برأ معالي الفريق سعد بن عبدالله التويجري مدير عام الدفاع المدني، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تهمة منع رجال الدفاع المدني من دخول مدارس البنات لإجراء عمليات الإنقاذ والإخلاء، مؤكداً أن ما أثير في وسائل الإعلام «ظلم وعارٍ من الصحة». وقال الفريق التويجري في حوار مثير وشامل مع «الجزيرة» إن المدارس والجامعات، كغيرها من المنشآت معرضة للحوادث، مؤكداً أن التحقيقات «أثبتت خلو حادثة مدرسة بنات جدة من العامل الجنائي. فيما بيَّن أن تنسيقاً عالياً يجري مع الجهات ذات الاختصاص ل «منع إقامة أية مخططات أو تجمعات مستقبلية في الأودية ومجاري السيول»، كما أكد مدير الدفاع المدني أن الطرق الحالية «تساعد -إلى حد ما- في سرعة وصول الدفاع المدني فيما لو التزم قائدو المركبات بأصول وقواعد السير وعدم استخدام الخطوط الجانبية كطرق إضافية. وكشف الفريق التويجري عن بدء تشغيل نظام إدارة البلاغات وتتبع المركبات والتوجيه الملاحي بغرف عمليات الدفاع المدني كتجربة في محافظة جدة ل «توجيه الوحدات والفرق الثابتة والمتحركة للتعامل مع أي حادث طارئ بكل يسر وسهولة دون إهدار للوقت، الذي يعد العامل الرئيس في نجاح أعمال الدفاع المدني». حوار مثير نطالع الحلقة الأولى منه في هذه السطور: * معالي الفريق، يدرك الجميع المخاطر التي تتسبب بها السيول أثناء هطول الأمطار، خصوصاً أن بعض الأحياء في المدن الكبيرة أُنشئت في مجاري أودية كبيرة ومعروفة. نتساءل هنا ما هي الآلية التي يتبعها الدفاع المدني لمواجهة مثل تلك المخاطر، وما هي الحلول لما هو قادم؟ - تعلمون أن المديرية العامة للدفاع المدني ترتبط بها 13 مديرية، وذلك وفقاً للتوزيع الإداري للمناطق بالمملكة، وكل مديرية من تلك المديريات يرتبط بها عدد من الإدارات والمراكز الداخلية والخارجية، ويوجد بكل من تلك المديريات والإدارات والمراكز الخارجية إدارات وشعب وأقسام معنية بتحليل المخاطر ترتبط بالإدارة العامة للحماية المدنية في شؤون العمليات، وهذه الإدارات والشعب والأقسام تقوم بعمليات مستمرة لتحليل المخاطر، ومنها المخاطر الناتجة عن السيول، ويتم تحديثها كل عام وفقاً للمتغيرات والمستجدات وما يحدث من تطورات. بالنسبة لما هو قائم الآن من أحياء سكنية على مجاري الأودية، فهي في الواقع أحياء قديمة سبقت الدراسات وتحليل المخاطر التي تقوم بها المديرية العامة للدفاع المدني حالياً. ورغم ذلك لم نغفل هذا الجانب، فهناك أعمال كثيرة تمت لمعالجة أوضاعها حفاظاً على سلامة المقيمين بها ولدرء ما يحيط بهم من مخاطر. أما الأحياء والتجمعات الحديثة فهي بكل تأكيد تخضع لتنسيق على مستوى عال مع الجهات ذات الاختصاص وبالذات مع وزارة الشؤون البلدية والقروية لمنع إقامة أية مخططات أو تجمعات مستقبلية في الأودية ومجاري السيول. * هل حددت المديرية العامة للدفاع المدني مسؤوليات الجهات ذات العلاقة للقيام بواجبها تجاه الشوارع والطرقات الخطرة، ماذا لديكم عن ذلك؟ - الدفاع المدني هو مجموعة من الإجراءات والأعمال اللازمة لحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من أخطار الحرائق والكوارث والحروب، وإغاثة المنكوبين وتأمين سلامة المواصلات والاتصالات وسير العمل في المرافق العامة وحماية مصادر الثروة الوطنية، وذلك في زمن السلم والحرب والطوارئ. هذا هو تعريف الدفاع المدني بالمفهوم الشامل. ومن منطلق هذا التعريف فإنه يحق للمديرية العامة للدفاع المدني التنويه عن كل أمر تراه يشكل خطراً على السلامة العامة أو أمر فيه تحقيق للمصلحة العامة ولا يرتبط أمر تنفيذه بالمديرية العامة للدفاع المدني بل يرتبط بوزارة أو جهة أو مصلحة أخرى. ولعل فيما تقوم به المديرية العامة للدفاع المدني من تحليل للمخاطر وإحالتها للجهات المعنية بالتنفيذ خير دليل على اهتمام المديرية العامة للدفاع المدني بكل ما له علاقة بسلامة الأرواح والممتلكات. وقطعاً فإن الطرق ومخاطرها واحدة من تلك المخاطر التي ندرسها ونهتم بها ونحيل أمر معالجتها للجهة المعنية بمعالجتها. * وقعت في الآونة الأخيرة بعض الحوادث التي صنفت على أنها كوارث.. سؤالي هنا عن إدارة الكوارث. ما مدى تفعيلها؟ وما هو مفهوم هذه الإدارة؟ - لعلي هنا أبدأ بمفهوم إدارة الكارثة، فهو كغيره من المفاهيم العلمية، إذ لا يوجد اتفاق محدد على مفهوم إدارة الكارثة بين المهتمين، فكل يعرف المفهوم من زاوية اهتمامه. ويمكن تعريف إدارة الكارثة بأنها مجموعة من الأعمال والإجراءات التي يتم اتخاذها في مراحل الكارثة الثلاث (قبل-أثناء-بعد) واستغلال كافة الإمكانات بهدف الحد من وقوع الكارثة أو التقليل من آثارها بعد الوقوع. أما تفعيل إدارة الكوارث فلدينا بالدفاع المدني تنظيم إداري لمواجهة الكوارث يتماشى مع متطلبات إدارة الكوارث: فهناك مجلس للدفاع المدني يرأسه سمو سيدي ولي العهد وزير الداخلية وبعضوية كافة الوزارات المعنية بإدارة الكارثة. وهناك لجان للدفاع المدني في كافة مناطق المملكة برئاسة سمو أمير المنطقة وعضوية مديري فروع الوزارات المعنية في المناطق. وهناك مجالس فرعية في كل محافظة برئاسة المحافظ وعضوية مديري فروع الوزارات في المحافظات. وهذا التنظيم يضمن اتخاذ القرار لمواجهة الكارثة بالسرعة الكافية وتوفير كافة المتطلبات التي تحتاجها الجهات المعنية أثناء إدارة الكارثة بالإضافة إلى أن المديرية العامة للدفاع المدني تقوم بإجراء التدريبات اللازمة والخطط الفرضية على كيفية مواجهة الكوارث لتفعيل الإيجابيات ومعالجة السلبيات لضمان الجاهزية التامة عند وقوع الكوارث -لا قدر الله. * يشتكي البعض من عدم وصول فرق إطفاء الحرائق والإنقاذ في موعدها لمكان الحادث. هل هذا صحيح؟ وإن كان كذلك فما هي أسباب هذا التأخير؟ - أولاً قبل الإجابة على هذا التساؤل أود أن تسمح لي أن أتطرق إلى أن عمل الدفاع المدني يرتبط ارتباطاً مباشراً بمسألة الوقت، فالثانية لدى رجل الدفاع المدني تساوي الكثير ونحن نسعى في المديرية العامة للدفاع المدني إلى سرعة الاستجابة وفقاً للمعايير الدولية المحددة في هذا الجانب، ومنها المعايير التي حددتها المنظمة الدولية للوقاية من الحريق NFPA ولكن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في سرعة الاستجابة وأبرزها ما تعانيه المدن الكبيرة مثل الرياضوجدة من الازدحام في الطرق والشوارع الرئيسة على مدار الساعة. ولعدم وجود خطوط بديلة لسيارات الطوارئ فإنه عند وقوع حوادث في أماكن تتطلب عبور الطرق الرئيسة مثل الدائريات، فإن وصول فرق الدفاع المدني يصطدم بمثل هذه العوائق ما يؤدي إلى عدم الوصول في الوقت المناسب بالإضافة إلى أن المبلغ نفسه ربما يتسبب في تأخير وصول وحدات وفرق