يوما بعد يوم يزداد الترقب وتتسع دائرة الانتظار لما ستسفر عنه التوجهات الأمريكية القادمة بعد أفغانستان وعن تحول الضربات الأمريكية العسكرية وإلى أين تتجه ولماذا..؟، وهل تطول دولا عربية..؟ وماهي سيناريوهات الضربة القادمة وآثارها على الدول العربية والعالم..؟ الجزيرة تواصل استطلاعها حول هذه التساؤلات من خلال آراء نخبة من المحللين والمفكرين وخبراء الاستراتيجية وأساتذة القانون الدولي. المحلل والمؤرخ الكبير الدكتور يونان لبيب رزق يرى ان الحكومة الأمريكية أصبحت مشوشة ولا تعرف ماذا تفعل بعد أفغانستان ومن الصعب ان تفكر حاليا في توجيه ضربات عسكرية إلى دول أخرى كما أعتقد انه من غير المتوقع ان تنتهي الحرب الأمريكية في أفغانستان بذبح جميع جنود حركة طالبان والأفغان العرب بل ستمتد هذه الحملة وتطول وقد تشمل فيما بعد دولا أخرى ولكن في الحالتين لن تكون النهاية سعيدة للولايات المتحدةالأمريكية سواء على صعيد أفغانستان أو خارجها فعلى الصعيد الأفغاني نجد الأزمة حاليا تتعلق بالقبائل وخاصة قبائل الباشتون التي لا تقبل حكومة من الشيعة موالية لأمريكا وحتى ان قبلت تحت الضغوط والظروف الحالية فهي لن تستمر طويلا في هذا القبول فسرعان ما تتولد الصراعات وسينقلب الحال في النهاية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية لأن أمريكا في هذه الحالة ستفعل نفس الشيء الذي فعلته في فيتنام سابقا حيث قامت بتشكيل قوات فيتنامية موالية للولايات المتحدةالأمريكية وقامت بدعمها بالطائرات للاطاحة بالحكم الشيوعي، وبعد سنوات طويلة من حرب العصابات المريرة قرر الأمريكيون الهرب من فيتنام وتركوا وراءهم حلفاءهم الفيتناميين الذين شكلوا بهم حكومة من ورق أما على صعيد خارج أفغانستان فأمريكا ستحتاج لمجهودات كبيرة من أجل تكوين رأي عام عالمي لتوجيه ضربات أخرى وان كانت هذه المجهودات ستقابل معارضة واسعة فالمخططات الأمريكية تقوم على وضع سيناريوهات مسبقة لضرب الدول هذه السيناريوهات ضعيفة أمام العراق أو الصومال أو ليبيا أو السودان وغيرها من الدول العربية وستواجه بمعارضة شديدة كما ان لأمريكا مصالح لا يمكن الاستهانة بها والمخاطرة إلا في أضيق الحدود مثل القيام بضرب العراق دون ان تواجه معارضة كبيرة وهذا هو السيناريو الأمريكي الأقرب للتصور والتحقق في الفترة القادمة. ويرى الكاتب السياسي الصحفي عادل الجوجري انه لابد من الاشارة إلى ان الحملة الأمريكية في أفغانستان تستهدف تكريس الوجود الأمريكي على الأرض الأفغانية فما يتم على أرض الواقع هو خلق مجتمعات عسكرية أمريكية تضمن لأمريكا التواجد على الأقل 30 أو 40 سنة في منطقة حيوية من العالم خصبة بالبترول والمعادن، ثم بعد تكريس هذا التواجد يتم توجيه ضربة للعراق أو الصومال، والمتصور الآن رغم اعتراض دول عربية منها السعودية ومصر وسوريا على ضرب أية دول عربية إلا ان المخطط الأمريكي الآن هو ضرب العراق ويوجد 35 هدفاً عراقياً مستهدفاً للضربات الأمريكية وبالطبع هذه الأهداف مصانع أدوية ومنسوجات ولكن أمريكا تعتبرها مصانع أسلحة كما يوجد تصور انه سيتم توجيه ضربة للصومال بدعوى وجود حزب الاتحاد الإسلامي الصومالي وهو في قائمة التصنيف الأمريكي حزب ارهابي ويضم اكثر من 5 آلاف شاب، كما ان هناك تكهنات الآن ان ابن لادن قد هرب للصومال، وبالتالي من المتوقع ان يتم توجيه ضربات للصومال. كما يوجد بعض التلميحات لضرب بعض المواقع في مدينة ابين والضالع ولحج وصفد في اليمن وكل هذه المناطق تقول عنها أمريكا انها