ما دعاني لكتابة هذه الأسطر هو ما أثاره المدير العام لمطار المدينة بالعدد رقم 17839 وتاريخ 3-4-1433ه بصحيفة المدينة عن معاناة التكدس بالمطار؛ حيث كشف عن أحد اللاعبين الأساسيين في حدوثه عبر إلماحه بوجود (10) كاونترات بالصالة بينما المشغل الفعلي من بينها حقيقة هو من أربعة إلى خمسة كاونترات، أي ما يعادل فقط 50 %؛ بسبب قلة أفراد الجوازات. هذه الإلماحة هي من الأسباب الرئيسية لحدوث ظاهرة التكدس بمطاراتنا. فعندما تهبط الطائرة بأرض المطار فإنها تتجه من المدرج (Runway) عبر الممرات الأرضية (Taxiway) إلى الموقف المخصص لها (Apron)، وبعد الوقوف النهائي تقوم العربات والمعدات الأرضية بالتحرك باتجاه الطائرة؛ لتقوم كل معدة بواجبها التشغيلي في الطائرة كالمعتاد، سواء صيانة أو تعبئة وقود, أو ماء, أو إنزال مريض أو غيرها من الخدمات الأرضية الأخرى، وتليها خطوة انتقال المسافر، سواء أكان حاجاً أم زائراً من الطائرة للصالة لإنهاء إجراءاته النظامية بها، وهنا أي داخل الصالة يتبيَّن لنا جودة العمل التشغيلي بالمطار؛ لأن تكدس المسافرين (Overcrowding) الظاهر للعيان يبدأ من ها هنا، وهو في رحلات القدوم الدولي أنواع ثلاثة كالآتي: - التكدس قبل كاوانترات الجوازات داخل الصالات. - التكدس بعد كوانترات الجوازات بصالة الجمارك. - التكدس خارج الصالات أمام الشارع بعد الانتهاء من جميع نقاط التفتيش سواء جوازات أو جمارك. ولنبدأ بالأول وهو موضوع المقال (تكدس المسافرين قبل كوانترات الجوازات) وأسبابه عديدة، لكن من الممكن تصنيفها إلى صنفين رئيسي وثانوي، فالرئيسي أراه في قلة كوانترات تفتيش الجوازات؛ حيث لا تتناسب وأعداد المسافرين المنتظرين دورهم في طوابير خطية أمام هذه الكوانترات، وهذا مستبعد بمطاراتنا، أو أن أعداد الكوانترات بأجهزتها كافية ووافية لتغطية هذه الأعداد من المسافرين، لكنها تفتقر إلى أفراد وموظفي الجوازات العاملين عليها؛ فليست كل الكوانترات ونقاط التفتيش تعمل على تصريف المسافرين بسبب قلة العاملين عليها؛ ما يؤدي إلى طول فترة مكوث المسافرين بصالة الجوازات خلف الكوانترات، وهذا ما صرحت به صحيفة المدينة، وهو الواقع الذي ينتج منه ظهور التكدس، وتقليل طاقة المطار الاستيعابية؛ وبالتالي الاستثمارية والاقتصادية، فعلى سبيل المثال إذا كان هناك عشر كاونترات جوازات داخل الصالة بينما المشغل الفعلي منها هو خمسة كاونترات، أي النصف فقط من الواقع، فهذا يعني أن الصالة تعمل بنصف طاقتها الاستيعابية، واستمرار العمل بهذه الصورة يعني خسارة اقتصادية يومية، تعادل الموجود، أي فلو كانت صالات المطار كلها تعمل بهذه الصورة فهذا يعني معاناة مطار، أي أن المطار سيفقد نصف طاقته الاستيعابية، فلو كانت طاقته الاستيعابية اليومية تصل إلى أربعين ألف مسافر فإنه سيفقد يومياً عشرين ألف مسافر. وبلغة المال لو أن ما يجنيه المطار من هؤلاء المسافرين كان مقدراً بمليونين من الريالات بناء على طاقته الاستيعابية السابقة الذكر فإنه فعلياً سيفقد يومياً نصفها، أي مليون ريال، هذا من الناحية الاقتصادية والاستثمارية، أما من الناحية الإنسانية فإنها معاناة لذلك المعتمر والزائر للديار المقدسة، فبدلاً من انتظار كبار السن فترة قصيرة فإن هذه الفترة حسابياً ستتضاعف تناسباً مع نقصان 50 % من العاملين المذكورين أعلاه، هذا إن لم يحدث تعطل أو بطء في نوع التقنية المستخدمة لنظام التشييك الذي سيؤدي إن حدث إلى مضاعفة التضاعف الحادث. وإلى لقاء آخر مع تكدس آخر. [email protected]