فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدير العام السابق لوزارة المال السعودية عضو لجنة الصلح في افغانستان يروي ل"الحياة" وقائع عن تجربته وزعيم تنظيم "القاعدة": بن لادن لن يسلم نفسه ويستطيع الهروب إذا أراد ... وفقه "طالبان" وراء اندحارها
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 2001

في عام 1979 وبعد عشرة ايام فقط على غزو الاتحاد السوفياتي لافغانستان، ذهب المدير العام السابق لوزارة المال والاقتصاد الوطني السعودي المستشار لوزير المال آنذاك الدكتور عبدالاله المؤيد الى باكستان، للاشراف على توزيع 30 مليون ريال من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على اللاجئين الافغان، ثم كلفه الشيخ بن باز الاشراف على توزيع المساعادت الاهلية للاجئين. كما كلف الاشراف على انشاء مكتب الهلال الاحمر السعودي في باكستان، واختير عضواً في لجنة الصلح التي كونها الشيخ عبدالعزيز بن باز للصلح بين الفصائل الافغانية، مما اتاح له التعرف الى جميع القادة الافغان واسامة بن لادن والملا محمد عمر.
كيف يرى الدكتور المؤيد تجربته مع القادة الافغان، وكيف انفجر الصراع بينهم، وكيف تكوّن تنظيم "القاعدة"، وما هى النهاية المتوقعة لاسامة بن لادن؟
هذه الاسئلة كانت محور حوار اجرته "الحياة" مع المؤيد، وهو روى وقائع عن رحلاته الى افغانستان ومهماته هناك، وتحدث عن شخصية بن لادن الذي التقاه كثيراً خلال مرحلة الجهاد ضد السوفيات.
واستبعد استسلام زعيم "القاعدة"، وقال انه "كان ينطلق من مفهوم شرعي ويرى ان اميركا وراء محنة المسلمين، لذلك من واجبنا محاربتها". وابدى دهشته إزاء التغيير في تفكير بن لادن بعد الانسحاب السوفياتي، لكنه أعرب عن اقتناعه بعدم وجود علاقة بين زعيم "القاعدة" وأحداث 11 ايلول سبتمبر في الولايات المتحدة.
وهنا نصّ الحوار:
كيف كانت البداية؟
- كانت مصادفة. كنت مستشاراً في وزارة المال والاقتصاد الوطني، وعندما دخل الروس افغانستان تبرع الملك فهد بن عبدالعزيز بمبلغ 30 مليون ريال 8 ملايين دولار لاغاثة اللاجئين الافغان، وكلفت رئاسة اللجنة المشرفة على توزيع هذه المبالغ. ذهبت الى افغانستان مع اللجنة بعد دخول الروس بعشرة ايام ومكثنا اربعة شهور في مخيمات اللاجئين على الحدود بين باكستان وافغانستان، في منطقة بيشاور والمناطق المجاورة. وكانت الرحلة الثانية ايضا تتبع الحكومة، لانشاء مكتب الهلال الاحمر السعودي، وكلفت درس موازنة المكتب وتحديد احتياجاته. بعد ذلك تتابعت الرحلات حتى بلغت 30 خلال عشر سنين وكلها رحلات شخصية اغاثية. كما كلفني الشيخ عبدالعزيز بن باز بتوزيع المعونات الاهلية التي ترد من المواطنين، ومنها تبرعات للمجاهدين. وهنا كانت بداية معرفتي ورحلتي معهم التي استمرت قرابة عشر سنين. وكنت ضمن اللجنة التي شكلها الشيخ بن باز للاصلاح بين المجاهدين.
ومن هم المجاهدون الذين تعرفت اليهم؟
- تعرفت الى جميع قادتهم الكبار مثل قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الاسلامي، وبرهان الدين رباني رئيس الجمعية الاسلامية، وعبد رب الرسول سياف رئيس الاتحاد الاسلامي، والملا محمد نبي محمدي رئيس حركة الاسلام ومعظم القادة الآخرين.
يجب ان نفرق بين المجاهدين ايام الجهاد ضد الروس وبعد خروج الروس، لان تغييراً كبيراً حدث في تفكيرهم وفي صراعهم على الحكم بعد خروج الروس. اثناء محاربة الروس كانوا مقاتلين حقيقيين بذلوا انفسهم وأرواحهم من اجل قضيتهم.
اما انطباعاتي عنهم فتختلف من قائد الى آخر. مثلا حكمتيار اشتهر بالشجاعة والتنظيم الشديد وكان الحزب الاسلامي الذي يرأسه اقوى المنظمات واكثرها تنظيماً، اما رباني فكان يمتاز بالتفاف طلاب العلم حوله ووجود القائد احمد شاه مسعود قائد اقليم بانشير في صفوفه. كان مسعود قائداً مرموقاً، اما الشيخ سياف فكان يتمتع باحترام جميع المجاهدين وكان مشهوراً بالنزاهة وصدق اللسان ونظافة اليد - ولا اشكك في نزاهة الآخرين - حتى ان اي اجتماع صلح بين المجاهدين كان يرأسه سياف. اما محمد نبي محمدي فكان قائداً تقليدياً وأحد علماء افغانستان يتبعه كثيرون من الناس التقليديين وطلاب المساجد المنتمين الى الطرق الصوفية.
قلت ان هناك لجنة للاصلاح بين المجاهدين، فلماذا كانوا يختلفون؟
- كانوا سبعة احزاب كبيرة و3 صغيرة، كلها مسلحة، والناس تغفل ان الافغان قبائل ولديهم عصبيات سواء لقبائلهم او لاعراقهم، مثل البشتون والطاجيك والاوزبك، وداخل العرق الواحد عشرات القبائل وكثيراً ما كانت تحدث بينهم صراعات قبلية او لوجود ثأر بين بعضهم بعضاً، واضافة الى كونهم قبائل لديهم جهل بالامور الشرعية لان افغانستان كانت مهملة من العالم الاسلامي فترات طويلة قبل ان يغزوها الروس، فلم يكن هناك تعليم ولا ثقافة شرعية. صحيح انهم متدينون جدا ولكن بجهل، وانتشار الجهل والسلاح والقبائل وعدم وجود حكومة مركزية تسيطر على الاوضاع، كل ذلك ادى الى تناحر القبائل فكان صراع بين الاحزاب، خصوصاً بين حكمتيار ورباني، وكنا في معظم الاحوال نقضي على الفتنة وكان للدكتور عبدالله عزام دور كبير في حقن الدماء.
ومتى بدأت رحلتك مع الجهاد بالسلاح؟
- لم اتدرب على السلاح ولكن كنت ادخل مع المجاهدين لأتفقد حاجاتهم على الجبهات ولتحفيزهم. كما كلفت في بعض الاحيان حماية بعض المشايخ الذين يدخلون افغانستان، لان الروس كانوا يهاجموننا، فكان لا بد من الرد عليهم لكنني لا ازعم انني مجاهد.
اي المجاهدين كنت ترافقه؟
- كنت دائما مع عبد رب الرسول سياف وبرهان الدين رباني وحكمتيار.
وكيف كنتم تدخلون الى افغانستان؟
- نعبر الحدود الباكستانية بالسيارات وبعد ذلك ننتقل بالبغال او مشياً.
اين تدربت على السلاح؟
- في بيشاور تدربت على الكلاشنيكوف على يد مدربين افغان.
هل تذكر حجم الاعانات التي قدمتها السعودية؟
- صعبة جداً معرفة ذلك لان مصادر المساعدة كانت متعددة: عبر الدولة واخرى غير مباشرة عن طريق باكستان تقدمها وزارة الخارجية للانفاق على المجاهدين ايام الجنرال ضياء الحق الذي كان يعتبر بمثابة الاب الروحي للمجاهدين. ايضاً هناك مصادر شخصية للتمويل فكان من الصعب تحديد رقم دقيق عن حجم الاعانات، لكن تقديراتي الشخصية انها بلغت نحو بليون دولار.
وماذا عن وجود المجاهدين العرب في ذلك الوقت؟
- لم يكن هناك قادة عرب مشهورون، كان العرب يذهبون اولا من الخليج بناء على دعوات من قادة الجهاد الافغاني لانقاذ افغانستان ودعوات مماثلة من مشايخ الخليج. لم يكن هناك اي تنظيم للعرب، كانوا يذهبون وينضم كل منهم لمن يختاره من الاحزاب المجاهدة، وحصل بعض المشاكل فمن يموت لا يعرف احد مكان اهله، وحدثت مشاكل بين العرب انفسهم وبين الحكومة الباكستانية، لذك انشأ الدكتور عبدالله عزام ما يسمى "مكتب الخدمات العامة" ومهمته خدمة العرب الآتين للجهاد وتسجيل اسمائهم وتدريبهم. بمرور الوقت بدأ العرب يجمعون انفسهم واللافت انهم اظهروا بطولات متميزة لأنهم يختلفون عن الافغان. فالافغان ناس طيبون فرض عليهم القتال اما العرب فجاؤوا طلباً للشهادة، وبدأوا ينشئون مخيمات خاصة بهم للتدرب.
كم كان عدد المقاتلين العرب؟
- بلغ حوالى 15 الف مقاتل.
وكم عدد القتلى منهم؟
- لم يكن هناك اي سجل، بالتالي لا توجد احصاءات دقيقة. ولكن اثناء قتال الروس قتل حوالى 700-800 عربي، وبعد خروج الروس انسحب معظم المقاتلين العرب ورفضوا الدخول في الصراع بين المقاتلين الافغان. وبقيت مجموعة لم تعد الى بلادها لأن الحكومات العربية وقعت في خطأ كبير اذ شجعتهم في البداية على الذهاب الي افغانستان وعندما ارادوا العودة اعتبروهم مجرمين وقدموا للمحاكم. لجأ بعضهم الى الشيشان او البوسنة وبعضهم اضطر للبقاء في افغانستان وعندما ظهرت "طالبان" انضموا اليها، واعتقد ان ما يجري الآن هو احدى النتائج.
هل انعكس الصراع بين القادة الافغان على المقاتلين العرب؟
- الى حد ما انعكس بصورة بسيطة، والحقيقة ان وجود العرب داخل هذه المنظمات كان رحمة بها لأنهم كانوا دائماً يسعون الى الصلح بينها، ويحذرونها من استمرار القتال، ويقولون: حضرنا لقتال الروس وليس لقتال بعضنا بعضاً.
من مِن العرب التقيت بهم؟
- كان هناك اسامة بن لادن الذي انشأ تنظيم "القاعدة"، وكان يساعد المجاهدين اثناء قتال الروس وخرج بعد الانسحاب الروسي الى السعودية فالسودان، ولا اذكر انه كانت هناك قيادات عربية مشهورة في ذلك الوقت.
وماذا كان اسمك الحركي؟
- ليس لديّ اسم حركي، الشباب الذين انخرطوا في التدريب والجهاد هم الذين اخذوا اسماء حركية. انا ذهبت وعمري 35 سنة، وكانوا يعتبروننا كباراً لنا وضع خاص لأن عملنا كان التحكيم بين المجاهدين الى جانب توزيع المساعدات.
اين كنتم تقيمون؟
- كانت اللجنة تستأجر منزلاً في بيشاور وبعد انتهاء عملها استأجرته لي، اما على الجبهات فكنا نقيم مع المجاهدين.
هل تتذكر انك دخلت في معركة مباشرة مع الروس؟ وهل قتلت منهم احداً؟
- اكثر من مرة كانوا يهجمون علينا فنرد، وعندما تندلع معركة يصعب معرفة مَن قتل مَن.
اين كنت لدى خروج الروس من افغانستان؟
- كنت هناك مع لجنة الصلح التي كونها الشيخ بن باز، لأننا كنا نخشى حدوث صراع بين المجاهدين بعد الانسحاب، واستطاعت اللجنة ان تقنعهم بتفادي الصراع حتى يتحقق الانتصار الكامل على الشيوعيين الذين خلفهم الروس. ولكن للاسف، وصل احمد شاه مسعود الى كابول من دون تنسيق مع الآخرين وكان هذا سبباً رئيسياً في تفجر الصراع بين المجاهدين، لخوفهم من تفرده بالسلطة. ويبدو ان التاريخ يعيد نفسه الآن فقد اندفع رباني الى كابول بعد انسحاب "طالبان" وكادت تحدث المشكلة ذاتها.
طال امد القتال بين المجاهدين، فأين كانت لجنة الصلح؟
- حاولنا مرات الصلح بين الاطراف كافة ووجدنا ان ليس هناك امل به بسبب عوامل كثيرة تغذي الصراع. مثلاً عبدالرشيد دوستم تحالف مع شاه مسعود ثم انقلب عليه وتحالف مع حكمتيار ثم عاد الى مسعود. هذا الرجل وامثاله من الشيوعيين السابقين لديهم احقاد شخصية وضيق افق. ايضاً بدأت تظهر النعرة العرقية بين البشتون والطاجيك التي لم تبد اثناء حرب الروس، فبدأ احمد شاه مسعود يجمع الطاجيك وبدأ حكمتيار يجمع البشتون، ووجدنا ان الامر خرج من مفهوم الجهاد الى صراعات عرقية، وكلما حاولنا في جبهة اشتعلت في اخرى فانسحبت اللجنة وهنا ظهرت حركة "طالبان".
ومن اعضاء اللجنة؟
- منهم الدكتور عبدالله الزايد وكان رئيس الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة، والشيخ عبدالمجيد الزنداني من اليمن، ومصطفى مشهور من مصر، وعبدالله المطوع من الكويت، وخورشيد احمد من باكستان.
تنظيم "القاعدة" متى شُكِّلَ وكيف؟
- لا يوجد تاريخ محدد للاعلان عنه، نشأ بطريقة عفوية اذ كان المجاهدون العرب يأتون الى افغانستان وكانوا فقراء، وتولى اسامة بن لادن الانفاق عليهم وتدريبهم لأنه ميسور الحال، وكلمة القاعدة تعني قاعدة البيانات عن كل مجاهد عربي وكان اسامة هو المشرف والمسؤول عنه، بعد ذلك بدأ يأخذ طابع التنظيم الذي دخل فيه الجانب المعنوي والقاء المشايخ واسامة بن لادن محاضرات ركزت على الجهاد في سبيل الله وعدم المشاركة في اي صراع بين المجاهدين وعدم التدخل في الامور السياسية في الدول العربية. وكانت بداية انشاء تنظيم "القاعدة" اثناء الاحتلال الروسي في الثمانينات، اما الاعلان عنه فكان في عهد "طالبان" بين عامي 1996 و1997.
هل التقيت أسامة بن لادن؟
- كثيراً اثناء الجهاد، اذ كان لديه منزل في بيشاور وكان يرحب بنا وبالمشايخ وكانت له علاقات جيدة مع جميع المجاهدين. صديقنا المشترك الدكتور عبدالله عزام الذي كنت ارى اسامة بن لادن في منزله. وفي تلك الفترة كان اسامة هو المسؤول في شكل غير رسمي عن العرب الآتين للجهاد وكانوا يعتبرونه الاب الروحي لهم، ومجاهداً مشهوراً كان المجاهدون الافغان يتسابقون على صداقته لأنه يقدم لهم الدعم المادي واللوجستي مثل انشاء الطرق. لا شك ان بن لادن كان له دور كبير في الجهاد الافغاني اما ان اموراً اخرى حدثت بعد ذلك، فسبحان من يغيِّر ولا يتغيّر.
وماذا كان موقفه بعد خروج الروس؟
- كان منزعجاً جداً لصراع المجاهدين وحاول الصلح بينهم فرفضوا فانسحب وعاد الى السعودية ثم ذهب الى السودان. وعندما اصبح وجوده يسبب حرجاً لها عاد مرة اخرى الى افغانستان في الوقت الذي بدأت تظهر "طالبان".
وكيف تعرفت الى الملا محمد عمر؟
- مصادفة في حفلة عشاء في قندهار اقامها القومندان عبدالله احد قادة الشيخ سياف في قندهار وكان الملا عمر بين الموجودين، ولا اعرف لماذا رسخ اسمه في ذهني. كان يعتبر احد القادة المشهورين في قندهار معروفاً بالشجاعة وعندما انسحب الروس رفض الدخول في صراع مع المجاهدين وعمل في التدريس في احد معاهد قندهار الدينية.
