دائما ما ينصحنا الحكماء وكبار السن بالحرص على الادخار والتوفير وحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود وهي نصيحة ذات بعد إستراتيجي في غاية الأهمية، ولكنني وللأسف قلما نجد ناصحا بالاحتفاظ بذكرياتنا جميلة ولحظات الفرح في حياتنا لنجالد بها الأيام السوداء ونحتمي بها في لحظات الضيق والكرب التي لا توفر بشر! فالأموال لو ادخرت والجواهر لو كنزت ربما لا تكفي لإسعادنا ونشر البسمة على الشفاه! فالبشر يركزون فقط على المتع الحسية وفاتهم أن هناك متعاً أروع وهي متع الفكر واللذائذ المعنوية وهو ماعبر عنه المحامي الحصيف جون فوستر بقوله: أمتع الأشياء في الحياة هي الأفكار المبهجة وإن أعظم فن في الحياة هو اجتناء أكبر قدر منها). لذا ما أروع أن نجمع اللحظات السعيدة والذكريات الجميلة فحاجتنا إلى تلك الذكريات أكثر من حاجتنا للنقود فاستدعاء هاتيك الذكريات الجميلة والتحليق في أرجائها هو الذي يجعل من خريف العمر ربيعا ويصنع الفارق المذهل في القدرة على تحويل أفول العمر من ألم وهم وظلال من يأس إلى غروب شمس أخاذ ممتع على صدى لحن عبقري شجي. ذكرياتٌ داعبت فكري وظني لست أدري أيها أقرب مني هي في سمعي على طول المدى نغمٌ ينساب في لحنٍ أغن ادخر ذكرياتك بتسجيلها واحرص على تدوينها، و اجعلها منها نجما لامعا في سمائك تنير ما قد يظلم من أيام، استدعها في ليلة يضرب الهم أطنابه في أعماقك ويقف الغم بينك وبين الكرى تدعوه فيطرده وفي لحظة تظن أن لا أحد في التاريخ أشقى قلبا منك ولا نجم أنحس من نجمك واستنشق معها نسمات السعادة غصنا طريا واجعل من الذكريات الجميلة ربيعا يهيض بجناحيه نحو قلبك وروحك، وإليك بعض التلميحات في هذا الشأن: 1 - افتح من فورك حسابا للذكريات الجميلة ولا ترحل الفكرة لوقت لاحق فإن ذكرياتك الجميلة كنز أثمن من الجواهر، ولا تعتمد على الخاطر في حفظها فالذاكرة لن تسعفك باستردادها فهي تضعف وتترهل وتعطي الأولوية دائما للأحداث السلبية فقط بحسب الدراسات. 2 - عد للماضي وحاول شحذ الذاكرة واستدع كل ما تستطيع استدعاءه من ذكريات وسجله وابحث حاليا في بيتك ومكتبك عن أي تذكار من فندق فخم سكنته أو أي قائمة طعام لمطعم فاخر ذهبت إليه صورة في مكان جميل لك هدية من عزيز، وثّق أي ثناء سمعته أو أي هدية أهديت لك. 3 - إن أفضل وسيلة معينة على جمع الذكريات الجميلة اقتن سجلا فاخرا ملونا يستوعب الصور والكروت ولا تكتفي بالأوراق أو الملفات وستجد أمواجا من فرح تغمرك عندما تقلب صفحات هذا السجل حيث المفاجآت العذبة. 4 - من المهم الانتباه للحظات الجميلة وأهم من هذا هي محاولة صناعتها وهي مهارة جميلة وفن عجيب, ولا تقل إنما تأتي عرضا وتزور صدفة، بادر أنت بنفسك لتوليدها ونشرها في حياتك ومن وسائل صناعة ذكريات جميلة: اقتناء كاميرا رقمية بمواصفات عالية جدا وضع جدولا لزيارة الأماكن غير العادية والمميزة، التقط صورا كثيرة ثبت التواريخ والمكان والصحبة، قم بأشياء لا تخلو من جراءة ومغامرة ومن طرق صناعة الذكريات الجميلة السعي للالتقاء بالمشاهير وأخذ تواقيعهم والتصوير معهم وعندما تفعل هذا فسوف تدخر لحظات جميلة وتجمع مشاهد رائعة ستنعم باستعادتها في أيام مزعجة وهي كفيلة -بإذن الله- بتغيير حالتك الشعورية وتزويدك بمدد من رضا وسرور.