وتحسين نوعية الخدمات الصحية بكافة مستوياتها بدول المجلس والرفع من قدراتها وتحقيق مفهوم سلامة ومأمونية المريض علاوة على تحسين مخرجات الأنظمة الصحية وجودتها الشاملة المتكاملة لتضاهي مثيلاتها العالمية... لقد صدرت هذه القرارات بعد توفيق الله سبحانه وتعالى ثم بالدعم اللامحدود والتوجيهات السديدة من معالي وزير الصحة الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة الذي يحسب لمعاليه هذا الإنجاز المتميز على المستوى الخليجي والإقليمي والعالمي والذي تفضل معاليه بمراجعة هذين المشروعين قبل عرضهما ورفعهما للقمة الثانية والثلاثين، مثمناً الدور البارز الذي قام به معالي الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني نحو سعيه الحثيث لتبني عرض هذين الأمرين الحيويين واللذين يمسّان كل مواطن خليجي، وعمله الدؤوب في عرض ذلك على المجلس الوزاري ومن ثم اعتماده من قبل قادة دول مجلس التعاون حفظهم الله. إن كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق إلا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بالرؤية الثاقبة والنظرة الموضوعية والتخطيط الاستراتيجي الهادئ المبني على أسس علمية ومنطقية راسخة الذي تميز به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سلمه الله، وحكمة الأسرة المالكة على مرالعصور الماضية الحافلة بالعديد من الإنجازات المشرفة التي تعدت المملكة العربية السعودية إلى العالمين العربي والإسلامي مما يسطر صفحات مشرقة تدعو للفخر والاعتزاز وحفرت مكانة دولية مرموقة للمملكة، كما أنه بجهود خادم الحرمين الشريفين والدور الريادي الذي يقوم به لتعزيز العمل العربي المشترك في شتى المجالات ومختلف الميادين. *المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون