من أهم الدراسات التي اطلعتُ عليها أثناء حضوري « ندوة دور وسائل الإعلام، في تطوير أداء الأجهزة الحكومية» التي نظّمها معهد الإدارة العامة بالرياض (3 صفر 1433ه- 27 ديسمبر 2011م) دراسة ميدانية أجراها كل من: «عبد الله بن متعب السميِّح» و»منصور بن عبد الرحمن العتيبي» و»علي بن هزاع المطيري» وهم من أعضاء هيئة التدريس في المعهد،كشفت عن «وجود حساسية لدى المسؤول الحكومي من نقد وسائل الإعلام السعودية» وهي قضية ألقت بظلالها على الندوة، الأمر الذي دفع المدير العام للمعهد (د. عبد الرحمن الشقاوي) إلى القول:»إنّ بعض المسؤولين، يرى أنّ بعض الممارسات الإعلامية، تمثل موقفا مغايرا لأهدافهم، مُحْبِطا لجهودهم، كما أنهم يرون أن بعض العاملين في الوسط الإعلامي، يعانون من ضعف التأهيل، وتدني مستوى الممارسة المهنية الذي يُعَوِّضُونه باعتماد الإثارة، وتتبع السّلبيات في طرحهم الإعلامي، وأن بعض الإعلاميين ليس لديهم إلمام كاف بنشاطات الأجهزة الحكومية». ومن جانب آخر رأى الشقاوي» أن بعض المسؤولين في الجهاز الحكومي لا يبدون تعاونا إيجابيا مع وسائل الإعلام، ولا يتفاعلون مع طروحاته التي تتعلق بتقويم أداء أجهزتهم» لافتا إلى أن «بعضهم يبدي حساسية مفرطة تجاه النقد، في مرحلة تتسم بالشفافية، والانفتاح، وحرية النقد» ورأى» أن هذه المواقف، والرؤى، أثّرت على الأدوار المثالية بين المسؤولين، ووسائل الإعلام». عقدة العقد، ومعضلة العلاقة بين وسائل الإعلام من جهة، ومسؤولي الأجهزة الحكومية من جهة أخرى، تكمن في: تجاهل الرد على نقد أداء أجهزتهم، فبعضهم يرفضه كليا، وبعضهم لا يعبأ به، وبعضهم لا يتقبله بهدوء، ورزانة، ورصانة، وبعضهم يقود حربا ضد الناقد، وبعضهم يتهمه بالغطرسة والجهل، وبعضهم يرى أنه نيْل شخصي منهم، وبعضهم يصنف النقاد أصنافا شتى، فهم -في نظرهم- أصحاب مصالح شخصية!! ويُصَفُّون حسابات!! ولا يروْن إلا الجانب المُظْلم !! وتطول قائمة المفسِّرين للنقد تفسيرات شتى، وفي خضم هذه التفسيرات الخاطئة «تضيع الطاسة»!! وتوصد أبواب الحوار، والنقاش، والأخذ والعطاء، ويتعذر الوصول إلى نقطة إطلاق حق الإنسان في التعبير، وهو ما كفلتْه المادة (26) من السياسة الإعلامية، بكل الوسائل المشروعة، والمناسِبَة، ومن خلال طاقات الناقد، وتفهم المنقُود، ومن العبث ألا يكون للإنسان دور مباشر، في تحقيق طموحات مجتمعه، وحين تتضافر جهود الأفراد والمسؤولين معا من خلال النقد، يستطيع المجتمع أن يكون مجتمعا بناء منتجا قادرا على العطاء. لا تضيقوا ذرعا بنقد أداء أجهزتكم، فحقوق النقد يقابلها إصلاح، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال قوة الشُّعور بالانتماء للوطن. فاكس: 014543856 [email protected]