حظي الشأن الثقافي في المملكة بعنايةٍ خاصَّة، ضمن ما توليه القيادة الرشيدة «حفظها الله» لكل الجوانب والمجالات من اهتمامٍ، بما يُسهم في رُقيِّ وتقدُّم المملكة. وبالقدر الذي تتفاخر فيه الأمم بالمنجزات الحضارية، والتطوُّر الكبير، بالقدر نفسه تفخر بما تكتنزه من مَوروث ثقافيّ، ومخزونٍ فكريٍّ يدلُّ على عُمق هذه الحضارة وقوَّتها، وقدرتها على التعايش مع المستقبل. وفي المملكة كان للشأن الثقافي النصيب الأوفر من العناية والاهتمام؛ لحفظه من الاندثار، وتأكيد الجذور الراسخة لهذا المنجز الثقافي، الذي ينبثق «ولله الحمد» من أصالةٍ إسلاميَّة، ومنهجٍ قويم. وتأتي «الجنادريَّة» كمهرجانٍ وطنيٍّ ثقافيٍّ وتراثيّ، يضمُّ بين جنباته ذلك الإرث العظيم لهذه الدولة المباركة؛ لتُعيد صفحاتٍ من المَجد، التي عاشها الآباء والأجداد، متوكِّلين فيها، بعد الله، على سواعدهم التي حوَّلت القفاري الفارغة إلى مدنٍ وتجمُّعاتٍ سُكَّانيَّة، طوَّعوا فيها الحجر والمدَر والشجر؛ لتوفير سُبل العيش والحياة، في ظلِّ العقبات والصعاب؛ لتكون رسالة على قوَّة الإرادة، والعزم الصادق . ولم تكن تلك المباني والقلاع والحصون التي أخرجت بأشكالٍ فيها من الذوق الرفيع والأناقة، ما دعا عددًا من المهتمِّين والباحثين لدراستها، بل إن تلك الأجيال خلَّفت لنا إرثًا ثقافيًّا، وتراثًا عالميًّا، فيه من التألق الإبداعي والمعرفة والحِكمة، ما يؤكد على مكانة هذه الحضارة وصلابتها. وعندما تضمُّ «الجنادريَّة» تلك المكنونات الثقافيَّة من شرق وغرب وشمال المملكة في قلب عاصمتها الرياض، فإنما هو امتداد لمسيرة الوحدة تحت راية التوحيد، التي بدأها المؤسس «يرحمه الله»، في أكبر عمليَّة وحدةٍ ناجحةٍ شهدها العصر الحديث، منطلقةً من حضارةٍ عريقةٍ متأصِّلة، ورسالةٍ سامية، وهدفٍ نبيل، ولُحمةٍ وطنيةٍ فريدة . وتبقى «الجنادريَّة» اليوم محلَّ استقطاب الجيل الحالي؛ ليروا بأمِّ أعينهم تلك الأيام العسيرة التي عاشها الآباء والأجداد، وما يعيشونه اليوم من رخاءٍ وتقدُّمٍ وتطوُّر في غضون سنين قليلةٍ لا تُعدُّ في أعمار الدول، بتوفيق الله أولًا، ثم بما أنعم الله على هذه البلاد من خير ونماء، في مقدِّمتها ولاة أمر جعلوا الله نِصب أعينهم، ثم رخاء وعِزة أبناء شعبهم هما شُغلهم الشاغل، فتحققت لهم الأمنيات والتطلعات، حتى باتت المملكة اليوم من الدول التي يُشار إليها بالبنان بكل فخرٍ واعتزاز. وتأتي مشاركة المنطقة الشرقية في «الجنادريَّة» في «بيت الخير» استكمالًا للنجاح الكبير الذي تحقق للبيت في عامه الأول بتوجيهٍ ومتابعةٍ من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية لينقل الصورة المشرِّفة للمنطقة الشرقية وتاريخها الغني ضمن نموذج فريد، يُحاكي في تصميمه وبنائه وبرامجه جميع محافظات المنطقة، نتيجة لاهتمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية والجهود الكبيرة التي يبذلها القائمون على المهرجان. وأسأل الله العلي الكريم أن يحفظ ديننا ووطننا وقيادتنا الحكيمة وأن يوفقهم لما يحبه ويرضاه.