اذاً كيف وصل الى الحكم؟
- نتيجة عدم وجود حكومة مركزية في افغانستان انفلت الامن فيها، ومعروف ان الشعب الافغاني يحمل السلاح فبدأت عمليات السرقة والاغتصاب، وطلب سكان قندهار من الملا عمر حمايتهم والقضاء على هذه العصابات ونجح. وتكرر الامر في جنوب قندهار، فأشار عليه المواطنون ان يحكمها مع الطلاب. ثم تكرر الامر في مدينتي زابل و غازن القريبتين، وهكذا حتى اصبح جنوب افغانستان كله تحت قيادة الملا عمر، وانضم اليه القادة المحليون، ولفتت هذ القوة الصاعدة نظر باكستان ورأت فيها حلاً منطقياً للصراع بين القادة الأفغان، فاتصلت بهم عن طريق رئيس الاستخبارات الباكستانية حميد قل واستطاع اقناعهم بتنظيم انفسهم والزحف على كابول بمساعدة باكستان. بالفعل قضوا على بعض التنظيمات مثل تنظيم حكمتيار والوحيد الذي استعصى عليهم هو احمد شاه مسعود. في هذه الاثناء كان بن لادن عاد الى افغانستان وانضم الى "طالبان" وحسب علمي لم يشارك في القتال معهم بل اقام في قندهار.
وما انطباعك عن الملا عمر؟
- كان يبدو رجلاً عاقلاً هادئاً جداً لا تسمع صوته، اذا لم تجره الى الكلام لا يتكلم.. ممسك بسبحة في يده، لم يكن فيه اي شيء يوحي بأنه سيكون يوماً حاكم افغانستان، واظن انه او غيره لم يكن يعتقد ذلك. لكن الامور تتابعت من دون تخطيط، هو رجل علم تقليدي.. ومشكلة الاخوة في افغانستان ان لهم فقههم الخاص، وبحكم انهم منغلقون لم يحتكوا بالعالم الخارجي ظلت اساليب تعليمهم وكتبهم ذات طابع خاص، تخرّج نوعية من العلماء والمشايخ بعيدين تماماً عن"فقه الواقع". مثلاً في مصر والسعودية يوجد تجانس وتناغم بين فقه الواقع والفقه الشرعي، وهذا احد الاسباب الى ادت الى عزلة "طالبان" كانوا متشددين منغلقين، لا اشكك في نياتهم الدينية فهم يريدون تطبيق شرع الله ولكن باسلوبهم الذي لا ليس بالضرورة الاسلوب الامثل والافضل في هذا الوقت.
ترددت معلومات عن انتشار زراعة المخدرات عن طريق المجاهدين لتمويل الحرب؟
- اقول ما يبرىء ذمتي امام الله، واعلم ان المجاهدين سياف ورباني وحكمتيار ويونس خالص ومحمد نبي محمدي كانوا يحاربون زراعة المخدرات ويحرمونها ولا يتلقون اي مبالغ تأتيهم منها. اما بعض شيوخ القبائل خصوصاً الحدودية فكانوا يزرعون المخدرات وبثمنها يقدمون المساعدات للمجاهدين، ويبررون ذلك بأن المشترين غير مسلمين. اما الافتراءات التي اقرأها في الصحف فينطبق عليها القول "اذا وقعت البقرة كثرت سكاكينها" ويتهمون "طالبان" بزراعة المخدرات رغم ان الحركة تحرمها والتقارير تفيد انها انخفضت 30 في المئة عما كانت عليه قبل حكم "طالبان".
ولماذا في رأيك انضم المقاتلون العرب الى "طالبان" ولم يعودوا الى بلادهم؟
- كان قراراً مفروضاً عليهم هم واسامة بن لادن. ضُيّق عليهم الخناق وحوصروا في كل مكان ولم يكن امامهم الا "طالبان"، القرار اذاً لم يخضع لحسابات وانما كان ضرورة.
