حتى لاتصبح مشروعاتنا أعمالا من ورق لابد من إيجاد جهة مستقلة واعتبارية لمراقبة المشروعات الهندسية والمعمارية للدولة ولو أخذنا التعليم والتدريب مثالا لتكشفت لنا الحقائق الساطعة للأداء السلبي لجهات التعليم, مشروع تطوير التعليم في وزارة التربية والتعليم أعلن عنه قبل (6) سنوات تحت شعار: 9 مليارات و6 سنوات و4 محاور. لكن هذا المشروع عاش 6 سنوات عجاف دون أن يستفيد منه الطالب والمعلم والإدارة المدرسية والآن يجدد له 6سنوات أخرى, كذلك أعلن عن إنشاء (200) مدرسة، وأسند المشروع إلى شركات صينية لتنفيذ هذه المشروعات ومرت سنوات ولم ينفذ المشروع كما خطط له وحرم المقاول الوطني وشركات البناء المحلية من الدخول في هذه المشروعات ومازال الطلاب في مباني مستأجرة, ومازالت الأراضي المخصصة للمدارس تعج بالغبار والاتربة ومجمع للنفايات...الكليات التقنية بمؤسسة التعليم والتدريب الفني هي مطبات أكاديمية تعمل على إضاعة الوقت والزمن على الطالب ويتخرج منها بلا تدريب ولاتعليم ممبز أو يتسرب ليصبح رقما في البطالة وربما يبدأ من جديد في الجامعات وكليات المجتمع بعد ضياع سنوات... أما التعليم الجامعي فإن له حكاية طويلة مع المقاولين فبعض المدن الجامعية هي بالواقع مخططات على ورق لم ينفذها المقاول وفي أحسن الحالات أحيطت بأسوار وبوابة باسم المشروع وأمرها ضائع مابين وزارة المالية وبين الجامعات والمقاولين أي كرة نار تتقاذفها الجهات الثلاث. إذن مامعنى الإعلان عن مدن جامعية تتسع إلى (30) ألف طالب وطالبة وأعضاء هيئة تدريس وهي بالواقع مدن جامعية على ورق تضطر وزارة المالية إلى ترحيلها عبر ميزانياتها من سنة إلى أخرى. الملك عبدالله أيده الله اعتمد للتعليم ميزانيات عالية بأرقامها وضخمة ومثقلة بالمشروعات ففي هذه الميزانية (168.6) مليار ومنذ عام 2007م تصاعدت ميزانية التعليم من 96.7 ووصلت 2010م (150) مليار, وأعطى الملك عبدالله رعاه الله منذ عام 1423 الملايين من فائض الميزانية خلال أعوام, واعتمد ميزانية خاصة لتطوير التعليم العام بمبلغ (9) مليارات ومبالغ إضافية لبناء المدارس لكن النتائج لم تظهر على الميدان, فالمدارس المستأجرة بتزايد وبالمقابل النتائج في التحصيل العلمي للطالب متدنية والبيئة التعليمية للمعلم هي أيضا في إحباط بسبب عدم تحسين أوضاع المعلم واعطائة بعض حقوقه الوظيفية التي يستحقها بسبب الأخطاء الإدارية,وفي الجامعات بدأنا ندخل مرحلة الكليات المستأجرة ومشاريع المجسمات المخصصة للعرض ونقص حاد في الأبحاث العلمية واتجاه واضح للجامعات التدريسية. الملك عبدالله حفظه الله يعلن الميزانية ويكشف الأوراق على الطاولة ويطلع المواطن على حجم المشاريع والإنفاق لكن الجهات التنفيذية في وزارة التربية والتعليم ووزارة المالية ومؤسسة التعليم الفني والجامعات تغرق في التفاصيل الجزئية والصغيرة ولا تلتفت إلى الواجب الأهم بناء المدارس والمدن الجامعية وسرعة صرف الاعتمادات من وزارة المالية ومعالجة الوضع المعلق بالكليات التقنية لنقلها إلى التعليم العالي لتبقى مؤسسة التعليم الفني مختصة بالتدريب فقط وليس التعليم الأكاديمي. هذه الميزانية تضع وزارة التعليم والمالية والتدريب على المحك الحقيقي ليكون هناك شبه توافق مابين مايعلن من ميزانية وأرقام ومشروعات وبين ماينفذ فعلا وعلى أرض الواقع حتى لاتكون وزاراتنا متاحف لمجسمات المشروعات وزوايا ركينه جمالية لمخططات وصور ومقاطع ومساقط المشروعات. تطوير التعليم لايتم بالنوايا وحماس الوزراء وأصحاب المعالي تطوير التعليم لايتم إلا بقناعة ورضا المواطن عن نفسه واطمئنانه في تحقيق طموحه, معتمدا على الله العلي القدير ثم على قيادته الكريمة والصادقه ثم على ماتبذله الإدارة التنفيذية ممثلة في وزراء التعليم والتدريب من جهود وأعمال.