منذ سنوات وانا اسمع من استاذي ووالدي الشيخ عبدالكريم بن عبدالعزيز بن صالح الجهيمان ان لديه ديوان شعر مخطوطاً باسم خفقات قلب لم يحن الوقت لطبعه واخراجه، فقلت له: ان الناس يعرفونك صحفياًوتربوياً ومؤلفاً لقصص الاطفال، وجامعاً وناشراً وشارحاً ل الامثال الشعبية ومثلها سواليف الجدات الاساطير الشعبية ورحلاتك دورة مع الشمس و ذكريات باريس وغيرها، اما ان تعرف كشاعر فهذا لا يدركه الجميع!! في السنوات الخمس الاخيرة وهو على اطراف التسعين من عمره امد الله في عمره اصدر كتابين مهمين الاول مذكرات وذكريات من حياتي والثاني رسائل لها تاريخ ففي احدى اللقاءات معه مؤخراً وبوجود بعض الاصدقاء قلت له: امازال قلبك يخفق؟ فأجاب: اجل فرددت عليه ومتى نرى ونقرأ تلك الخفقات؟ فضحك اذ عرف المقصود وقال: قريباً لا تتعجل علي فقد تقاربت خطاي وضعف نظري وكثر نومي وتعددت برامجي التي احرص على تنفيذها بكل دقة كالذهاب ضحى كل يوم للسباحة ومثلها مساءً للمشي، وهذه تأخذ من وقتي الكثير. قلت له هذا لا يعفيك فأنت وعدت باصدار الديوان منذ سنوات طويلة، وقد سبقك غيرك واخذ اسم الديوان، فرد قائلاً: ما دام في ذهني اسم الديوان خفقات قلب فلن اتركه حتى لو تعددت المسميات الاخرى, ثم ان الخفقات تختلف، فقلبي يخفق بطريقة يختلف فيها عن خفقات قلوبهم. عددت للعمل وبحثت عمن سبق ابا سهيل او من سطا على احد ابنائه اذ انه منذ اكثر من خمسين عاماً وهو ينوي اصدار الديوان ويؤجله من اجل تهذيبه او حذف مالا يصلح له وخلال هذه المدة صدر من الكتب ما يحمل هذا الاسم خفقات قلب الكثير اذكر منها: 1 ديوان شعر خفقات قلب لحسين احمد النجمي جدة الدار السعودية 1406ه 95 صفحة. 2 قصة خفقات قلب لعبدالحميد جودة السحار مكتبة مصر القاهرة 1401ه 173 صفحة. 3 ديوان شعر خفقات قلب عبدالحفيظ صقر دار النشر طنطا 1407ه 143 صفحة. حتى الآن لم اخبر ابا سهيل بهذا حتى لا افت في عضده او يتنازل ويماطل في اصداره رغم انه يحاول ان يقلل من قيمته اذ انه قد نظم او قال هذه القصائد ايام الشباب والفتوة اي منذ خمسين عاماً او تزيد واغلبها عندما كان طالباً او مدرساً بمكةالمكرمة قبل سبعين سنة. وقد ذكر الاستاذ/ عبدالرحمن العبيد في كتابه الادب في الخليج العربي المطبوع في دمشق قبل 45 عاماً وفي ص 49، وضمن ترجمته لعبدالكريم الجهيمان يقول: كاتب كبير، وشاعر مقل، ولد في القراين احدى قرى الوشم بنجد، وتلقى دراسته العلمية في مكةالمكرمة، وفي مطلع شبابه جند نفسه جندياً بارعاً في ميدان التعليم، فالتحق بادارة المعارف وكانت له جهود مشكورة في هذا الحقل. تتجه ميوله الادبية للكتابة، وقد برز فيها ككاتب سياسي ولاسيما على صفحات جريدة اخبار الظهران التي انشأها منذ ثلاث سنوات، وهو اليوم مدير لشركة الخط للطبع والنشر والترجمة بالدمام , له ولع في نظم الشعر ولكنه مقل في هذه الناحية وهو بالاضافة الى كل هذا محقق نابه، له مؤلفات مطبوعة، ومؤلفات مدرسية اخرى . اما الاستاذ/ عبدالله بن ادريس فيقول في كتابه الشهير شعراء نجد المعاصرون دراسات ومختارات والمطبوع بمطابع دار الكتاب العربي بمصر عام 1380ه/ 1960م، ص 169، ط1 وضمن ترجمته لشيخنا الجهيمان: من الشعراء الذين انتقلوا بالشعر النجدي من العهد الكلاسيكي الميت الى الطور الرومانتيكي، وكان لابد والحالة هذه ان يحفل شعره بصور مزدوجة ذات سمات مختلفة المعالم، منها ما يشد الشاعر الى الوراء بوشائج متينة من حيث تغلب العقل فيه على العاطفة فان الاتجاه الكلاسيكي او النظرية التعليمية، ومنها ما يند به الى عالم الخيال المسحور ولكنه ليس خيالاً رومانتيكياً مطلقاً فكثير ما كان يرتطم في جدران الكلاسيكية ذلك الخيال الذي لم ينفلت