لم يكن نفي الأمين العام لحزب الله اللبناني «حسن نصر الله» الاتهامات الأمريكية له بالتورط فى صفقات مخدرات وغسل أموال لإيجاد مصادر تمويل، إلا إعترافا مباشراً بتلقيه دعماً مالياً وعسكرياً من إيران، وكأنه أراد أن يُنكر تهمة، فألقى نفسه في تهمة أخرى تجُره إلى التهمة الأولى؛ نصر الله قال أمام حشد جماهيري في الضاحية الجنوبية لبيروت: «إن الله أغنانا بدولته الإسلامية في إيران عن أي فلس في العالم حلال أو حرام»، وهو الاعتراف الأول والصريح على ما أظن!. وأضاف: «إننا في حزب الله نتلقى الدعم المعنوى والسياسى والمادى بكل أشكاله الممكنة والمتاحة من الجمهورية الإسلامية فى إيران منذ العام 1982»، و قال إن «هذه الحقيقة كانت فى السابق تقال بشكل جزئى، كنا نقول لدينا دعم معنوى وسياسى، وعندما نسأل عن الدعم المادى والعسكرى نسكت حتى لا نحرج الجمهورية الإسلامية (إيران)». نصرالله صرح العام 2006 وبعد أن تسبب في دمار بيروت « إننا سنعيد بناء ما خربته الحرب بأموال نظيفة !» مُلمحا إلى مليارات الدولارات التي تسلمها من طهران. تجارة المخدرات وغسل الأموال أرتبطت في المنطقة بإيران ولبنان، ويمكن إضافة تمويل الإرهاب لهما؛ الحرس الثوري الإيراني إعتمد في تداولاته المالية، وعملياته الإرهابية على صفقات المخدرات، كمدخل رئيس للحصول على خدمات العصابات الدولية كما حدث في قضية إغتيال السفير السعودي «عادل الجبير». يُعتقد أن الحرس الثوري الإيراني يقف خلف كميات المخدرات المهولة التي تُصدر إلى دول الخليج، وعلى رأسها السعودية. لأسباب مرتبطة بعمليات غسل أموال، وتجارة المخدرات تم بيع البنك اللبناني الكندي قسرا، بإشراف صريح من البنك المركزي، وإخراجه من السوق المصرفية اللبنانية في شهر «مارس» من العام الماضي؛ البنك اللبناني الكندي أتهم في شهر فبراير 2011 بالتورط في أعمال شبكة دولية لغسل الأموال وتجارة المخدرات. الادعاء الأميركي أدرج أسماء ثلاثة بنوك لبنانية إضافية، من ضمنها أحد أكبر البنوك اللبنانية، في ملف الاتهامات بعمليات غسيل الأموال لمصلحة حزب الله، إضافة إلى توجيه الإتهام لأحد المسؤولين البارزين في «مصرف لبنان» وسلطات المطار لأسباب مرتبطة بتسهيل العمليات. وتشير (الاتهامات) إلى أن «مؤسسات مالية لبنانية تضم مؤسسات مرتبطة بحزب الله يزعم بأنها حوّلت أكثر من 300 مليون دولار الى الولاياتالمتحدة لشراء وشحن سيارات مستعملة إلى غرب إفريقيا كجزء من خطة لتبييض الأموال ومن ثم نقل الأموال من مبيعات السيارات والمخدرات المهربة إلى لبنان عبر أقنية يشرف عليها حزب الله». عمليات غسل الأموال لم تكن مرتبطة بلبنان فحسب، بل كشفت التحقيقات الأمنية عن عمليات غسل أموال ضخمة تمت في مملكة البحرين، والكويت، والرابط بين هذه العمليات العلاقة المشبوهة بإيران، وحرسه الثوري!. التقرير الأميركي للعام 2008 اعتبر «لبنان» من «الدول الرئيسة في غسل الأموال»، لذا لم يكن مستغربا تصفية أحد مصارفها العام 2011 وتوجيه الاتهام إلى حزب الله المُسيطر فعليا على القطاعات الأمنية والمالية؛ ما زالت التبادلات المالية في لبنان تشكل خطرا كبيرا على المنطقة؛ فالفساد المالي يقود دائما إلى مشكلات أمنية تتجاوز تداعياتها الحدود. أعود إلى ما (أنعم الله به على حزب الله اللبناني من الأموال الإيرانية «النظيفة» ) والتي أغنت الحزب عن «أي فلس في العالم حلال أو حرام» وأقول أن تدفقات الأموال الإيرانية لا تخرج عن مصدرين رئيسين؛ موارد الدولة المتأتية من مبيعات النفط؛ أو الخمس الذي يدفعه أتباع المذهب الشيعي للولي الفقيه، وغالبيتهم من دول الخليج؛ الموارد النفطية حقٌ للشعب الإيراني الجائع والفقير، والذي يئن تحت أزمة اقتصادية خانقة، وعوزا غير مسبوق، وليست هبات تُقدم للحزب من أجل استغلاله ضد دولته، والدول العربية، ولتحقيق الأهداف الإيرانية، وعلى رأسها الإرهاب الدولي لتوفير أمن إيران. تلقي الأموال من الخارج لأهداف متعارضة مع مصلحة الدولة يُصنف ضمن قضايا الخيانة العظمى. أما إيرادات الخمس فهي حق للفقراء والمساكين، ويُحرم استغلالها في غير ذلك؛ إلا أن الفتاوى السياسية والثورية ربما فتحت الباب على مصراعية لمصارِف الخمس، وبما يحقق الأهداف التوسعية والتخريبية في الدول العربية، ويحرم فقراء ومساكين الشيعة منها. اتهامات «حزب الله» اللبناني بتجارة المخدرات وغسل الأموال ما زالت في بداياتها، والأيام القادمة حُبلى بالأخبار المؤلمة التي ربما سمحت بتوجيه اتهامات غسل أموال وتمويل إرهاب لقيادات مصرفية، أمنية، وسياسية خاصة وأن حسابات بعض الزعامات اللبنانية المتضخمة في المصارف العالمية باتت مُغرية للمسؤولين عن تطبيق القانون الدولي، وبذلك يمكن تحقيق هدفين رئيسين وهما، مصادرة مليارات الدولارات العائدة لمتهمين كثر؛ وضرب عصابات المخدرات وغسل الأموال والمتورطين معهم في المنطقة.