ليس من السهولة والبساطة إعجاب الناس وتأثرهم بما يقوله الشاعر إلى الدرجة التي تجعلهم يحفظون قصائده ويرددونها في حضوره وغيابه وتلك قمة الوصول التي يحلم بها كل من يقول الشعر ولكن متى يتحقق ذلك إنها المعجزة العصية على كل من أراد ذلك لأن المسألة تتعلق بطرف ليس الشاعر لوحده له أن يتحكم فيها فهناك طرف أهم منه إنه متلقي الشعر الذي بيده أن يجعل فلانا من الشعراء ضمن اهتماماته دون غيره. وبرغم صعوبة ذلك على شاعر، هناك من يستطيع أن يُحقق لنفسه الوصول إلى تلك المعادلة الصعبة بل والتحكم بها ببساطة من خلال ما يسبق ذلك من حرص على احترام الشعر والوقوف أمام كل قصيدة برهبة من يريد الإقدام على مشروع مهم وحاسم ومصيري يحشد له الرصيد الكافي والدراسة الوافية والوقت المناسب والصدق والأمانة مع النفس والجرأة بعد كل تلك الاستعدادت على خوض مثل تلك المغامرة الكبرى. والعملية الإبداعية التي لا يرى منتجها أنها تستحق أكثر مما ذكرت هي مجرد إنجاز أبيات ربما حملت بعضا من حرفية الفنان دون روحه فالبعض يكفيه أن تلمع صورة عذبة في ذهنه يضعها في إطار شعري ويسبقها بعدة أبيات أو يُتبعها أخرى ليوهم نفسه أنه أنجز قصيدة أثبتت للناس أنه ما زال متواجدا والشعر الحقيقي أن تكون كل قصيدة علامة فارقة لا في تاريخ شاعرها بل في تاريخ الشعر لم لا؟ وقفة للمتنبي: إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ فطَعْمُ المَوْتِ في أمْرٍ حَقِيرٍ كطَعْمِ المَوْتِ في أمْرٍ عَظيمِ