حينما تتفق الآراء المنصفة حول شخصية فذة أنها متميزة نظراً لما تتصف به تلك الشخصية من رقي نادر في ما تقدّمه للناس من عطاء إنساني أو اجتماعي أو إبداعي فلا غرابة في ذلك، بل هو الشيء الذي يجب أن يكون وإلا كانت الموازين التي يُقاس بها المتميزون تعاني من الخلل والتطفيف والكيل المجحف ولو تمعن في فئات المجتمع المختلفة لوجد الفرق الشاسع بين من يُبخس حقه الواضح، إما بالتهميش أو التجاهل أو التجني من قبل من تتبع آراؤه مصالحه الشخصية على حساب الإنصاف والحق. ومن التجني الأخف - رغم أذاه- أن يُقرن اسم متميز فعّال متفان بآخر ليس له من التميز إلا شهرته بالوضاعة فكراً وطويةً وعملاً ويُقال إن من سبقه أفضل منه، فهنا وجه المقارنة فيه من الظلم والتجني الكثير كأن يقول قائل إن الشهد ألذّ من الحنظل أو إن الكريم أطيب من اللئيم، وقد صدق الشاعر الذي قال: ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا