اطلعت على ما كتبت الأخت الفاضلة دانة الخياط، في الجزيرة ص 30 يوم الخميس 18 صفر 1433ه تحت عنوان لماذا لانصبر؟ فأقول لقد أحسنت الكاتبة فيما كتبت، وذكرت شيئاً يسيراً من صبر الأنبياء وأغفلت نماذج من صبر إمام الصابرين محمد صلى الله عليه وسلم. أيها القراء وإن الحديث عن صبر النبي يحتاج إلى صبر، والحديث عن شجاعته يحتاج إلى شجاعة، والحديث عن أيامه يحتاج إلى أيام, وما أحوج الأمة أفراداً وشعوباً وحكومات إلى هذا الخلق النبيل والوصف العظيم وخصوصاً أنها تمتحن، وأنها تبتلى وأنها تختبر في خطوب جسيمة وكروب عظيمة، لقد خنقوه - عليه الصلاة والسلام، وضربوه وطردوه من وطنه، وقبل ذلك أدموا عقبيه وهو يمسح الدم عن جسده الشريف، عليه الصلاة والسلام، ويقول لملك الجبال: لا، لا تطبق عليهم الأخشبين، علّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، وأصيبت ابنته زينب فصبر، ثم رميت زوجته وحبيبته وحليلته عائشة، يتحدث الناس في فراشه أكثر من شهر ثم صبر، تكلم أهل النفاق في فراشه ثم صبر، لقد صبر حتى على أصحابه - عليه الصلاة والسلام {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف 35, حتى على زوجاته صبر عليهن، وكلامهن، وحياتهن، لأنه عليه الصلاة والسلام الصابر المصبّر، صبر على العيش، يخرج إلى الأحزاب يربط بطنه من الجوع وهو من هو؟ محمد صلى الله عليه وسلم أكرم الناس، وأفضل الناس، يظل جائعاً، بل يظل الشهر يتلوه الشهر لا يوقد في بيته نار، هو من أصبر الناس، بل هو أصبرهم، ما أحوج الأمة إلى اقتفاء أثره, ما أحوجنا أيُّها القرَّاء إلى الصبر في هذه الخطوب والكروب التي تلاحق الناس، تلاحقهم حتى بيوتهم، ما أحوج المسلم إلى أن يصبر على زوجته، وعلى ولده كما صبر محمد صلى الله عليه وسلم على زوجاته وأصحابه، وجيرانه صبر ثم كانت العاقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فاصبر على زوجتك وولدك وجيرانك ومجتمعك، واصبر على إيذاء الناس لك، وكلامهم فيك، وأخذهم لحقك، اصبر على الصلاة، اصبر عن أكل الربا وأكل الحرام، والوقوع في أعراض الناس، فإن العاقبة للصابرين, أسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلني وإياكم ممن اقتفى أثر محمد صلى الله عليه وسلم وتمسك بسنته. فهد بن سلمان بن عبدالله التويجري - المدير العام المساعد لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم