بعد مقتل محمد مراح بنيران الشرطة الفرنسية تحدث الأشخاص الذين كانوا يعرفونه باعتباره «فتى مؤدب ومهذب». وفي اليوم التالي وفي مدينة فورت ليفين وورث بولاية كنساس الأمريكية تم توجيه اتهام بقتل 17 أفغانيا بينهم سبعة أطفال إلى السيرجنت الأمريكي روبرت بليز الذي هاجم مدنيين أفغان أبرياء أثناء نومهم في قريتين أفغانيتين بالقرب من مدينة قندهار. هناك أوجه شبه عدة بين الحادثتين. فمحمد مراح جذب طفلة من شعرها ليطلق عليها الرصاص. كذلك فعل روبرت بليز عندما جذب الفتيات من أسرتهن ليطلق عليهن الرصاص. بالطبع هنا يكمن أيضا التناظر في دوافع القتلة. فكلا الرجلين استجاب بطرق غامضة «للحرب على الإرهاب» التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001. ففي حالة بليز ربما كان السبب وراء جريمته إرساله للمرة الرابعة إلى ساحات القتال بعد خدمته في العراق 3 مرات ولمدة عام في المرة الواحدة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 حيث تعرض خلالها لإصابات عدة تسببت إحداها في فقدان جزء من قدمه. كما أنه كان يعاني من مشكلات مالية. فالرجل يعتقد أن الأفغان والمسلمين هم السبب في مشكلاته! الحقيقة أن اثنين من الجنود الفرنسيين الثلاثة الذين قتلهم مراح في مدينة تولوز قبل أن ينفذ هجومه على المدرسة اليهودية في المدينة كانا مسلمين. وكان مراح يصطاد جنديا مسلما آخر عندما وجد نفسه خارج مدرسة يهودية وانتهز الفرصة لقتل حاخام شاب وابنيه. لقد كانت جريمته عملا وحشيا لكن اضطرابه النفسي صورها له وكأنه يثأر للمسلمين الذين قتلوا في الحروب بأفغانستان والعراق. بالنسبة للعمل الوحشي الذي ارتكبه العسكري الأمريكي بليز، فقد أسقطه الإعلام الأمريكي والرأي العام الأمريكي من دائرة الاهتمام باعتباره انحرافا بلا معنى وليس له أي دلالة بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية ولا الشخصية الوطنية الأمريكية. والحقيقة أن هذا الحادث يقول لنا ما هو أهم وهو أن الجندي الأمريكي ليس أقوى نفسيا ولا أكثر انضباطا من أي إنسان آخر في العالم. كما أن هذا الحادث يذكرنا بعشر سنوات من الاحتلال الأمريكي لدولة أجنبية هي أفغانستان وأن هذه السنوات تجعل هذا الجيش مكروها. الحقيقة أن الجيش الأمريكي سيصبح أقل أخلاقية وأقل انضباطا إذا ظل ينشر جنوده في مواقع القتال أكثر من مرة دون أن يبدو أمام هؤلاء الجنود أفق لنجاح الحملة العسكرية. والحوادث الأخيرة التي شاهدنا فيها جنودا أمريكيين يتبولون على جثث جنود طالبان ويحرقون نسخ القرآن عرض لنفس الحالة التي جعلت بليز يقتل 17 إنسانا بريئا. ولا يجب أن ينتظر أوباما حتى 2014 لكي يسحب القوات الأمريكية من أفغانستان. فالوقت حان لتعود القوات إلى الوطن. * صحفي أمريكي مقيم في لندن- (جابان تايمز) اليابانية