مع بدء العد التنازلي لعقد مؤتمر بون بشأن أفغانستان يوم الثلاثاء المقبل تحت رعاية الأممالمتحدة وبمشاركة غالبية زعماء الفصائل الأفغانية باستثناء حركة طالبان يرى المراقبون أنه رغم الآمال في أن ينجح المجتمعون في التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في أفغانستان التي تحولت إلى أنقاض دولة دمرتها الحرب الطويلة فإن المؤتمر سيواجه مهمة شاقة في تسوية جميع المشكلات في البلاد. وبينما صرح وزير الخارجية الباكستاني عزيز احمد خان للصحفيين هذا الأسبوع بأنه متفائل تماما بشأن نتيجة المؤتمر فيما يتعلق بتشكيل حكومة لفترة ما بعد طالبان فإن الخبراء في الدراسات الدولية يقولون إن الأمر سيستغرق بعض الوقت للمواءمة بين مصالح كل طائفة عرقية وجماعة إقليمية. وقد صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان الأخضر الإبراهيمي بأن زعماء الفصائل المشاركة في تحالف الشمال وأنصار الملك الأفغاني المخلوع ظاهر شاه ومجموعة البشتون في بيشاور وجماعة اللاجئين الأفغان في قبرص الموالية لإيران سيشاركون في المؤتمر. ومن المنتظر أن يركز اجتماع تحضيري يعقد يوم الاثنين المقبل على خطة للأمم المتحدة من أجل تشكيل مجلس مؤقت يمثل كافة الطوائف والجماعات العرقية والإقليمية الأفغانية سيقوم بدوره بتشكيل حكومة أفغانية مؤقتة موسعة ومتعددة الأعراق. ونقلت وكالة أنباء كيودو اليابانية عن ريوجي تاتياما البروفيسور في أكاديمية الدفاع الوطني اليابانية أنه يركز في الوقت الحالي على كيفية تناول الاجتماع لقضية الحفاظ على الأمن في أفغانستان التي يسيطر تحالف الشمال على الجزء الأكبر منها . ويرى البروفيسور تاتياما أن المواءمة بين كافة المصالح لكل طائفة عرقية في البلاد ستكون أمرا في غاية التعقيد فالأقليات الطاجيك والأوزبك والهزاري يشكلون تحالف الشمال في حين تتكون حركة طالبان من البشتون الذين يشكلون غالبية سكان البلاد ويمثلون نحو أربعين في المائة من عدد السكان. ويرى تاتياما أن هناك إمكانية لأن تلجأ كل جماعة عرقية أو إقليمية استولت مؤخرا على بعض الإدارات المحلية للعنف من أجل تحقيق السيادة إذا لم يؤت مؤتمر بون ثماره المرجوة. وبالإضافة إلى ذلك فإن المجتمع الدولي قرر تأييد الولاياتالمتحدة في حربها ضد الإرهاب ولكن لا يوجد حتى الآن اتفاق واضح على الخطوة التالية وهو ما قد يحد على حد قول البعض من الآمال في أن يحقق مؤتمر بون نتائج واضحة. على صعيد آخر فإن الدول المجاورة لأفغانستان لديها مصالحها الخاصة مما يزيد من صعوبة جهود توحيد الشعب الأفغاني. فباكستان تعارض انفراد تحالف الشمال بالسلطة وترى أن وجوده في السلطة في كابول يهدد مصالحها وتكاثرت في الأونة الأخيرة الهجمات في الصحافة الباكستانية على الولاياتالمتحدة بعد ان دخل تحالف الشمال كابول رغم الوعود الأمريكية لإسلام أباد بألا يفعل ذلك وترددت كثيرا اتهامات لواشنطن بخيانة وعودها لباكستان. وإذا شكلت حكومة أفغانية أساسا من الطاجيك والأوزبيك على سبيل المثال فإن العلاقات بين أفغانستانوباكستان سيشوبها التوتر. أما روسيا فإنها رغم ما قد تشعر به من سعادة بعد الإطاحة بطالبان التي كانت العنصر الرئيسي وراء هزيمة الاتحاد السوفييتي وخروجه من أفغانستان ودق المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي السابق فإنها ربما لن تكون سعيدة باستمرار انعدام الاستقرار على حدودها الجنوبية في حالة فشل المؤتمر . وفي الوقت نفسه يتردد أن بعض القادة المؤثرين في تحالف الشمال لديهم علاقات وثيقة مع إيران وتركيا بينما كانت تحتفظ باكستان بعلاقات دبلوماسية مع طالبان حتى اليوم حين أمرت ميليشا طالبان بإغلاق سفارتها في باكستان وأنهت بالفعل العلاقة الدبلوماسية مع نظام طالبان. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هل ينجح المؤتمر الذي سيشارك فيه ممثلون للولايات المتحدةوروسياوباكستانوإيران في وضع اللبنة الأساسية للاستقرار في باكستان؟. المؤكد أن المجتمع الدولي يجب عليه أن يرضي مصالح جميع الطوائف العرقية والإقليمية داخل أفغانستان وفي الوقت نفسه مصالح الدول المجاورة ولكن من المرجح كما يرى المحللون أن يكون اجتماع بون مجرد تجسيد رمزي أن كل جماعة أفغانية تبذل حاليا جهدا من أجل إقامة حكومة مستقرة في أفغانستان. وإذا كان دعم المجتمع الدولي مطلوبا فإن الأمر الأكثر أهمية أن يكون للفرقاء الأفغان الكلمة الأخيرة في تحديد مستقبل بلادهم وربما يكون أفضل موقف هو ذلك الذي تبناه اليوم المستشار الألماني جيرهارد شرودر الذي رفض أي دور فعال في المؤتمر تاركا الأمر في يد الجماعات الأفغانية . ومع ذلك فإن المجتمع الدولي بوسعه في النهاية أن يدعم الاستقرار في أفغانستان من خلال تشكيل قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة لضمان الأمن داخل البلاد على أن يتم على المدى البعيد تشكيل حكومة تمثل جميع الفصائل والجماعات العرقية بشكل يتناسب مع حجمها وعلى نحو يمنع اندلاع جولات جديدة من الحروب الأهلية في أفغانستان. عدد من الشبان الباكستانيين يطلقون شعاراتهم المعادية للولايات المتحدة مع تواصل المظاهرات الشعبية التي تدعم حركة طالبان.