الدفاع المدني الميدانية بتأخره في البلاغ وارتباكه عند وقوع الحادث أو عدم معرفته رقم طوارئ الدفاع المدني 998 وعدم إعطاء الوصف الدقيق لمكان الحادث. ولمعالجة ذلك قامت المديرية العام للدفاع المدني ممثلة في الشؤون الفنية وشعب الاتصالات السلكية واللاسلكية بالمناطق بتركيب نظام إدارة البلاغات وتتبع المركبات والتوجيه الملاحي بغرف عمليات الدفاع المدني. وقد بدأ تشغيل النظام كتجربة في محافظة جدة وعلى ضوء نتائجها سيتم تعميمه على كافة مناطق المملكة، حيث يتيح لغرفة عمليات الدفاع المدني توجيه الوحدات والفرق الثابتة والمتحركة للتعامل مع أي حادث طارئ بكل يسر وسهولة دون إهدار للوقت، الذي يعد العامل الرئيس في نجاح أعمال الدفاع المدني. ويعد نظام أوتوماكس العامل بالدفاع المدني لإدارة البلاغات وسيلة سهلة للاستخدام تجمع بين التكنولوجيا المتطورة جداً وبين ديناميكية إدارة البلاغ. ويتمتع النظام بتبادل المعلومات وحفظ البيانات بطريقة أكثر فاعلية وبشكل موثوق. وسيتمكن منسوبو غرفة العمليات من معرفة ما هو مطلوب منهم دون هدر للوقت. * في الآونة الأخيرة حصلت حوادث في بعض المدارس والجامعات. ما هي مسبباتها؟ وما صحة ما يقال عن أن بعضها متعمد؟ - المدارس والجامعات، كغيرها من المنشآت، معرضة للحوادث فيها لأي سبب من الأسباب، ولكن إذا كنت تقصد الحوادث التي حصلت مؤخراً في مدارس البنات وبالتحديد حادث مدرسة البنات الأهلية في جدة، فإن اللجنة المشكلة في هذا الجانب توصلت إلى سبب الحادث، كما أعلن عنه في حينه، حيث قامت مجموعة من الطالبات بإشعال حريق في البدروم وكان الهدف من ذلك هو اختبار أجهزة الإنذار بالموقع وتشغيلها. ولم يكن هناك أي بعد جنائي في الحادث. كان فقط مجرد عبث من مجموعة من الطالبات. إلا أن هذا لا يعني عدم وقوع حوادث جنائية أو كما قال البعض إن إرجاع أسباب بعض تلك الحوادث إلى الأحداث إنما هو إلقاء للمسؤولية عليهم وإبعادها عن الآخرين متناسين أن هناك دور رعاية للأحداث في كل دول العالم، مما يؤكد أن الحدث يمكن أن يقوم بالجريمة ولكن الدافع إليها قد يكون عبثياً. * صدر بيان من الدفاع المدني يشير إلى أن معظم حوادث المدارس والجامعات بفعل فاعل، أي أنها جنائية. متى يعلن عن الجهات المتسببة في ذلك؟ - سبقت الإجابة عن جوانب كثيرة من هذا التساؤل. وهناك إدارة للتحقيق تباشر كافة الحوادث ومتى ما ثبت لدى المحقق جنائية الحادث فإنه يرفع للحاكم الإداري لإحالته للجهة المختصة لاستكمال إجراءات التحقيق فيه وتطبق العقوبات المناسبة بحق مرتكبيه. * هل فكرتم في إنشاء مخارج طوارئ سريعة لاستخدامها أثناء الحرائق خصوصاً في المدارس أو المباني العالية، وهل هي مجدية؟ - هذا الأمر لا يحتاج إلى تفكير، فهو موجود وقائم منذ سنوات وفقاً للأنظمة واللوائح المعتمدة التي تحدد عدد ونوع ومواصفات مخارج الطوارئ ومسالك الهرب طبقاً لحجم وطبيعة استخدام المنشأة. وهي دون أدنى شك مهمة ومهمة جداً أثناء الحريق لاستخدامها في سرعة إخلاء المبنى دون حدوث أضرار بالعاملين في المنشأة. * كان هناك اجتماع مع المسؤولين في وزارة التربية والتعليم بخصوص منشآتها. ماذا تم بهذا الخصوص؟ وهل توصلتم إلى إستراتيجية معينة؟ - هناك اجتماعات مستمرة مع الجهات الحكومية والأهلية ومنها وزارة التربية والتعليم وهناك تنسيق مستمر، إذ إن غالبية خططنا الفرضية كتدريبات وتمرينات تجري داخل منشآت وزارة التربية والتعليم وتم عقد اجتماع على مستوى عال بين المختصين من المديرية العامة للدفاع المدني ووزارة التربية والتعليم لمراجعة الإستراتيجيات الموجودة وتفعيل بعض الجوانب ومعالجة جوانب القصور فيها لتحقيق أقصى درجات الأمن والسلامة في هذه المنشآت. * هل صحيح ما يثار عن أن تدريب العاملين والعاملات في المدارس مشروع فاشل؟ وهل من إيضاح؟ - غير صحيح. أنا لا أتفق مع هذا الحكم، ولتحكم على مشروع بالفشل يجب أن يبنى هذا الحكم على دراسات علمية دقيقة تستخدم مناهج تجريبية تحدد لك معياراً علمياً يبين حدود النجاح والفشل. والتدريب بصفة عامة ظاهرة جيدة وعامل رئيس من عوامل الاستعداد المسبق للحالات الطارئة. ولكن لا بد أن تعد البرامج التدريبية بصورة جيدة ومناسبة وأن يتم تنفيذها بطريقة تضمن النجاح والوصول إلى الأهداف المرجوة من إعداد هذه البرامج. وأي موضوع تدريبي يتوقف نجاحه أو فشله على مجموعة من العوامل أبرزها (نوعية البرنامج - المدرب - المستفيد من التدريب) وأي قصور في عامل من هذه العوامل سوف يؤثر على البرنامج التدريبي وربما يؤدي إلى فشله. * ما صحة ما أثير من أن رجال الهيئة منعوكم من دخول إحدى مدارس البنات لإنقاذ الطالبات من جراء حريق؟ - هذا غير صحيح. على العكس هم من ساهم معنا وساعدونا. ما يقال عن الهيئة ظلم وعار من الصحة. إن الإعلام شريك لنا في كشف أي سلبية ولكننا نرفض التجني علينا أو على الهيئة والافتراء من قبل بعض المراسلين. * حسناً.. كثرت في الآونة الأخير حوادث الحريق في المستودعات والمحلات التجارية. هل يمثل ذلك ضعفاً في تطبيق إجراءات السلامة في هذه الأماكن؟ - هناك قاعدة علمية تم بناؤها وفقاً لمجموعة من الدراسات أثبتت أن هناك تناسباً عكسياً بين تطبيق إجراءات السلامة وبين عدد الحوادث التي تتم. ووفقاً للإحصائيات فإن الحوادث التي وقعت في المستودعات والمحلات التجارية ليست عالية مقارنة بعدد هذه المستودعات والمحلات التجارية والتنمية الكبيرة التي تمر بها المملكة. ومن هنا فإن التزام هذه المنشآت بإجراءات السلامة واللوائح المحددة لذلك يقلل من فرص وقوع الحوادث علماً بأن المديرية العامة للدفاع المدني تقوم بجولات تفتيشية على كافة المواقع حيث بلغت عدد المنشآت التي تم الكشف عليها لتطبيق اشتراطات السلامة 209.742 خلال عام 1432. * هل لديكم إحصائيات عن حصر ما وقع من حرائق وتلفيات؟ وكيف تقيم الأضرار؟ وهل يعوض أصحاب هذه الممتلكات؟ - صحيح.. أي حادث يقع يشارك فيه الدفاع المدني في كافة مناطق المملكة يتم استكمال كافة البيانات المتعلقة بهذا الحادث وتحديد الأسباب المؤدية لحدوث هذا الحادث أو الخسائر والتلفيات الناتجة وكافة الإجراءات اللازمة لذلك. ولدينا إدارة الإحصاء تقوم بمقارنة أعداد ونوعيات وأسباب الحوادث ورفع تقارير دورية وتقرير سنوي لمقام وزارة الداخلية وللجهات المعنية. فمثلاً نجد أن إحصائية الحوادث التي وقعت خلال العام المنصرم 1432 لكافة عمليات الإطفاء والإنقاذ والإسعاف قد بلغت 66592 حادثاً في كافة مناطق المملكة، شاركت فيها وحدات الدفاع المدني الميدانية، أما بالنسبة للتعويض فنحن نقوم بإعداد التقرير اللازم ويرفع للجهات المعنية ويعوض من تنطبق عليه الشروط وفقاً للتعليمات المحددة لذلك لدى كل جهة.