لو أن ما يجري الآن من ملاحقات للسعوديين والعرب والمسلمين في أمريكا يجري في بلد آخر خارج أوروبا وأمريكا، لسمعنا عن انتهاك حقوق الإنسان ما يسيل دموع الإنسان، ولسمعنا أكثر من منظمات العفو الدولية وغيرها من حملات التشنيع على من قام بسجن إنسان أو التحقيق معه لدينه أو لونه أو عرقه أو شرقيته أو لحيته أو غطاء رأسه. وفي أفغانستان حرب أخذت البرىء بالمخطىء، ولكن الأسوأ من كل ذلك التفرقة بين عناصر طالبان فالمقاتل الطالباني إذا استسلم وهو أفغاني أمن له ممر آمن إلى منطقته أما إن كان عربياً أو باكستانياً فمصيره القتل كما روت جريدة الحياة (8/9/1422ه) على لسان الجنرال الأوزبكي عبدالرشيد دوستم الشيوعي (سابقاً) والمجاهد حالياً، والقبلي في كل الأطوار. العرب في أفغانستان كانوا مجاهدين أيام حرب الروس وأصبحوا الآن مرتزقة أو أجانب كما يصفهم الأفغان من تحالف الشمال ولم يكونوا كذلك عندما كانوا يحاربون معهم ضد الروس، وكانوا يرون أنهم جاءوا إلى أفغانستان مجاهدين، فما الذي حوّلهم اليوم إلى مرتزقة، ولماذا لا يعاملونهم أسرى حرب مثل الأفغان، حتى عبد رب الرسول سيَّاف الذي كان في يوم من الأيام من أهم من حرَّضوا هؤلاء الشباب على التشدد الديني، ودفع بهم إلى جبهات القتال في أفغانستان يصفهم الآن بأنهم أجانب، فما الفرق بين وجودهم الآن ووجودهم عندما كان يقودهم ضد القوات الروسية، بل إن سيَّاف الذي وقف موقفاً معروفاً أيام حرب تحرير الكويت يرى أن الشباب العربي (الذين دفع بهم إلى المصير المؤلم الذي يعيشونه الآن) غرباء، ولا يعد القوات الغربية كما عدّهم في حرب الكويت. الزعامات الأفغانية اختلط حابلها بنابلها فمن تصفه اليوم بالجهاد تصفه غداً بالعمالة، ولا أدري ما الدليل الشرعي الذي فرَّق بين العربي والباكستاني والأفغاني الطالبيين بحيث يُقتل العربي ويُرفس وهو جثة هامدة كما ظهر في بعض الصور في حين يُفتح ممر آمن للمستسلم الأفغاني ليعود إلى المنطقة التي ينتمي إليها لحسابات سياسية طائفية أفغانية. لقد تساوى الشرق والغرب في الإعلان عن هشاشة الحرية والديمقراطية، وأنها مفاهيم تخضع للمصالح لا القناعات الدينية أو الإنسانية، وثبت أن المصالح هي التي تحرك السياسيين في الشرق والغرب، يتساوى في ذلك الغربي الذي امتلك زمام التكنولوجيا والأفغاني البدوي (الذي يسيره زعيم ديني أو قبلي ليكون اليوم مجاهداً وغداً قبلياً) ومثلهما الشيخ الأفغاني المعمم الذي يعد المقاتل معه مجاهداً حيناً ومرتزقاً غريباً في حين لاحق. العرب في أفغانستان غرَّر بهم الوعاظ الأفغان على وجه الخصوص الذين استفادوا منهم أيام الجهاد الأفغاني ضد الروس حتى إذا ما أصبحت الحرب في أفغانستان حرباً قبلية بين الأفغان ووقفوا مع الباشتون صاروا يُقتلون من الأفغان وغير الأفغان فأين الإنسانية والحرية والديمقراطية وحقوق الأسير؟! للتواصل ص ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691 [email protected]