استحوذت مهمة المراقبين العرب الذين أرسلتهم جامعة الدول العربية إلى سوريا لمراقبة تنفيذ النظام السوري لبنود المبادرة العربية على اهتمام المتابعين، وتسيّد المشهد على الساحة السورية مما غيّب الهدف من إرسالهم وغيّب بالتالي تنفيذ باقي بنود المبادرة العربية. إرسال المراقبين العرب إلى سوريا هدف وليس نهاية المطاف، فالمراقبون مهمتهم التأكد من تنفيذ النظام السوري لبنود المبادرة العربية التي من أهمها سحب المدرعات والدبابات وآليات الجيش وعناصره من المدن والشوارع السورية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وقبل كل ذلك وقف قتل المتظاهرين، وضبط عمل الأجهزة الأمنية، وإنهاء ما يسمى ب»الشبيحة». لقد كان الهدف إذن هو حماية المواطنين السوريين، وليس تسجيل مواقف كقول رئيس بعثة المراقبين العرب بأن (الوضع مطمئن)، رغم أن عدد من قُتل من السوريين منذ قدوم المراقبين العرب إلى سوريا بلغ 300 قتيل!! كيف يطمئن السوري والمواطن العربي وهو يرى ارتفاع أعداد القتلى وفي نفس الوقت يقول رئيس المراقبين العرب «الوضع مطمئن»..!! كيف يكون الوضع مطمئناً وأحد المراقبين يصرّح لعدسات وكاميرات أجهزة الجوال المحمول بشأن القناصة الذين نشرتهم قوات النظام على الأسطح؟! كيف يكون الوضع مطمئناً، وأحد المراقبين يقف عند جثة أحد الأطفال الذي كان دمه الحار ينزف أمامه والمراقب يقف حائراً لا يعرف ماذا يفعل؟! مهمة المراقبين العرب نجحت في تغييب باقي بنود المبادرة العربية، ونجحت في إثارة نقاش حول تناقضات تصريحات وأقوال رئيس البعثة وما يراه المراقبون من تجاوزات وأفعال يرصدها العالم وتعد قاصرة على تقارير المراقبين وما يفعله أمين جامعة الدول العربية الذي يفاخر بأن المراقبين قد ساعدوا على إيصال الغذاء لحمص التي حُرمت منه وإلى إخراج الجثث من المدينة المنكوبة!! من حَرَمَ أهل حمص من الغذاء؟ ومن قتل كل هؤلاء الذين تكدست جثثهم وساعد المراقبون العرب على إخراجهم؟! هذا ما لم يجب عليه أمين عام جامعة الدول العربية، الذي رغم كل الدلائل والشواهد على جرائم النظام يظل متحصناً بإجاباته الدبلوماسية، فيما يُقتل الشعب السوري -وهذه المرة- تحت أنظار المراقبين العرب.