قصة الكتاب المرفوع من زعماء ووجهاء الطائفة العلوية للحكومة الفرنسية بتاريخ 15-6-1936م برقمها المحفوظ في أرشيف الخارجية الفرنسية (3547) بعد أربع وسبعين سنة على تاريخ الوثيقة المرفقة بقيام دولة نصيرية على الساحل السوري يأتي السفير الروسي في إسرائيل في لقاء صحفي أُجري معه ليقدم لسائليه ما لدى الدبلوماسية الروسية من مشروع تقسيم سوريا على أساس من الطائفية. وقد نقلت قناة العربية هذا اللقاء المهم والخطير على شاشتها يومَيْ الخميس والجمعة 8 و9-3-1433ه - 1 و2-3-2012م. وقد كان هذا اللقاء للسفير قبل يوم من نشر قناة العربية له. وقال السفير الروسي: هناك مشروع لتقسيم سوريا لدولتين (علوية على الساحل وسُنّية في الداخل). هذا الكلام في خطورته يتفق مع موضوع الوثيقة العلوية المرفوعة للحكومة الفرنسية، التي تزامنت تاريخياً مع واقع الإضراب الذي عرفته سوريا أمام حُكْم الاستعمار الفرنسي لها سنة 1935م، والذي امتد 50 يوماً تزامناً مع وفاة الزعيم إبراهيم هنانو - رحمه الله -، وكان يحكم فرنسا يومها الاشتراكيون برئاسة اليهودي الفرنسي (ليوم بلوم)، وقد عجزت قوات الاستعمار الفرنسي عن تعطيل الإضراب السوري، مع ما ذهبت إليه في سياستها من القمع والقتل والسجن على الشعب السوري، ويومها لم تجد فرنسا إلا الخضوع للطلب السوري بالاستقلال عن فرنسا؛ فاعترفت رسمياً بحقوق سوريا وشعبها في الاستقلال، وأعلنت إقالة وزارة (الشيخ تاج الدين الحسني) وجاءت بوزارة انتقالية برئاسة (عطا الله الأيوبي). وقد سعت هذه الوزارة إلى إدارة المفاوضات السورية الفرنسية بشكل هادئ، بعد أن رحَّبت فرنسا بعقد معاهدة مع السوريين، تضمن لهم استقلالهم وحريتهم. وتألف الوفد السوري المفاوض الذي سيقصد فرنسا من كلٍ من هاشم الأتاسي رئيساً، وعضوية كل من جميل مردم وسعد الله الجابري وفارس الخوري والأمير مصطفى الشهابي وأدمون الحمصي، إضافة إلى غيرهم من المشاركين. وقد وصلوا باريس، وبعد وصولهم لها، تم التوقيع بعد التفاوض مع الفرنسيين على معاهدة 15-10-1936م، وعاد الوفد بعد التوقيع إلى دمشق. وفرنسا وجدت في البنية الطائفية السكانية المكوِّنة للمجتمع السوري، خاصة منهم أبناء الطائفة النصيرية - العلوية وأبناء هذه الطائفة، خير معين للفرنسيين في استعمارهم لسوريا، عندما تطوعوا بالجيش الفرنسي ضد أبناء بلدهم، فكانوا فرنسيين أكثر من فرنسا في عدائهم لسوريا وأهلها، وواقع حال ما تعيشه سوريا اليوم في ظل حكم آل الأسد يصدق ذلك، في كرههم للشعب السوري وولائهم الطائفي على حساب ولائهم الوطني. وعلى واقع خوف وجوه الطائفة النصيرية من استقلال سوريا عن فرنسا، في ضرب مصالحهم الطائفية التي جاءتهم مع استعمار فرنسا لسوريا، بعد أن أمدوها بأبناء الطائفة؛ ليكونوا عوناً لها في سوريا، من خلال عسكرتهم في الجيش الفرنسي، وقد أذاقوا الشعب السوري في عسكرتهم هذه أقسى أنواع الإهانة والمذلة لمواطنيهم السوريين، وذاكرة التاريخ تحتفظ بهذه الصورة في عهد الاستعمار الفرنسي، فإننا نشهد ما يؤيدها اليوم في ظل حكم آل الأسد الطائفيين. وفي العودة للحديث عن عدم ولائهم الوطني فقد ناهضوا الشعب السوري في نزوعهم إلى الاستقلال مع الإضراب العام الذي عرفته سوريا، وترتب عليه تشكيل الوفد السوري، بقصد التوقيع على استقلال سوريا مع الحكومة الفرنسية؛ فقد سبق وجهاء الطائفة الوفد السوري الذي قصد فرنسا للتفاوض مع حكومتها بشأن الاستقلال، وذلك في الكتاب الذي رفعوه إلى رئيس الحكومة الفرنسية (ليوم بلوم)، وقد حُفظ الكتاب في أرشيف الخارجية الفرنسية كما هو مبيَّن في الكتاب المرفق بكامل فقراته وأصوله، وهذه هي صورته التي لطالما احتفظتُ بها وحرصت على عدم نشرها لمدة تزيد على الثلاثين عاماً إيماناً مني بعدم إثارة موضوعها فيما مضى، وعلى واقع ما يعيشه الإعلام السوري من تهويده الناس اليوم فقد وجدت ضرورة نشر هذه الوثيقة بوصفها خير برهان على تهود وتودد زعماء الطائفة ووجهائها إلى اليهود، على حساب كرههم لمواطنيهم من العرب والمسلمين السنة، كما تشير هذه الوثيقة إلى عدم مصداقية وجهاء هذه الطائفة بوصفهم ممثلين لأبناء طائفتهم، في ولائهم الوطني، إذا ما قيس بولائهم الطائفي ونزوعهم إليه، وتلك هي الوثيقة كما رفعها زعماء الطائفة العلوية لرئيس الحكومة الفرنسية (ليوم بلوم)، وهو يهودي الأصل، وصديق خاص لعراب الحركة الصهيونية وزعيمها بعد هرتزل (وايزمن)، ورقم الوثيقة في سجلات وزارة الخارجية الفرنسية (3547)، وتاريخ 15-6-1936م، وبنفس الرقم والتاريخ تحتفظ سجلات الحزب الاشتراكي الفرنسي بصورة من الوثيقة. عبدالكريم السمكة