يعتبر الرضوي أشهر رسام أنجبته المنطقة الغربية السعودية حتى الآن. ويقابله محمد السليم في المنطقة الوسطى، وكلاً منهما عاصر الآخر.. وكل واحد منهما ينازع الآخر على ريادة الفنون التشكيلية في المملكة في العصر الحديث، وكلاهما يمثل بيئته، فالسليم يمثل البيئة الصحراوية القروية النجدية، والرضوى يمثل البيئة البحرية المدنية الحجازية؟! وقد سمعت بالرضوي لأول مرة عن طريق الصحافة وهو يدرس في إيطاليا وكانت الصحف في ذلك الوقت تثني على جهود السفير السعودي في إيطاليا: عبدالرحمن الحليسي في رعاية هذا الشاب الموهوب الفقير (المبتعث إلى إيطاليا لدراسة الفن التشكيلي)، وقد عاد من إيطاليا وأظنه درس في أسبانيا كذلك وسمى نفسه بالبروفيسور الدكتور: عبد الحليم رضوي، وممما قرأته في الصحف ولاسيما من نقاده أنه لم يكن يحمل هذا اللقب العلمي الرفيع بمؤهل، وإنما كان يحمل شهادة قد تكون في مستوى الدبلوم وتسمى «بروفيسيرا» بالأسبانية وهي قطعاً أقل من درجة الدكتوراه أو الماجستير؟! والفنان أو الشاعر لا يحتاجان إلى شهادة ويكفي شهادة الموهبة والإبداع الفطرية فيه! ويتميز الرضوي عن السليم بعقل معيشي؟! وبعلاقات اجتماعية واسعة.. وبوجوده في مدينة جدة.. وبرئاسته لفترة طويلة من الزمن لفرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، كما أن حضوره في المحافل الثقافية وفي الصحافة وفي المعارض الخارجية بالذات فضلاً عن الداخلية أقوى من حضور «السليم». وقد تعرفت عليه في جدة بين أعوام 1402ه - 1408م وأصبحنا نلتقي أسبوعياً في منزل الشاعر: يحيى توفيق نلعب «الورق» ونتسامر. كان الرضوي خلال علاقتنا «جنتلمان» فهو لا يتعمق في الصداقة أو العلاقة الشخصية كما أنه يبدو دائماً مشغولاً.. ويسرح أحياناً وأنت تحدثه أو تلعب معه «الورق»!؟، لكن شخصيته مريحة.. وهو مجامل.. ونشيط، وقد استفاد من كل علاقاته ووظفها لمصلحته الفنية والشخصية، وصال وجال في مجتمع جدة وفي صحافتها، كما استفاد معنوياً ومادياً من علاقاته الواسعة ببلدية جدة ورئيسيها المهندس: محمد سعيد فارسي، وعمل معظم الأشكال الفنية الجميلة على الكورنيش، وكان يباشر عمله بنفسه ويقضي الساعات الطويلة مع مساعديه في الشمس المحرقة؟! ولكنها أعمال صغيرة في شكلها وحجمها؟! إن الرضوى.. بعكس السليم رسام يعرف كيف يعيش وكيف يعمل.. وكيف ينجح.. وهذه إحدى مواهبه التي تضاف إلى موهبته الكبيرة في الفن التشكيلي وفي النحت. وعندما تركت جدة عام 1408ه، لم أره بعدها إلا عندما أقام معرضاً له في إحدى صالات فندق «مسرة انتركونتننتال» بالطائف، وذهبت إلى هناك لمشاهدة المعرض والسلام عليه، وأهداني نسخة مصورة ولكنها موقعة من إحدى لوحاته عنوانها «فتح الرياض» كما أهدى مثلها لمعظم الحاضرين أيضا.. ووقع لهم. وعندما عدت لجدة، ذكر لي بأن الفنان مريض بالقلب في المستشفى فذهبت إليه في اليوم التالي ومعي باقة ورد، وكانت صحته في تحسن وقد فرح بزيارتي له وجلست معه بعض الوقت وودعته على أمل لقاء، ولكن ذلك اللقاء لم يتم، ومات رحمه الله بعد فترة قصيرة من رؤيتي له للمرة الأخيرة.