أتوجه بشكر الله عز وجل الشافي الذي لا تنام عينه ثم إلى القيادة الحكيمة للملك الصالح عبد الله بن عبدالعزيز الذي يقود هذه البلاد إلى أرقى المستويات التنموية وإلى ولي العهد الأمين نايف بن عبدالعزيز الساهر على الأمن والاستقرار للوطن فلقد عشت أياما تحت مظلة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إثر وعكة صحية تعرضت لها ووجدت خلالها في تخصصي الرياض ما لا أجده في مصاف الدول المتطورة من العناية والاهتمام المنقطع النظير معاملة وتعاملا لكل المرضى بدون استثناء وكل من تحدثت معه يثني على مستوى الخدمات بجميع أنواعها وأشكالها التي تقدم في هذ الصرح الطبي الفريد، الذي دشن من قبل الملك فيصل رحمه الله رحمة واسعة في الثالث عشر من شهر الخير رمضان من العام 1390ه الموافق الحادي عشر من نوفمبر 1970م، وقال كلمته المشهودة في يوم التأسيس: إن هذا الصرح خالصا لوجه الله» لا رياء ولا دعاية، وإنما هو قيام بالواجب الذي أوجبه الله علينا لخدمة ديننا ووطننا وأمتنا». هذه أول مرة أتلقى العلاج في هذه المؤسسة الرائدة التي يتولى قيادتها نخبة متميزة في العطاء الإنساني طبيا وإداريا بقيادة المشرف العام على المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل معالي الدكتور/ قاسم بن عثمان القصبي الذي يدير هذا المنجز الضخم بكفاءة عالية. أيادي حكماء متخصصة خلاقة وفرق طبية كخلية النحل من أمثال الفريق الطبي للطبيب الماهر سعادة الدكتور/ محمد بن ناهض القويز والفريق الطبي للجراح المتمرس سعادة الدكتور علاء عبدالله الحازمي تسهر على راحة المرضى لا يريدون منا إلا الدعاء أن يكلل أعمالهم بالنجاح والفلاح. هذا الصرح الجبار في عطائه للوطن والمواطنين يستحق أن تسجل إنجازاته بالثواني فكل الوقت محسوب ورصده ضرورة ملحة فما يقدمه يفوق التصور ومن حقه توثيق ما يعمل داخله، أعرف أنه من الصعوبة بمكان رصد كل الخدمات لجلها فالمشروع عملاق والإلمام بمحتوى التقديم ليس سهلا ولكن العشم في الإدارة العليا التي تقود هذه المؤسسة العامة نوعيا وكميا بكل اقتدار حيث يوجد في هذا المستشفى كوادر وطاقات شابة تستطيع أن تعمل الكثير خاصة في ظل وجود الحكومة الإلكترونية التي لاحظت أنها تطبق بكل جدارة في إدارة هذا الصرح الطبي، ويمكن أن تكون نواة للتشبيك بين المؤسسات والمراكز الطبية داخل الوطن وخارجه ممثلة في وزارة الصحة المبارك عملها. أيام تخصصي الرياض لا تنسى إطلاقا فمن داخله الرعاية الفائقة للفرق الطبية ومن خارجه عشت معنى التلاحم الأسري الذي يحف أبناء هذا الوطن العزيز من مختلف أطيافه فهذا مجتمع تتمثل فيه أزهى آيات التعاضد والمحبة والألفة وهو مجتمع الخير كما وصفة خادم البيتين عند عودته من الرحلة العلاجية حيث صاح الوطن لأبي متعب «نحن بخير ما دمت بخير»، مجتمع بناه المؤسس عليه شآبيب رحمته في وحدة وطنية متميزة واستمر عليه ملوك الدولة السعودية في ملحمة تاريخية نخبوية وهذا هو الثمر الذي وصل إليه مجتمعنا السعودي في تربية تستمد جذورها من الأصالة وفق الثوابت غير القابلة للتغيير فالمجتمع السعودي يتفرد بظاهرة الترابط الاجتماعي غير الموجودة في كثير من المجتمعات ومن يعيش الواقع يجده مرسوم فهذه الرسائل الإلكترونية ووسائل الاتصال المختلفة والزيارات للمرضى والتي تعد من صلب العملية التواصلية في مجتمع الخير حيث يطمئنون ويتشافون لهم ويعودونهم ويسألون عنهم ليل نهار، الكثير منا قد عاش خارج الوطن إما موظفا أو مبتعثا أو زائرا لدول متعددة والبعض تعرض لوعكات صحية وخاض تجربة الاختلاف بين المجتمع السعودي والمجتمعات الأخرى من حيث الترابط والتراحم والتعاضد ففي أوقات الشدائد تعرف الأشياء. كما امتدحت من قبل في القول الصائب: جزى الله الشدائد كل خير..... الملاحظة التي يمكن أن ينوه إليها هنا هو محبة الزائر لزيارة المريض سواء يعرفه أو لا يعرفه أو التبرع بالدم حيث يجسد معنى العطاء الإنساني فعندما تشرفت بزيارة مجموعة من طلاب العلم من جامعة الملك سعود وتجاذبنا أطراف الحديث أشرت إلى أهمية دعم المؤسسات الطبية بكل ما نستطيع حتى لو بقطرة دم، فز أحدهم وقال هذه دعوة كريمة وقال أنا وزملائي مستعدون للتبرع، هذه بعض المواقف التي تبرهن على انفرادية المجتمع السعودي في التضحية والمحبة والألفة. وللتخصصي جهود كبيرة نوعية وكيفية وللعاملين فيه بمختلف فئاتهم الشكر والثناء والتقدير على أدوارهم المعبرة عن إخلاص وصدق فيما يؤدونه من أعمال رائدة، وهم بالفعل جديرون بالدعم والمساندة والتطوير؛ فاليوم هو يوم الاستمرارية في تطوير الكوادر والذي توليه المؤسسة العامة للمستشفى العناية والدعم والمساندة وللمزيد في هذا الطريق يعد إشارات مضيئة في تطوير الكوادر وتدريبها والمحافظة على مستوى هذه الخدمات فالوصول إلى القمة ممكن ولكن الاستمرار فيها هو التحدي الحقيقي وكاتب هذه السطور يدرك أن المسؤلية ليست تمرا يؤكل بل لا بد من لعق الصبرا. المؤسسات العملاقة بمختلف أشكالها أصبحت اليوم تستقطب وتحافظ على كوادرها المتميزة من أجل التنافس العالمي والإغراءات كبيرة جدا فقد يوجد عالم في مؤسسة يطير بها إلى الآفاق وآخر يرجعها إلى الورى عقودا والأمل معقود على تخصصي الرياض في المحافظة على هذه النخبوية من الكوادر الطبية واستقطاب المتميزين وعدم التفريط فيهم. فهي مؤسسة عالمية والفيصل عليه رحمة الله مؤسس هذا الكيان قال قبل اثنين وأربعين عاما إنه يأمل «أن يستفيد من المستشفى أبناء الوطن والأشقاء والمجاورون وكل من احتاج إلى العلاج» وهذا أعطاه البعد المحلي والعربي والعالمي. فالهم كبير وهو ليس مستشفى عادي بل هو مؤسسة عملاقة كبيرة تجلت في رؤية ملك ودعمت من قبل ملوك الدولة السعودية وتوج بتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأورام وأمراض الكبد وهو مركز عملاق وفق أعلى المواصفات العالمية وهذا يبرهن على اهتمامه أيده الله وتوجهاته في تلبية هموم الوطن والمواطنين لتقديم أرقى الخدمات الطبية لهم. الشكر موصول لكل من زار أو اتصل أو دعاء في ظهر الغيب من خارج المملكة وداخلها من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء وأعضاء مجلس الشورى ووزارة التعليم العالي وخاصة جمعية أسر التوحد الخيرية برئاسة رئيس مجلس الإدارة صاحبة السمو الأميرة سميرة الفيصل آل سعود صاحبة المواقف الإنسانية الحانية وإلى نائب رئيس الجمعية سعادة الدكتور إبراهيم العثمان وكافة الأعضاء نساء وذكورا وإلى الزملاء والزميلات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية وبالأخص جامعة الأمير نايف بن عبدالعزيز ومديرها سعادة الدكتور عبد العزيز بن صقر وجامعة الملك سعود، كلية التربية وعميدها سعادة الدكتور عبدالله العجاجي ورئيس قسم التربية سعادة الدكتور عثمان المنيع - الذين ترددوا زرافات إلى المستشفى. وإلى كافة المبتعثين في أرجاء المعمورة ومن يترأس على الملحقية الثقافية السعودية عبر الأطلسي في أمريكا سعادة الدكتور محمد بن عبدالله العيسى وزملائه الأفاضل الذين رغم مشاغلهم الكثيرة إلا أنهم يجدون وقتا للسؤال بارك الله في جهودهم. إلى كل هؤلاء وغيرهم كثر أقول مغادرا تخصصي الرياض لقد مريت بتجربة فريدة أثبتت أن مملكة الإنسانية بخير وعطاءها لا ينضب وأخيرا وليس آخرا إلى المنبر الإعلامي المعطاء جريدة (الجزيرة) للدور البناء في هذا العصر الميمون.. وبالله التوفيق والعون والسداد. - أستاذ أصول التربية المشارك جامعة الملك سعود - كلية التربية