ما بال الناس أو كثير منهم لا يصبرون على شيء حتى أصبح الصبر ثقيلا عليهم وأمر عليهم من المر. لقد بتنا في عجلة من أمرنا.. في مأكلنا نبحث عن الوجبة السريعة، وفي السيارة الكثير يسابقون الريح حتى لو كان ذاهبا الى مقهى ويعرضون حياتهم وحياة الآخرين الى الخطر.. وفي أعمالنا البعض لا يطيق ساعات العمل، وفي معاملاتنا الكل في عجلة من أمره.. وفي حواراتنا لا نصبر على سماع الآخر، وفي خلافاتنا لا نصبر على حق الآخر، وفي متاعب الحياة والابتلاء هناك من لا يستطع عليها صبراً.. والكثير الكثير من ظروف الحياة غاب الصبر من إنسان العصر، مع أنه فضيلة قرنها الله سبحانه بالجنة جزاء لمن صبر. ولكن هل الصبر وحده جزاءه الجنة.. إن جزاء الصبر لا يكون الا بالرضا والشكر فهناك من يصبر مرغما على بلاء أو ضيق ويبدي تضرره وتذمره دون حمد وشكر على ما قدر الله، أما من يصبر صبرا جميلا ويحتسب بشكر الله فإن الجزاء من الله بغير حساب قال تعالى : (فاصبر صبرا جميل) وقال سبحانه (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). وفي قوله : (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم : (واعلم أن النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا) والصبر كفضائل كثيرة تحتاج الى العزيمة الصادقة والرضا والقناعة والشكر على هذه النعم، يقول تعالى في سورة لقمان : (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور). تقول رواية إن عمران بن حطان كان من أخطب الناس وأفصحهم، وكان من أقبح الناس وجها وكانت امرأته من أجمل النساء قالت له يوما : (إني لأرجو أن ندخل الجنة أنا وأنت.. أما أنا فلأني ابتليت بك فصبرت، وأما أنت فلأن الله تعالى أنعم عليك بي فشكرت. والصابر والشاكر في الجنة) .. فما أحوجنا الى أن نمسك بمفاتيح الخير وهي كثيرة ولا تحتاج منا الا إلى العزيمة وتقوى الله والصبر وشكر النعم.. فالحمد رأس الشكر وأوله وهو أول آية في كتاب الله الكريم : (الحمد لله رب العالمين) يقول صلى الله عليه وسلم، : (الحمد لله تملأ الميزان) وقوله عليه الصلاة والسلام: (أفلا أكون عبدا شكورا). إن الكثير من متاعب الناس أمس هي من سوء تصريفهم وسوء تقديرهم ومن قبل ذلك ضعف ايمانهم وعدم الصبر على أمور الدنيا، بل أكثر من ذلك هناك من لا يطيق صبرا على عبادة الله وشكر نعمه ويغفل أو يتغافل عنها. ويهدر الوقت الكثير في اللهو ومشاغل الدنيا ويتكاسل عن الصلاة، او يؤديها في عجلة ودون خشوع. يقول الامام الغزالي رحمه الله : (الصبر ملاك الايمان لأن التقوى أفضل البر. والتقوى بالصبر والصبر مقام من مقامات الدين).. وأن الايمان نصفان متصف في الصبر ونصف في الشكر). إذا كيف ينعم الله علينا بكل هذا الخير والجزاء الحسن مع أن الصبر والشكر لا يكلف شيئاً وإنما فقط الرضا واليقين بفضل الله ونعمه في الدنيا، وحسن ثواب الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : (عجبا لأمر المؤمن. ان أمره كله خير. إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وان أصابته سراء شكر فكان خيرا له).. أخيرا أنصح نفسي واياكم بالصبر الجميل.. اللهم اجعلنا من الصابرين الشاكرين. حكمة : الصبر مفتاح الفرج.