سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشاعر جاسم الصحيح : نافذة على الإبداع:
لم أكن غامضاً.. والديوان رسالة إنسانية خالصة..
«أُلمبياد الجسد» صهيل شعري يفيض بوحاً راعفاً.. والأنثى هي مصدر هذا الكرنفال
الشاعر جاسم الصحيح تفردت تجربته الشعرية على ما سواه من شعراء جايلوه، وتقاطعوا مع تجربته وسر هذا التفرد يكمن بما يمتلكه «الصحيح» من مفردة شعرية متميزة تنطلق بقوة وقدرة عجيبة إلى ذهن القارئ لتؤسس في الذهن حضورها، والذات متعة الشعر، ولذة الشعرية. الديوان الجديد للشاعر الصحيح جاء بعنوان«ألمبياد الجسد» وهو عنوان يحمل رسالة واضحة نحو الانسان بوصفه جسداً يقبل البوح، وينتشي بالصهيل، ويطرب لثورة الجمال والرقة والعذوبة.. حتى إن القارئ إذا ما تأمل في الديوان يدرك حقيقة الرسالة التي يلخصها الشاعر بحرصه الشديد، ومثابرته الجادة في البحث عن الجمال، وتلمس الحقيقة في هذه الرحلة الشعرية الشاقة في البحث عن سر الجمال، ومعدن العذوبة. حول هذا الديوان للشاعر جاسم الصحيح ولرغبة منا من خلال زاوية«نافذة على الابداع» التعرف على أهم المنطلقات التي قام عليها الديوان، وأبرز المعاني التي تجسد فضاء الشعر في هذا الطرح الجديد.. كان لنا هذا الحوار مع الشاعر الصحيح مداخلين وبأسئلة مباشرة على تجربته، وأسرار تكون هذا الاصدار الذي وضعه بين يدي القارئ.. لتأتي الاسئلة على هذا النحو: * جاسم الصحيح وبعد فوزك بجائزة البابطين الشعرية، وصدور ثلاثة دواوين شعرية سابقة ها أنت تضع بين يدي القارئ ديوانك الجديد«ألمبياد الجسد».. ماهي رسالة الديوان؟ *رسالة ديواني الجديد«ألمبياد الجسد» فيض شعري يتوق إلى غاية الذات في البحث عن اسرار الجمال، وكوامن الرقة، والعذوبة.. فهي رؤية أولى تنهض مع أول بيت في الديوان لتسجيل غنائي في تصوير الجسد الموحي للرائي بثورة الجمال.. ذلك الذي يأسر الانسان.. فهي الرؤية الأولى في رسالتي العاطفية نحو القارئ.. تلك التي تتجسد على هيئة إضمامات قولية تسجل ولعي كإنسان في تحسسي لمواطن الجمال، وكوامن البهاء في الانسان. * قصائدك في هذا الديوان تصب في نهر الوصف الجسدي ألا ترى أن المضمن أولى بالرعاية والاهتمام..؟ ** نعم أوافقك القول أن المضمون هو الأهم.. لكن الوهلة الأولى هي التي تسجل حضور الشكل الظاهر.. فكيف بي كشاعر أن أصف المضمون وأترك الوجه الآخر من هذا المشهد الآسر.. قصائد ديواني «ألمبياد الجسد» هي تعزيز لمفهوم الانسان، ولمضمون الطموح في تجسيد صورة النهر الأنثوي الذي يفيض روعة وبهاء بكل صنوف الجمال، وعنفوان الشباب. لم يكن بقصائدي غموض، أو رمز.. انما جاء معبراً عن رغبة الشاعر في البحث عن «الأنثى» في لحظة النظر الأولى.. ثم تأتي لاحقاً رسالة المضمون وهي الأهم. * ما علاقة هذا الديوان بما سبقه.. بمعنى هل هو على منوال ديوان «رقصة عرفانية».. أم تراه دورا شعريا آخر...؟ جاء ديواني «ألمبياد الجسد» بعد«رقصة عرفانية» فهي تجربة تغاير ما اعتمدته في الديوان المذكور والذي قام على مواجهات حادة مع القائم، والمألوف.. تلك المواجهة التي أرهقتني كما يليق بالشاعر أن يعاني.. ليأتي هذا الديوان الذي أضعه بين يدي القارئ استراحة محارب من عناء هذا البحث عن الذات العصية. فالديوان هو ذلك الشاطئ الجميل الذي تتأمل على رمله تلك العوالم الضاجة بالحياة، والجمال، والزهو ولعلي أستريح قليلاً من عناء «الرقصة» التي دخلت عوالمها وتداعيت بالبوح حتى انهكت.. فديوان«المبياد الجسد» محاولة هادئة وعفوية.. وذات شعرية مستفهمة عن أسرار الجمال. * حضرت الأنثى بكثافة في اكثر من قصيدة في هذا الديوان.. ما أسباب هذا الحضور للمرأة..؟ * بالفعل للمرأة حضورها في ديواني الجديد«ألمبياد الجسد».. فهي في هذا السياق الوجداني مصدر مهم.. بل إنها هي مصدر هذا الكرنفال الشعري المحموم، وهي العمود الفقري، والوتر الموسيقي الذي يعتمد عليه العازف. ولو نظرنا الى أشعار العرب.. عند امرئ القيس مثلاً سنجد أن المرأة حافظت على حضورها القوي في شعره بل أنه وصفها بمعطيات شعرية عديدة تؤكد أهمية المرأة في حياة الرجل شاعراً كان أم غيره.. وهذا لا يعني انني تركت الوجوه الأخرى لخامة الشعر انما ظللت محافظاً على البناء الشعري.. الا أن اللاوعي هو الذي أسهم في بناء هذه الدلالات الشعرية فكانت بدايات الديوان«صحوة البدائي» داخلي، إذ أملت علي هذه الرؤية القديمة أن احرك جوامد الأفكار فيكون الصيد على الطريقة القديمة هو محرك العشق لدي لأستخدم أدوات الصيد، ووصف الطرائد ليأتي العشق عنيفاً راعفاً موغلاً في ضراوته. * يعيب النقاد على جاسم الصحيح.. وربما على ديوانك الجديد أنك أفرطت في الرمزية.. والدكتور غازي القصيبي هو أول منتقديك وعبر احدى المجلات الأدبية.. أين أنت من هذه الرؤية النقدية؟ * أرد على كل من انتقدني، ووصفني بأني مفرط في الرمزية أقول لهم: إنني أحترم آراءكم الموحدة في ديواني وعلى رأسهم معالي الدكتور غازي القصيبي.. الا أنني أرى أنني لم أصل إلى هذه الرمزية الحادة.. وربما توجد في بعض المقاطع الشعرية في الديوان.. لتكون الرؤية الشعرية في هذا السياق ذات طابع خاص.. بمعنى أنها من قبيل القصائد الخاصة نظراً لما تمليه هذه الظروف من مواقف شعرية تجعلني لا أستطيع التصريح، انما ما أحتاجه هو التلميح والايحاء الرمزية.. إلا انني وبشكل عام أستطيع أن أقول إن ديواني واضح وجلي يستطيع أي قارئ أن يصل إلى ما كنت أرمي إليه..