يبدو أن الصحافة أو العمل الصحافي يتعرض في زمننا هذا إلى ضغوط مريرة، وقاسية تخنقه، ولا تتركه يؤدي دوره في إبراز الحقائق ومكامن الفساد وأوبئته الفتاكة، فيلفها الظلام مما يؤدي إلى تدهور المجتمعات من دون رقيب ولا إضاءة على مكامن الداء لمعالجته. فيدب في المؤسسات الحكومية، وغير الحكومية العفن، والخراب من دون أن يعلم أحد ما الذي يدور في تلك المؤسسات الحكومية وغير الحكومية كتخريب التعليم، والصحة، والبنى التحتية وغيرها من المرافق العامة والخاصة التي تحمي المجتمع والدولة من الانحدار إلى هاوية التخريب، والتدمير، والإنهاك ومن ثم انتشار الفقر، والبطالة، والجريمة. وهناك ثلاثة أسباب رئيسة تثير القلق من تلك الضغوط المخيفة والقاسية على الصحافة والعمل الصحافي من أبرزها العولمة الرأسمالية التي تعمل بدأب مثير على تسطيح الصحافة وتحويلها من قيمة إلى سلعة، والثاني هي الأنظمة الشمولية، والتسلطية والتي تضيق بالرأي وحرية التعبير، أما السبب الثالث فهو القوة الكاسحة لثورة المعلومات التكنولوجية التي باتت تنافس الصحافة المكتوبة، سواء في مجال التحليل للخبر أو للرأي أو في مجال نقل الأخبار بسرعة هائلة، ويبقى في هذه الدوامة المظلمة بصيص أمل وتفاؤل وهو بروز وعي عالمي حقيقي لدى الناس بأهمية دور الصحافة الذي تؤديه بصفتها أوكسجين الديمقراطية في العالم، والجسر الذي تعبره الشعوب إلى الديمقراطية، ومشاركتها في صنع القرار، وإدارة الدولة، وما بين القلق، والتفاؤل يمكن رصد تيارين يبرزان حول مستقبل الصحافة، التيار الأول المتطرف يقول بعدم إمكانية إنقاذ الصحافة من الاضمحلال، والتلاشي. أما الرأي الثاني فينصف الصحافة ودورها وأن عليها أن تتأقلم مع ثورة المعلومات التكنولوجية والاتصالات، والإنترنت عبر التعاطي مع ثورة المعلومات التكنولوجية، والتركيز على ضرورة إبراز دورها الاجتماعي والوطني فالمجتمع الحر يحتاج إلى صحافة حرة، والشعب الحر لا يمكنه أن يحكم نفسه بنفسه إلا إذا امتلك الإرادة الحرة، ومداخل المعلومات الحرة والمستقلة حول قضايا العصر، وإلقاء الضوء على تجاوزات أصحاب النفوذ، وأصحاب السلطة الأقوياء. وهذا الرأي يستقيم مع الرأي القائل إن الصحافة ليست سلعة في السوق الاقتصادية بل هي تمثل قيمة كبرى من قيم المجتمع العليا فهي قيمة عليا يحتاج إليها المجتمع المدني لغرس المبادئ، والآراء التي ترفع الإنسان وترفع كرامته، وإنسانيته. - محاضر في جامعة الدمام [email protected]