تضم معسكرات للجهاد وتم وضع جيش عدن ابين في قوائم الإرهاب لكن الاحتمالات ضعيفة بالنسبة لضرب اليمن حيث قامت الحكومة اليمنية باعتقال بعض هؤلاء الإسلاميين والحوارات دائرة بينها وبين أمريكا. ويؤكد الجوجري ان هذه هي التصورات المحتملة للضربات الأمريكية القادمة وقد بادرت الدول العربية بتحركات عالية المستوى بين المملكة السعودية ومصر وسوريا واعلان هذه الدول رفضها وعدم قبولها توجيه ضربات أمريكية ضد أية دولة عربية، ولكن إذا حدثت الضربة فستكون هناك ردود فعل كبيرة ضد هذه الضربات وستفقد أمريكا جزءاً كبيراً من مكانتها ومصالحها في المنطقة. ويقول الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يبدو ان الأمور تسير في الفترة الأخيرة في طريق متدهور بصورة ملحوظة حيث ان الرئيس الأمريكي بوش تحدث مع عرفات وطلب منه لأول مرة تعقب ما اسماه بوش بالإرهاب والمنظمات الفلسطينية ومعروف ان المنظمات الفلسطينية حماس والجهاد سبق ان ضمتها أمريكا لقوائم الإرهاب، كما ان وجود شارون في أمريكا سوف يزيد من اشتعال الموقف، وبالطبع لا تقوم أمريكا بشن حرب ضد هذه المنظمات ولكن ستدعم عمليات المطاردة والخطف والقتل التي تقوم بها إسرائيل. ويبدو ان أمريكا تجد الفرصة ملائمة أمامها لكي تنتهي من اغلاق ملف الإرهاب الذي بدأته في أفغانستان وذلك خلال الخمس أو الست سنوات القادمة، ومايتم في فلسطين سيتم بالتوازي مع الصومالوالعراق لأن أمريكا تقوم بالحملة ضد الإرهاب وفقا لمستهدفاتها وتتعامل مع ملف الإرهاب على انه حالة جنائية ولذلك يجب القضاء على الإرهاب وإغلاق ملفه بأسرع وقت وها هي الفرصة ملائمة بعد حرب أفغانستان هذا الوضع الذي أراه أقرب للتصور والتحقق في الأيام القادمة والمطلوب منا كعرب التصدي لهذه المحاولات وعدم التعامل مع ملف الإرهاب على انه حالة جنائية فقط. إسرائيل والضربة القادمة الدكتور فؤاد عباس رئيس اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين فرع القاهرة يبدي مخاوفه من ان تتوجه الضربة القادمة إلى المقاومة الفلسطينية سواء في جنوبلبنان أو داخل الأراضي المحتلة. ويدافع عن المقاومة الفلسطينية قائلاً: إنها لا يمكن ان تشكل أي شكل من أشكال الإرهاب، ذلك لانها إحساس عملي عن مواجهة قوات الاحتلال، ودفاع مشروع عن الأرض والإنسان، وبالتالي لا يمكن قبول وصف أعضائها بأنهم من الإرهابيين، وعلى الولاياتالمتحدة ان تراجع سياستها في هذا الشأن. ويلقي باللوم في ذلك على إسرائيل عندما يؤكد ان قوات الاحتلال وراء وصف عناصر المقاومة بمختلف اتجاهاتها بصفة الإرهاب، وان سعي أمريكا لإدراج عناصر المقاومة ضمن قائمة الإرهاب، هي رؤية خاصة بها فقط، وليست نظرة جميع الشرفاء في العالم، ولذلك فإن هذه الصفة لاتنطبق على عناصر المقاومة، ومن ثم فينبغي ان تعيد الولاياتالمتحدة التفكير كثيرا إذا أرادت ان تهاجم عناصر المقاومة، أو ان تضعها على قائمة المواقع المستهدفة من ضربتها القادمة. ويقول: إن الشعب الأمريكي ذاق مرارة العدوان في 11 سبتمبر، فلا ينبغي ان تمارس إدارته نفس العدوان على شعب آخر مسالم يسعى إلى انهاء الاحتلال ليعيش أفراده كبشر غير خاضعين لعبودية أحد سوى لله وحده. وفي هذا الاطار يدعو د. عباس الدول العربية والإسلامية إلى الوقوف للحيلولة دون ان تكون عناصر المقاومة الفلسطينية أو أي فصيل آخر من أنواع المقاومة المشروعة هدفا للضربة الأمريكية القادمة وذلك في إشارة له لعناصر المقاومة في كشمير وحزب الله بجنوبلبنان. ويعتبر ان هذه المقاومة هي من العناصر الشريفة التي تسعى إلى دحر الاحتلال والعيش في كرامة، وإذا أرادت أمريكا حسب قوله ان تثأر لكرامتها التي سقطت يوم 11 سبتمبر، فعليها ان تبحث عن الجناة داخل أراضيها، وليس في أراضي الغير، ذلك لأن الجريمة وقعت على أرضها، وبالتالي فانها لاينبغي ان تلقي بالذنب على الآخرين، لتمارس ضدهم بطشها وجبروتها على حد وصفه. ويقول: ان الولاياتالمتحدة إذا أرادت ان تهاجم المقاومة عن طريق إصدار توجيهاتها إلى الحكومة الإسرائيلية بقمع هذه المقاومة، فان جيش الاحتلال لن يستطيع ان يفعل اكثر مما يفعله حاليا، حيث يمارس البطش والاجرام والتصفية الجسدية، والحصار للشعب الفلسطيني فما الذي يمكن ان تمارسه قوات الاحتلال أكثر من ذلك؟ ويضيف انه رغم هذه السياسات الغاشمة التي تشهد عليها الولاياتالمتحدة إلا ان المقاومة ومعها الشعب بمختلف طوائفه يقفون أمام هذه الهجمة الاستيطانيةللدفاع عن الأرض، وتحقيق عيشة كريمة، وإقامة الدولة الفلسطينية والتي لن يرضى الشعب إلا ان تكون القدس الشريف عاصمة لها. الإعلام والحرب أما السفير اسماعيل حسانين مخلوف سفير مصر السابق بباكستان فيتساءل: كيف يمكن للولايات المتحدة ان تفكر في مهاجمة دول أخرى ومواقع أخرى وهي لم تنته حتى الآن من تحقيق أهدافها في أفغانستان كما تراها ..؟ ويقول: ان على الولاياتالمتحدة ان تدرك ان الحرب تغير موازين كثيرة، وانها إذا رأت ان هناك تحالفا دوليا معها في حربها ضد أفغانستان، فلن تجد ذلك في هجومها الوشيك على دول أو مواقع أخرى، ذلك إذا قلنا تجاوزاً انها نجحت في تحقيق أهدافها في أفغانستان، ذلك البلد العنيد شعبه الذي يأبى بكل تياراته الاحتلال الأجنبي، ومستعد ان يدفع حياته ثمن دحر الاحتلال، وهو ما حدث عبر 22 عاما، عندما دحر الاتحاد السوفييتي، ومن قبله الامبراطورية الانجليزية. ويطالب السفير مخلوف الدول العربية ألا تستقي أحداثها من أجهزة الإعلام الغربية، حيث تلعب بنا كما يقول هذه الوسائل، فمرة تحمل لنا ان الولاياتالمتحدة لديها رغبة في الهجوم على بعض الدول العربية لمواجهة الإرهاب، ومرة أخرى تحمل نفيا لهذه الآراء، مما يتطلب من هذه الدول ان تكون على اتصال قوي بالإدارة الأمريكية لتؤكد لها انه يستحيل ان تفكر في ضرب اية دولة عربية، وان عليها ان تفكر مئات المرات في ألا تكون الدول العربية هدفا لها في هجومها المرتقب. ويبدي مخلوف انزعاجه من ان تكون الأخبار التي تحملها وكالات الأنباء بشأن ضربة أمريكية وشيكة على بعض الدول العربية صحيحة ويقول: ان ذلك يتطلب من الدول العربية ان تعيد النظر مرة أخرى في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة لأن هذه الأمة كالجسد الواحد، إذا تعرض منه عضو للأذى فان جميع الأعضاء يتأثرون بذلك. ضربة غير محسومة الدكتور حمدي عبدالرحمن الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة يتفق مع الرأي السابق في ان الولاياتالمتحدة لم تحسم جولة أفغانستان بعد، وبالتالي فكيف يمكن لها ان تفكر في مهاجمة بعض الدول أو المواقع ويقول: انه من الصعب على الولاياتالمتحدة ان تحسم القضية الأفغانية، ذلك لوجود ارتباطات إثنية داخل هذا المجتمع المتشابك، فضلاً عن دول الجوار لأفغانستان، ولذلك فان على ا لولايات المتحدة أولاً ان تنتهي من مرحلة أفغانستان بمشاكلها التي ربما تستلزم وقتاً طويلاً، وهو ما عبرت عنه أيضاً الإدارة الأمريكية. ويضيف إذا افترضنا وفقا لمنطق السيناريوهات ان أمريكا استطاعت تحقيق أهدافها المعلنة بتفكيك تنظيم القاعدة، والقضاء على ماتبقى من حركة طالبان، فانها ستدخل لاحقا في حروب وفق ما أعلنت عنه لعشرات السنين، ومن ثم فان المناطق المستهدفة ستكون متنوعة، ولذلك فان بعض الأطراف تطرح توجيه ضربات إلى الصومالوالعراق والفلبين، وان كانت هذه كلها اجتهادات من قبل محللين يرتبطون بالإدارة الأمريكية، وان كانت في المقابل هناك تصريحات أخرى تنفي التحليلات السابقة. وبتحليله لهذا الخطاب الأمريكي يؤكد د. عبدالرحمن انه يبدو في حالة «تخبط» إزاء الأحداث المحتملة، وخاصة في المرحلة التي ستتبع أفغانستان ويقول: أيا كانت السيناريوهات، إلا اننا نجد أنفسنا أمام قوي لبسط الهيمنة، وهذه الهيمنة كانت موجودة قبل أحداث 11 سبتمبر، وكانت لديها رغبة عاجلة في ان تحقق أهدافها في الوصول إلى بترول بحر قزوين، وتحقق لها ذلك بالفعل ووصلت هذه القوى إلى هذه المنطقة لتحقيق أهداف أخرى إضافية لمراقبة المارد الصيني، ما يؤكد ان هذا الوجود الأمريكي بالمنطقة لم يكن غرضه أفغانستان فقط، ولكن كانت له أهداف أخرى تصب في خانة المشروع الأمريكي لبسط الهيمنة في هذه المنطقة. ويشير إلى ان أمريكا حاولت فرض قانونها الأمريكي وليس القانون الدولي التقليدي في مناطق أخرى تشهد صراعا وهي منطقة الشرق الأوسط وفق تصورها الأحادي وفي محاولة لفرض الرؤية الأمريكية على العالم، وان كانت هذه الرؤية لم تجد تضادا من جانب أوروبا في ضربها لأفغانستان، فانها ربما تجد مثل هذا التضاد إذا حاولت ضرب دولة عربية مثل العراق. ويتوقع د. عبدالرحمن انه في حالة هجوم الولاياتالمتحدة على دولة عربية فان الشعور المتنامي ضد سياستها في العالم العربي سيتزايد، وهنا كما يقول لابد من التفرقة بين العداء للنظام الثقافي الأمريكي وبين السياسات الخارجية للولايات المتحدة، لأن الكثيرين يحاولون الخلط بين الامرين، في حين ينبغي التفريق بينهما، ذلك لأن العداء هنا يتوجه ناحية السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وليس ضد نظامها الثقافي، وليس كما يزعم البعض من سياسييها بابراز هذا الخلط سواء عن قصد أو بدون قصد. ويخلص إلى ان الولاياتالمتحدة إذا حاولت توجيه ضربة عسكرية إلى أي دولة عربية أو أي موقع أو منظمة عربية، فانها ستجد نفسها أمام حالة من توحيد الهدف المشترك لتيارات العالم العربي، ولم تجد تباينا بين جماعات الإسلام السياسي وبين القوى العلمانية والقومية في مناهضة المشروع الصهيوني، الذي تدعمه الولاياتالمتحدة وبين ضربها لأية دولة عربية. ويشير إلى ان أمريكا ستواجه أيضاً اتفاقاً بين هذه القوى بين خطاب أسامة بن لادن الشهير الذي تضمن عبارات عن مواجهة الصهاينة وتحرير الأراضي العربية من الاحتلال، ذلك إذا حذفنا من خطابه عبارات الكفر، وقمنا لاحقا بمقارنة الهدفين (هدف بن لادن وهدف القوى الوطنية) سنجده متطابقاً. (وهنا يطالب بضرورة ان تعيد الولاياتالمتحدة رسم سياستها الخارجية مرة أخرى حتى لاتدفع ثمناً لهذه السياسات المزودجة، وربط السياسة الجديدة بقضية الصراع في الشرق الأوسط. إرث قديم الكاتب الصحفي والمتخصص في شؤون القرن الافريقي فتحي الضو يركز حديثه على مستقبل السيناريو المتمثل في توجيه ضربة أمريكية على السودان والصومال ويقول: انه يبدو ان الحملة الأمريكية لن تتوقف على أفغانستان، وستمضي في خطوات لتنال السودان والصومال، خاصة وان السودان شهد البدايات الأولى لتنظيم القاعدة منذ عام 1991 وحتى عام 1996 وهي الفترة التي أهلت التنظيم لبناء شبكته من ناحية المعلومات والاتصالات، وذلك تحت رعاية