ويشقى به حتى الممات أقاربه فإن كان خيراً فالبعيد يناله وإن كان شراً فابن عمك صاحبه شاعر,, تقول العامة في أمثالها هذا الشخص مثل النخلة العوجاء بطاطه بغير حوظه والنخلة العوجاء معروفة ومشاهدة في المزارع والبساتين وقريبة من الجميع في هذه البيئة. وهي النخلة المائلة المنصرفة في أعلاها وقمتها عن الحوض الذي غرست ونمت فيه ويمدها بالماء والغذاء , فهي تشرب منه وتعيش فيه لكن ما يسقط من ثمرها لا يكون فيه بل في أرض غيره. فهذه النخلة ومن خلال هذه النظرة المباشرة لا تنفع القريب منها بل تتعدى منفعتها إلى البعيد الذي لا يكون قد نفعها أو ينفعها بشيء في أغلب الأحوال. وكانت الصفة المشتركة بين القريب الذي نفعه للأباعد, وهذه النخلة العوجاء, صفة الجحود والجود غير المطلوب,. وكان الذم والنبذ لهما جميعا. وكان المتوقع من الإنسان السوي الفاضل أن يكون ذا نفع عام ينال منه القريب قبل البعيد, إذ انه من التناقض والتصرف الغريب إفادة البعيد والمجهول وحرمان القريب المحتاج والمعروف. فلا يكون النفع مثمراً وذا قيمة وله مردود طيب وهو مبذول بجهل, ومن المحتمل ألا تكون الدوافع إليه سليمة وطيبة, لأنه ليس واقعياً ولا منطقياً فالواقع يحتم على صاحب النفع النظر فيه, ومدى جدواه والمنطق يلزمه ان يوليه الاهتمام اللازم, فيكون القريب المحتاج ألزم بالاهتمام وأقرب بالابتداء, ثم ان كان هذا النفع كثيراً وكبيرا استفاد منه القريب وأخذ كفايته وقضى حاجته, عندها يكون من الخير بر الغير ومدهم بالنفع أين وجد من يحتاج إليه, طالما ان قدرة هذا النفع تستوعب ذلك وتستطيعه. لكن مما يؤسف له ويحز في النفس ان بعض الناس الأقرباء يبخلون بفضلهم على أقربائهم في حالة غنائهم وقدراتهم ويكونون حملاً مضنيا وهماً ثقيلاً عندما يتحولون إلى الحاجة والعوز, متعبين ومؤلمين في كلا الحالتين. وهذا ما يعمق الفجوة بين الأقارب ويزيد الجفوة بينهم. والمرء لا يكون صالحاً وفاضلاً وهو يحرم أقرباءه من فضله وبره, حتى ولو أكرم الناس جميعاً. وبذل الخير ومد يد العون لا يعني الجانب المادي فقط انما يشمل الكثير والعديد الذي يمكن ان يبذله كل شخص إلى وطنه وأهله وناسه ومجتمعه, بالنصح والمشورة والرأي السديد, ومشاركتهم أفراحهم واحزانهم, والتوسط لهم بالخير من غير أن يؤخذ حق من الغير ويعطى الآخر. وكل إنسان حسب قدرته يستطيع ان يتعاون مع من حوله ولو بالكلمة الطيبة وبذل البشاشة والحب والاحترام الصادق الذي يقدر لكل فرد ميزته وتميزه. المهم ان يكون الفهم المشترك لبعضنا والاحساس المرهف بيننا أساسات توثق علاقتنا وتساعدنا على ان نتعاون ونعيش بتكافل يقوم به القادر والغني اتجاه قريبة وجاره الذي يكون في حاجة إلى المساعدة والمؤازرة أتمنى ان يتملكنا هذا الاحساس وان نعيشه جميعنا اخوة متعاونين تسود المحبة والألفة والتعاون حياتنا. محمد بن إبراهيم بن هزاع الهزاع عنيزة المكتبة الصالحية الشؤون الإسلامية والاوقاف