من ربقة النظرية التعليمية في الشعر بعد، اعني قبل النهضة الادبية الحديثة في هذه المنطقة والتي لم تتجاوز عشر سنوات فقط,, امر الملك عبدالعزيز باختيار جملة من الشباب النجديين والحقوا بالمعهد السعودي بمكة ومن بينهم الشاعر واخذ شهادة المعهد عام 1351ه/ 1931م,, والاستاذ عبدالكريم الى جانب انتاجه الشعري وهو انتاج قليل كاتب اجتماعي له نشاط معروف في هذا المجال تشهد به صحيفتا اليمامة و القصيم حيث هو احد افراد اسرة تحريرهما . كما نقرأ للدكتور/ حسن بن فهد الهويمل في كتابه اتجاهات الشعر المعاصر في نجد يقول فيه شاعر آخر يعد من الرواد، هو الشاعر عبدالكريم الجهيمان,, اديب لامع كاتب يتسم بالواقعية الاجتماعية ومؤلف يهتم بالتراث الشعبي واللغة العامية، وما لها من معارف,, اما شعره من حيث الشكل والنسق,, ومن حيث الكلمة وموقعها,, اما من حيث مادته,,وموضوعه فينتمي الى الادب الحديث ومعارفه,, . والقصائد الواردة في كتاب الزميل/ ناصر الحميدي من مذكرات كاتب، لمحات من حياة وادب عبدالكريم الجهيمان ، ط4، بيروت، 1420ه ، وتحت عنوان: خفقات قلب, دراسة في بعض قصائد الجهيمان واغراض شعره، يورد بعض القصائد، ويذكر في هامش ص 122 مايلي: لم اقف على اية قصيدة لابي سهيل فيما عدا ما قاله بين عامي 1355ه 1357ه اي انه لم يكتب شعراً من قرابة خمسة وستين عاماً, وهذه القصائد التي اوردها عبدالله بن ادريس في كتابه سالف الذكر شعراء نجد المعاصرون والاخرى التي اوردها ناصر الحميدي في كتابه المذكور قالها الجهيمان في فترة شبابه واثناء تدريسه بالمعهد السعودي بمكةالمكرمة، عدا قصيدته مناجاة نخلة والتي اوردها ابن ادريس كاملة اما الحميدي فقد اختار منها بعض الابيات. وهذه القصيدة لها مناسبة، اذ كان في رحلة الى اوروبا فشاهد في ايطاليا نخلة فتذكر بلاده فتوقف عندها واخذ يناجيها ويبثها لواعجه واشواقه وآهاته، ونختار من تلك القصيدة بعض الابيات: رأيتها فذكرت الطلح والبانا وكان بي شجن زادته اشجانا انستُ لم رأت عيناي طلعتها وذكرتني اخواناً واوطاناً فأعجبتني بما تبديه من شمم اني احب عزيز النفس ما كانا ومن يلن لبني الغبراء جانبه سقوه من جرعات الجور الوانا والحازم الرأي من يجزي مبادئه بالشر شراً وبالاحسان احساناً وليس يصبر للاذلال يدهمه الا الذي بات عبدالذل حيرانا يا نخلة قد سمت في الافق هامتها وارسلت في الهواء الطلق عسبانا تلين من نسمات الريح قامتها والخوص يلقي اغاريداً والحانا ترى العسيب يداني خدنه مقه كأنما هو يبدي الشوق ولهانا لا غرو انك عمر الدهر عمتنا عشنا واياك احقاباً وازمانا فاشكي لنا مالقيت الدهر من عنت ونحن نلقي الى شكواك شكوانا ,,,,الخ وكأنه يحاكي عبدالرحمن بن معاوية: المعروف بعبدالرحمن الداخل وبصقر قريش، مؤسس الدولة الاموية في الاندلس، وهو يناجي النخلة بعد وصوله الاندلس بقوله: يا نخل أأنت فريدة مثلي في الارض، نائبة عن الاهل تبكي، وهل تبكي مكممة عجماء لم تجبل على جبلي ولو انها علقت اذن لبكت ماء الفرات ومنبت النخل لكنها حرمت واخرجني بغضي بني العباس عن اهلي فمن قصيدته بعنوان آمال نفس نذكر منها: يا نفس مالك في دنياي مولية لذاتها تخدع الرأي لبلواه ان اقبلت شغلت او ادبرت قتلت او سالمت غدرت بالمرء تعطاه فهي الغرور لهذا الخلق اجمعه مثل السراب يفر الشخص مرآه هذا مصارعها للمغرين بها ما عاد ينفعهم مال ولاجاه فأين عاد وفرعون وذو يزن واين قارون او ما كان يجباه واين هارون المأمون اينهموا واين برمكهم يحيى ونجلاه!؟ واين دهر غدا الحجاج يحكمه بالجور حتى يفوت الحصر قتلاه اين العصور الخوالي اين آهلها تتابعوا وغدا كل لمثواه صاروا لما قدموا فالخير مستطر والشر مستطر والكل يجزاه فمن غدا صالحا فالخلد مسكنه ومن غدا ظالما فالنار مأواه لم يفنهم ما بنوا يوماً وما جمعوا ولم يخلصهموا فخر به قاه ومن قصيدة له بعنوان سكرة وفكرة,, نختار منها الابيات التالية: يا بصيراً بنفسه وخبيراً با لليالي وما حوت من عجاب خذ من الدهر ما اتاك به الدهر ولا تأس فالدنا للخراب واذا ما صفا الزمان فحاذر بعد صفو الزمان من كأس صاب واذا استحكمت صروف الليالي فانفراج الامور عند الصعاب هذه سنة الحياة قديماً وحديثاً بنص آي الكتاب فاستفق من غرورها وهواها واقتف الرشد من ذوي الالباب ومن قصيدته وصف صورة يقول: يا نفس ان الليالي في تقلبها تبلي الجديد وتحني الفاتك الاشرا وسوف تدركني في الدهر غائلتي وانطوي برفاتي في الثرى عمرا وسوف يصمد رسمي في بساطاته على مدى الدهر مزهوا ومنتصرا يخبر الخلف الباقين عن سلف اضحوا رفاتاً وكانوا مثلهم بشرا فالجسم يفني وروح المرء خالدة تلقى النعيم بما اسدته او سقرا وسوف يذكرنا من سوف يخلفنا بما عملناه ان خيراً وان اشرا فازرع جميلا اذا ما كنت مقتدراً فالمرء يحصد في اخراه ما بذرا واخيراً قصيدته المتشائمة والمتألمة أنة غريب,,! والتي قدم لها بقوله: هذه القصيدة قالها الناظم في ظرف دقيق عصيب ولذلك فهي تنم عن روح متشائمة تفيض بالسخط الغزير والتبرم المرير كما انها من ناحية اخرى تعبر عن اشواق جارفة وعيون ذارفة. ذاب من فرط شوقه وجداني واتاني من الهوى ما براني وتذكرت في البعاد بلادي وتذكرت في النوى اخواني وتصورت بلدتي وضحاها وهواها وطيب تلك المغاني وتجولت بالخيال مليا في رباها بمدع هتان ان مرأى القيصوم والشيخ والحوذ ان اشهى من زخرفات المباني يا بلادي اليك مني سلاما من فؤادي ومن دمي ولساني ان دهراً قد سرني فيك قد عا د فأروى الزناد في اركاني هو اعطاني السعادة قدما ولقد عاد في الذي اعطاني طالما سرني واضحك سني واراه مؤخراً ابكاني سمة الكون لا سرور ولا حزن يدومان بل يرى الضدان وارى لذة الحياة بهذا وبهذا تعادل الكفتان يا بلادي عرفت ما كنت انكرت زمانا من فضلك المتداني كنت مستهتراً بقدرك جهلا ثم ان الاله بعد هداني وانا اليوم ابذل الجهد اني لا اجيب داعي النوى لو دعاني قد تعلمت من حياتي دروساً هي اغلى من الثرى والجمان وقلبت الحياة ظهراً لبطن وعلوت السماك ثم علاني وعركت الدهور سلما وحربا ورميت الزمان وهو رماني وتوانيت مرة ثم اسرعت فكان الإسراع مثل التواني كم حدا بي الى الغرور شبابي وسمت بي مجنحات الاماني وتجاريت في الهوى والتصابي فوجدت الهوى وليد الهوان كم ضحكنا وبعده كم بكينا فاذا الضحك والبكا سيان كلما قد مضى يكون لذيذاً لوعة الحزن مثل طيب التداني يا بلادي اليك اشكو رفاقي يا بلادي اليك اشكو زماني لست ادري وليس غيري يدري بخفايا الاخوان والخلان كم صديق يسومني الخسف مراً ضاحك الثغر حينما يلقاني يتمشى مع الزماني صعوداً وهبوطاً ككفة الميزان فاذا زانت الامور تداني وإذا شانت الامور جفاني واذا شجنى الزمان بسهم جاءني منه طعنة بالسناني او حباني الزمان منه بنعمى اظهر البشر بالذي قد حباني هذه سنة الصحاب فماذا يا بلادي ترين فيما اعاني يا بلادي اقسمت ان الزم البيت وان لا اريم من ذا المكان سئمت نفسي الطموح ازدلافا لفلان ومن لقاء فلان اقتدي بالآلى لهم قصب السبق ومن فاز في الدنا بالرهان سلوتي دفتري وخدني كتاب فيه من كل فكرة زوجان لذة تبعث السعادة في النفس وتسقي الفؤاد بالعرفان اتخطى من بحر فن لفن سابحاً في بحور تلك المعاني لذة النفس تجلب الروح للقلب وليست كلذة الابدان يا بلادي سئمت من كل شئ غير ذكراك انها في لساني ففؤادي اليك يخفق شوقاً وعيوني الى رباك روان وارى حبك المبرح يزدا د الى ان غدا من الايمان فاسلمي وانهضي وعيشي بعز