الحكومة السودانية، إلا انه ومع اعلان السودان تنظيف أراضيه من تنظيم القاعدة، وتعاونه الأمني في ذلك مع الولاياتالمتحدة، إلا ان هناك إرثا قديما بين الجانبين بدأ يتجدد عندما ظهرت تلميحات بأن متفجرات نيروبي ودار السلام خرجت من السودان عبر الصومال لتصل إلى العاصمتين، وهو أمر تكاد صحته تقترب حاليا من درجة اليقين، وبالتالي يصبح دليلا على إدانة السودان ومواجهته. وإن كان التعاون الأمني بين الولاياتالمتحدة والحكومة السودانية ربما يشفع للأخيرة في عدم إدراجها ضمن الدول المرشحة للضربة القادمة يؤكد الضو ان الحكومة السودانية ليست متصالحة مع نفسها في موضوع التعاون مع أمريكا في هذا الصدد، لأن من قاموا بإيواء بن لادن واحتواء تنظيم القاعدة، وتوفير كل السبل له هم أعضاء حاليا في السلطة الحاكمة بالسودان، فلا يمكن لشخص ان يفعل ذلك، ثم يتبرأ منه في الخفاء، لأن المطلوب هو التبرؤ أمام الشعب السوداني وهذا لم يحدث. ويقول: إن الحكومة السودانية لم تسمح للجنة الأمريكية لتقصي الحقائق ان تتقابل مع الدكتور حسن الترابي المحدد إقامته حاليا في حين سمحت لها بالتقصي في البنوك والاتصالات والمناطق الجغرافية وتدرك انه في حال مقابلتها للترابي ربما يستطيع الرجل ادانة الحكومة أمام اللجنة وتبرئة نفسه، خاصة وانه شخصية مهيأة لذلك، فهو بارع الحيلة، قادر على اثبات الشيء ونقيضه، ولذلك فالحكومة السودانية تخشى ان تدان إذا قابلت اللجنة الأمريكية د. حسن الترابي. إلا انه ومع ذلك فان السودان يبدي مرونة تفاديا للهجمة المتوقعة، ويبدي في ا لوقت نفسه حسن نواياه، بل ان الحكومة السودانية خفضت جناحها للولايات المتحدة، وهو مافعله أيضا الصومال، عكس العراق الذي تعامل وما يزال مع الإدارة الأمريكية بأسلوب غير دبلوماسي، لم يختلف عن الأسلوب الذي كان يتعامل به إبان غزوه للكويت عام 1990. جذور القاعدة في الصومال ويتوقع الضو ان تكون الصومال مرشحة لضربة أمريكية قادمة، بعد اعلان وزير الدفاع الأمريكي «رامسفيلد» ان هناك معلومات تفيد ان تنظيم القاعدة نشط في الصومال، وهو يقصد بذلك حركة الاتحاد الإسلامي التي وصفت في عرف أمريكا بأنها من الحركات الارهابية، ولذلك فان امريكا يمكن ان تمضي إلى حد ما وفق قوله على خطوة من اجتثاث الاتحاد الاسلامي من الخارطة مثلما يحدث حاليا لطالبان وذلك بالتعاون مع دول المنطقة والحكومة في الصومال. إلا أنه يؤكد ان الهجمة الأمريكية ضد الاتحاد الإسلامي ربما لن تكون بالتعاون مع الحكومة الصومالية الحالية التي لم تعترف بها الإدارة الأمريكية حتى الآن، كما أنها غير راضية عن هذه الحكومة التي تجد معارضة أيضا من جانب بعض الدول مثل اثيوبيا فضلا عن مناوءة من بعض التنظيمات الصومالية الأخرى. ويقول: ان الولاياتالمتحدة إذا وجدت تحت أيديها دلائل ملموسة لإدانة الاتحاد الإسلامي فلن تنتظر لكي تستشير الحكومة لتوجيه ضربة عسكرية إلى الاتحاد الإسلامي، الذي أصبحت خطوط الامداد ضعيفة بينه وبين تنظيم القاعدة، ولكن سيصبح في تفكيرها التجربة الكارثية التي ذاقتها في عام 1993 عندما تم قتل الجنود الأمريكيين بطريقة مهينة للرأي العام الأمريكي، ولذلك فانها قد تكون على حذر وهي توجه مثل هذه الضربة إلى الصومال. ولايعتبر الضو ان الهجمة الوشيكة على الصومال ثأراً مما حدث للولايات المتحدة في الصومال عام 1993 لأنها كانت تجربة فاشلة باعترافها هي وتصرف غير منطقي كما اعلنت هي أيضا، ولذلك فانها هذه المرة ستعيد التفكير في تصرف غير مشابه لتنفيذ ضربتها العسكرية.