الشابة البريطانية (كيري تريبلكوك) البالغة من العمر (21 عاماً) قالت (أمس الأول) عبر صحيفة (الصن): إنها ستقهر المرض الغريب الذي جعلها تأكل (4000 أسفنجه تنظيف) وأكثر من (100 قطعة صابون) وأنها مصرّة على الاستحمام دون التهام (قطع الصابون) مجدداً، وأنها ستتمكن من (غسيل الصحون) دون الشعور بالجوع..!. طبعاً (كيري) تعاني من حالة تسمى (بيكا) تجعل المصابين بها يأكلون أشياء (غير صالحة) وضارة، وهناك من (الأطباء والباحثين) من يهتم بحالتها ويتابع هذه الظاهرة. قبل نحو (7سنوات) قصدت (محافظة المجمعة) شمال الرياض، حيث ذُكر لي أن هناك (فتاة عشرينية) تعاني من مرض (غريب ونادر) يتمثل في خروج (قطع زجاج) من عينيها بدلاً من (الدموع)..!. كنت ما بين (مكذب ومصدق) حتى رأيت ذلك (بأم عيني) والطبيب يستخرج من جفونها (قطع صلبة)، وتم تصوير الحالة وعرضها عبر (الشاشة)، فيما كان (الطبيب) المتابع لحالتها هو الآخر يعاني من عدم تصديق هذه (الظاهرة الطبية) ممن حوله، الذين يرون أن هناك لغزا يكمن في أن الفتاة تضع (قطع الزجاج) أثناء النوم أو ما شابه (خفية)، أو أنها تعاني من (حالة نفسية معينة) تدعوها لفعل ذلك..؟!. عرضنا القصة ولم يعرها أحد من (وزارة الصحة) أو غيرها أي اهتمام..!. ولا أعلم ماذا حل بعد ذلك (بالفتاة وحالتها)..!!. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا هذا التجاهل و(عدم الاهتمام) بمثل هذه الحالة، كما حدث مع (كيري) التي يتابعها (الأطباء) باهتمام لدراسة (ظاهرتها طبياً)، وإخضاعها لمزيد من التحليل والفحص بحثاً عن حل وتفسير.؟!. إن الغرب يتفوق علينا (بالاهتمام) فقط، وهو الذي يخلق (الأدوات) التي تساعدهم على بحث (الظواهر الطبية) وإيجاد التفسير والحلول واكتشافها والسبق لعلاجها. يوجد لدينا (معامل وأبحاث) معظمها يعتمد على (حالات مستوردة) يتم بحثها وفق (آليات غربية)، بينما هم قلة من الباحثين الذين جعلوا (المجتمع المحلي) مُزوِداً لأبحاثهم ومصدراً لتعرفهم على ظواهره الطبية والنفسية والجينية التي تكتشف (داخلياً)، ولعل قصة الباحث عبدالرحمن من الأحساء التي ذكرتها في (مقال سابق) بتسجيله جينات وراثية سعودية مكتشفة باسمه، وبعض الأبحاث الخجولة التي تمت في (القطيف والخبر) وعلى استحياء حول أثر زواج (الأقارب) و(الجينات الوراثية) دليل على قدرتنا على التفوق والاكتشاف وحجم الاستفادة التي سنجنيها من مثل هذا التوجه..!. فقط نحتاج لبعض التركيز على (ظواهرنا الطبية) في مجتمعنا بجدية لتحقيق السبق والتفوق، واللحاق بالآخرين عبر تسجيل هذه الظواهر واكتشاف أسبابها، ودعم الباحثين عن التميز والاكتشاف ومساندتهم للتوصل لطرق العلاج. بالأمس مثلاً أعلن موقع (لايف ساينس) الأمريكي عن فوائد الرضاعة للأم والجنين، خصوصاً فيما يتعلق (بكمية الدم) التي تخسرها (الأم بعد الولادة) و(تقلص الرحم) ليعود لحجمه الطبيعي بعد الرضاعة.. أليست نساؤنا أكثر المجتمعات (رضاعة لأطفالهن)..؟!. فما المانع من تسجيل واكتشاف هذه النتائج (المعروفة لدينا مسبقاً)..؟!. إنه الدعم والتشجيع وعدم (الاستخفاف) بما قد يتوصل إليه (الباحثون السعوديون) وتفريغهم لمزيد من الإنجاز باسم الوطن. وهذا برأيي (دور مشترك) لا تتحمله جهة بعينها..!!. وعلى دروب الخير نلتقي.