لكنهم كانوا يمولون الحركات الارهابية في مصر مثلا؟
- لا شك ان بعض المصريين والجزائريين جاؤوا هاربين من بلادهم، ولكن ان تأخذ الجميع بجريرة افراد فهذه مشكلة، كان على الدول العربية ان تتسامح وتفتح صدورها وتستقبلهم وتمتص ما عندهم وتحاكم من يستحق المحاكمة وينخرط الباقون في حياتهم العادية، ولكن حبس العائدون فخاف الآخرون.
"رشاش" لمنازلة اميركا!؟
كم مرة التقيت بن لادن؟
- كثيراً وآخر مرة كانت عام 1989، ولم اذهب الى افغانستان منذ 1993.
بحكم تجربتك ما سبب المصير الذي لقيته "طالبان"؟
- فقههم قادهم الى ما هم عليه. لم يراعوا فقه الواقع، منعوا التلفزيون وتعليم البنات وحلق اللحى والسينما ولا نقول ان هذه الاشياء خطأ لكن اسلوب فرضها كان خاطئاً. ايضاً حساباتهم الخاطئة والاعتماد على الغيبيات في الحرب. مشكلة "طالبان" ان حساباتهم خاطئة في تطبيق الشرع وفي اعداد القوة لمنازلة اميركا. اميركا اقوى دولة في العالم تتصدى لها بالرشاش؟ شيء خارج على حدود العقل، وطبعاً خبرتهم السياسية قاصرة، وهذا ما اودى بهم. الملا عمر واعوانه لا يصلحون للحكم والولاية قد يكونون متدينين لكنهم لا يصلحون للسياسة، والنبي صلى الله عليه وسلّم رفض تولية ابي ذر الغفاري لاحدى الولايات لأنه لا يصلح للولاية.
البنشيري
وهل التقيت أياً من المصريين؟
- التقيت ابو عبيدة البنشيري.
هل تعتقد ان المصريين هم الذين غيروا فكر بن لادن؟
- معرفتي ببن لادن تجعلني غير قادر على تصور ما يحدث الآن. اسامة شاب وديع وعاقل ومسالم جداً لا تستمع الى صوته عند الكلام، واعتقد ان تغييراً شاملاً طرأ عليه منذ تعرف الى جماعات الجهاد والتكفير والهجرة. كانوا من البداية يحاولون السيطرة عليه، والشيخ عبدالله عزام نصحه بالابتعاد عنهم، لكن تضييق الخناق عليه من قبل اميركا جعله يستسلم للمقربين اليه وتحالف معهم وكانوا اكثر منه خبرة في التخطيط والتنظيم، عكس اسامة الذي كان يميل الى البساطة في العيش والتخطيط. كان الامر بالنسبة اليه صراعاً بين المسلم والكافر فقط.
هل كان لديه حلم الزعامة؟
- لا اعتقد ان هذه الاحلام راودته، لأنه يحب العمل في الظل. كان ينطلق من مفهوم شرعي بصرف النظر عن الصواب والخطأ وانا لا احاكمه الان. كان يرى ان اميركا وراء محنة المسلمين ولذلك من واجبنا محاربتها وانشأ "الجبهة العالمية لمحاربة اميركا" ليس لأنه يطمح للزعامة، بل لانه اعتبر ذلك واجباً دينياً.
ألم تكن له بدائل اخرى لمحاربة اميركا؟
- كنت اتصور انه بعد الجهاد في افغانستان ربما يقوم بتدريب الشباب الاسلامي في مختلف التخصصات العلمية والاقتصادية والتربوية والدينية، ويكوّن جيشاً بلا رشاشات على المدى الطويل، لكن الحسابات الخاطئة هذه نتيجتها... تقاتل اميركا باسلوب الدروشة وتقول وما النصر الا من عند الله وان الله سيرسل ملائكة. الله لن يغيّر سنّته من اجل هؤلاء وسنة الله هى الأخذ بالاسباب بعد الاعتماد عليه.
هل تعتقد ان اسامة بن لادن سيسلم نفسه؟
- اسامة يعلم يقينا انه لو اعتقل سيرى اهوالاً لا تخطر على عقل بشر، وهو لن يسلم نفسه.
