(ثلث الأمريكيين لا ينظفون ايديهم بعد الخروج من الحمام)!! هذا عنوان لخبر بثته بعض وكالات الانباء العالمية,, ونشرته صحفنا قبل فترة من الزمن,, لاحظوا ان الخبر يتحدث عن (الامريكان) وعن امريكا,, وليس عن البؤساء في غابات افريقيا وأدغال الامازون,, او المعدمين في بنجلاديش او بوروندي,. انه يتحدث عن الامريكي والمجتمع الامريكي,, الذي وصل الى قمة الحضارة المادية في هذا القرن,, والى ذروة التقدم التقني والعلمي,, ويتمتع بأرقى وسائل الرفاهية والمدنية,, امريكا التي تعتبر الآن القوة الاولى في العالم والمهيمنة عليه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافيا,, امريكا التي ينظر اليها انها رأس العالم وقائده,. نعم هذا الخبر الغريب يأتي من مجتمعات طارت في الفضاء,, ولامست القمر!!,. لا خلاف ان العالم الغربي يحتضن الآن حضارة علمية مزدهرة صناعياً وتقنياً وتكنولوجياً,, وبلغ شأواً كبيرا في التعاطي مع العلوم التجريبية والمعملية,, ولكن هل هذا كل شيء؟ بعضنا يظن ان هؤلاء القوم وصلوا للمجتمع المثالي والمدينة الفاضلة!! حتى انه يستنكر الآراء التي تصف الحضارة الغربية بالحضارة غير الكاملة او الحضارة الناقصة او العرجاء,, ويوجه لأصحاب هذه الآراء والتنظيرات اللوم والتقريع,, بحجة ان هذا الرأي محض عجز وانهزام وقصور في الفهم والاستيعاب؟,. اما الحقيقة فهو ان التقدم الصناعي والمادي هو وجه من وجوه التحضر والرقي,, ومقابله او المكمل له هو التقدم الروحي والانساني والاجتماعي,. فالمجتمعات الغربية متحضرة في جانب لكنها متأخرة في جانب آخر,. ولسنا في حال سبر اغوار هذه المجتمعات المتقدمة مادياً,, وكيف انها تفتقد للامن النفسي والاجتماعي,, حيث ان هذا قد يكون له مقال مستقل,. ولكن لا نشك في ان المواطن الامريكي او الغربي هو متحضر ومتقدم,, فقط في جوانب السلوك الانساني الصناعي,, إذا صح هذا الوصف,, كالانضباطية والاخلاص للعمل والدقة,, الخ,, وهي الصفات الضرورية للعامل المنتج في عمله,, وهي صفات يرى اثرها مباشرة,, وينتظر فائدتها او المقابل لها,, ولنقل انها (اخلاق تجارية) الا انها تظل على كل حال صفات حميدة,. ولكن السلوكيات الاجتماعية او الصفات الانسانية البحتة وعلاقته مع ذاته ومع غيره لا تحضر لديه بنفس القوة,, بل هي متخلفة لديه مقارنة بالصفات السابقة,, ولست اصدر هذا الرأي عن عنصرية,, فلم ازعم ان هذه السلبيات ترجع الى عنصر وجنس هذا الانسان فقط اي الجنس (الآري),, او لأنه امريكي او اوروبي,, فأنا لا اقول هذا,, رغم ان عدم العناية بالنظافة يرجع الى عصور ما قبل الثورة الصناعية,, حتى استنكر الرحالة المسلم (الطرطوسي) بعد زيارته لبلاد (الافرنج) (حالة القذارة التي يحياها الشعب الاوروبي,, لأنهم لا يغتسلون في العام الا مرة او مرتين,, وملابسهم لا يغسلونها كي لا تتمزق,, الخ) ولكن نحن نعزو السبب الى ان الأنسان الاوروبي (غير المسلم),, يفتقد الى ما يتمم مكارم الاخلاق لديه,. فالعربي في الجاهلية كانت لديه صفات كريمة وحميدة مثل الشجاعة والوفاء والكرم,, تبعاً لمتطلبات طبيعة وبيئة المجتمع,, وعندما اتى الاسلام بارك هذه الصفات وعالج الصفات المذمومة الاخرى,, فيروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق),, إذن فالاسلام هو الفيصل هنا,. فالاسلام جاء للدين والدنيا معاً,, فلو اتينا من جانب النظافة والصحة,, لوجدنا انه وضع منهجاً متكاملاً لا نظير له لحفظ الصحة البشرية,, وحرص على الطهارة والنظافة الشخصية,, حتى أمر بقص الاظافر وتنظيف ما تحتها,, وقد قال عليه الصلاة والسلام (الطهور شطر الإيمان) رواه مسلم,, وقال تعالى: (والله يحب المطهرين),, حتى سمي دين النظافة,, فالوضوء والغسل ونظافة الملبس وسنن الفطرة,, هي من وسائل النظافة والطهارة والمرتبطة بالعبادات,. فالنظافة التي يندب لها الاسلام لا تعني فقط بالمظهر بل انها تشكل خطاً دفاعياً اولاً,, ومناعة وحصانة ضد الامراض والآفات والكائنات الضارة ومسببات الامراض,. ولعلنا نعرض لنماذج تصل لمستوى الاعجاز في حماية صحة الانسان,. من المعروف طبياً ان جلد الانسان وبشرته الخارجية ومنابت الشعر والانف والفم,, يرتع فيها الملايين والملايين من الجراثيم والفطريات والطفيليات,, والاستحمام والوضوء والمضمضة والاستنشاق والاستنثار,, لتزيل في الغسل او الوضوء الواحد عشرات الملايين من هذه الجراثيم والكائنات الضارة وتحمي الجسم منها,, فكيف عندما يغتسل اكثر من مرة او يتوضأ خمس مرات باليوم,. وهناك في الغرب لا يستخدمون الماء في التنظيف داخل دورات المياه!!,, ويكتفون باستخدام المناديل!!,, وقد اثبتت دراسة غربية ان البكتيريا تنفذ من ثماني طبقات من (ورق التواليت) الى اليد وتلوثها,, وفي الشرع الاسلامي يوجد ما يسمى ب (الاستجمار),, ويجاز في حالة فقد الماء,, وإذا وجد الماء فإن من شروط الطهارة (الاستنجاء) اي التطهر بالماء,, وهي شرط من شروط صحة الصلاة,. ومن نماذج الإعجاز في الاعتناء بنظافة الاواني وادوات البيت,, ما روي عن ابي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) وقد اكتشف احد علماء الغرب مؤخراً ان في لعاب الكلب جرثومة إذا علقت في الاناء لا تزول الا بالتراب فقط,, وقد اسلم هذا العالم بعد ان علم ان اكتشافه (بايت) ومعروف قبل اربعة عشر قرنا,. ولوحظ في الغرب انتشار نوع من سرطان الجلد,, ولكنه قليل الانتشار في المناطق الاسلامية,, واتضح ان هذا النوع من السرطان تسببه مواد يفرزها الجسم بعد انتهاء عملية (المعاشرة الزوجية),, ويزيلها الاستحمام!,. أما (السواك),, فهذا العود الصغير أعجوبة بالفعل,, ويمكن تسميته بمستشفى وقائي متكامل,, والحديث عنه يحتاج لمقالات,, وقد ثبت طبيا أن كثيراً من المشاكل الصحية والعلل التي يعاني منها الجسم مرجعها الى الاسنان,, حتى يمكن القول عند اي مشكلة صحية (فتش عن الاسنان),, وقد سُئل مؤخرا احد لاعبي الكرة عن سر كثرة اصاباته رغم بنيته القوية فقال السبب هي (اسناني),. والسواك يحافظ على سلامة الاسنان وينظف الفم ويطهره من الجراثم والبكتيريا ويقضي عليها لوجود مادة مضادة لها,, وروي عنه صلى عليه وسلم قوله: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب),, كما قال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة),, ومن حرصه عليه الصلاة والسلام على السواك,, انه كان يستاك وهو في سكرات الموت,, ولم يضعه حتى فاضت روحه الشريفة,. ولعل هذا الخبر الذي تصدر مقالنا هذا هو رسالة لمن يريد ان ينقل مواصفات المجتمع الغربي بسلبياته الى بلاد المسلمين,, فهذه الحضارة الغربية فيها الغث والسمين,, فخذوا (سمينها) ودعوا (غثها) لهم,. وهم مهما بلغوا من تقدم مادي وعلمي وتقني,, ولو وصلوا لزحل أو ساروا على المريخ,, فسيشعرون انهم يفتقدون ل (شيء),, لكنهم لا يعلمون ما هو هذا (الشيء),, الذي لا يمكن اختراعه في معامل الأبحاث,, او تحضيره في المختبرات,, او بناؤه في المصانع,, او احضاره من اعالي الفضاء,, او من اعماق المحيطات,, ولكن من يخبرهم انه (الاسلام),. وقد قال تعالى: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا),. Alhenaky @ yahoo. com ص, ب 84729 الرياض 11681