وما السيناريو المتوقع له؟
- اعتقد انه يستطيع الهرب لو أراد من خلال القبائل. القروش تفتح الحدود في اي مكان، ونعلم صعوبة السيطرة على الحدود بين باكستان وافغانستان. ولكن الى متى سيهرب، وممكن ان ينظر الى الامور بمنظور الشهادة والاخلاق.
هل تعتقد ان الافغان تعلموا الدرس الآن؟
- الافغان لا يتعلمون بسهولة، هم مثل بلادهم صلبة وادمغتهم صلبة، منذ الآن بدأ الصراع في قندهار وكابول.
لماذا لم تدخل "طالبان" في حوار مع المجاهدين الآخرين؟
- كانت قوة صغيرة لم يحسب لها احد حساباً، ومجرد الحديث عن مفاوضات معها كان نوعاً من العبث.
ومن سيكسب الآن؟
- الآن بدأت قوى اخرى في الظهور مثل الملك محمد ظاهر شاه المرفوض من الشعب الافغاني والاحزاب وفجأة نجد جماعته تحكم الدولة.
ولماذا يرفضه الافغان؟
- لم يستطع ان يفهم عقلية شعبه المسلم المحافظ. كان يريد التحديث السريع. كان عليه ان يدخل الاصلاحات بطريقة تقليدية لا تتعارض مع الشرع ولا تتصادم مع الواقع والشعب. هناك ايضاً حقيقة هروب ظاهر شاه من الجهاد.
وهل تعتقد ان التجربة السعودية صالحة للتطبيق في افغانستان؟
- اعتقد انها التجربة الوحيدة التي تصلح للتطبيق هناك. يجب ان يأتي من يوحدها ويحكمها ثم يدخل الاصلاحات في شكل تدريجي لا يتعارض مع الدين لأن الافغان لن يقبلوا اى شىء ضد الاسلام.
بماذا تفسر فرحة الافغان بسقوط "طالبان"؟
- كانت هناك فئات من غير المسلمين، هندوس وبوذيون، منزعجة من تشدد "طالبان"، وايضاً هناك الشيوعيون وغير الملتزمين، كلهم فرحوا، وآخرون فرحوا لأن "طالبان" كتمت اصواتهم سياسياً ومنعت التقدم والتطور الحقيقي. "طالبان" تمثل الامن الحقيقي ولكنها بالغت فيه.
هل تعتقد ان تأييدهم وبن لادن أحداث ايلول سبتمبر أحد الاخطاء؟
- اعتقد ان لا علاقة لبن لادن بأحداث 11 ايلول، وهذا بحكم معرفتي به وبشخصيته، وهناك عامل يغفله كثيرون هو ان بن لادن لا يؤمن بقتل الابرياء، لكن خطأه وقصرنظره السياسي، ان خطابه كان غير موفق، وكان عليه رفض هذه الاعمال واعلان براءته منها.
والى اين سينتهي الوضع في افغانستان بعد اتفاق بون؟
- لن يصلوا الى اتفاق نهائي. لا اعتقد ان احداً سيلتزم، الافغان عودونا على هذا، واتفاق بون مدته 6 شهور واعتقد انه لن يحدث شيء بعدها وستبدأ الصراعات. مستقبل افغانستان لا يبشر بالخير اذا لم تمارس اميركا الضغط على كل القوى، واعتقد ان اميركا لا يهمها افغانستان بهذه الدرجة بل يهمها نفط الجمهوريات الاسلامية في آسيا الوسطى والسلاح النووي الباكستاني.
بماذا كنتم تنصحون الشباب السعوديين المسافرين للجهاد؟
- نحضهم على عدم التورط بدماء المسلمين، والعودة الى بلدهم بعد انتهاء الجهاد، ونحذرهم ممن يريدون غسل ادمغتهم.
كم كانت اعمارهم؟
- بين 17 و25 سنة كانوا يتركون دراستهم للجهاد، واذكر انه لدى استشهاد اي شخص كان امير المنطقة يذهب بتوجيهات من وزير الداخلية الامير نايف بن عبدالعزيز للعزاء فيه، ومن رجعوا بعد الجهاد أُكرِموا وعاشوا حياة كريمة وفتحت لهم ابواب الرزق، اما من اصروا على البقاء هناك والدخول في صراعات فهم الذين واجهوا مشاكل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.