أصبحت عبارة نزيف المخ تحت العنكبوتية تتردد كثيرا هذه الأيام بين الناس بما يشبه الرعب خاصة وأنه مرض يحدث فجأة، ويؤكد الأطباء أن سببه الرئيسي وجود تمدد في أحد الشرايين الرئيسية المغذية للمخ وذلك في 90% من الحالات كما أن هناك نسبة تصل إلى 5% من الناس الطبيعيين لديهم استعداد لحدوث هذا التمدد وأن هناك 10 أشخاص من بين كل 100 ألف شخص كل عام يدخلون في مرحلة تسمى بالنزيف الدماغي وهي المرحلة التى تسبق النزيف الحاد أو الانفجار، ومن الأفضل علاج هذه الحالات قبل الدخول في هذه المرحلة حيث تزداد فرصة نجاح العلاج الجراحي أوالقسطرة الدماغية إلى 99% إذا اكتشف مبكراً وفي هذا الإطار سنلتقي بالدكتور طلال محفوظ استشاري المخ والأعصاب الحاصل على البورد الفرنسي بمستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان. المتابعة الفورية - حدثنا عن أنواع نزيف المخ؟ - هناك نوعان من نزيف المخ، الأول يسمى بالنزيف داخل أنسجة المخ، 50 % من حالاته يعانون من ارتفاع مزمن في ضغط الدم، و20 منها مرضى بالقصور الكلوى والأوعية الدموية الأخرى خارج المخ، الأمر الذى يسبب ضعفاً في الأوعية الدموية صغيرة الحجم الموجودة في قاع الجمجمة وعند حدوث ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم لا تستطيع جدران الأوعية الدموية تحمله فيحدث على أثره النزيف أو الارتشاح الشرياني مما يسبب ضغطاً على هذه الأنسجة الموجودة في هذه العلبة المغلقة والمسماة بالجمجمة مما يحدث علامات سريرية منها ألم في الرأس وضعف في الأطراف أو تلعثم في الكلام أو علامات أخرى تتنامى تصاعدياً بحسب كمية النزيف وسرعته و المناطق الحساسة الموجود بها. النوع الثاني أما النوع الثاني وهو ما يطلق عليه تجاوزاً نزيف المخ إلا أنه لا يحدث داخل أنسجة المخ وإنما تحت الخلايا العنكبوتية وهي الأنسجة المغلفة للمخ والأوعية الدموية التي تغذيه وهذه الأوعية الأساسية في قاعدة الدماغ وهي متصلة بشرايين الرقبة وعددها أربع وأحياناً هذه الشرايين الموجودة في قاعدة الدماغ يكون داخلها براعم خلقية تتوسع أحياناً بارتفاع ضغط الدم لتصبح بالونات صغيرة الحجم متوسط حجمها من 1-5 مللم وذات جدران رقيقة معرضة للترشيح والنزف. سرعة التواصل مع أقسام الطوارىء وفي كلتا الحالتين يحتاج المريض لسرعة التواصل مع قسم الطوارىء ويلزم في هذا الحال سرعة البديهة من قبل المصاب والمقربين له ابتداءً من البيت وصولاً للمستشفى وذلك لمعرفة العلامات السريرية البدائية والتي تؤشر إلى حدوث شيء ما في الدماغ: ألم فجائي لم يعرفه المريض من قبل واستفراغ وغثيان وحدوث ضعف في أحد الأطراف وتلعثم في الكلام وظهور أعراض على الوجه (ارتخاء في الوجه والفم من جهة واحدة أو ظهور علامات مثل عدم القدرة على حركة أحد بؤبؤي العين من اليمين إلى اليسار أو العكس مع ظهور ازدواجية في الرؤية). مسببات ضعف الأوعية الدموية - لماذا تضعف الأوعية الدموية؟ - أهم أسباب ضعف الأوعية الدموية هي العيوب الخلقية الموجودة في جسم الإنسان وخاصة في الشرايين بالإضافة إلى ارتفاع في الضغط مع المسببات الأخرى والتي هي أمراض السكري والتدخين وشرب الكحول. صداع حاد ومفاجىء وآلام شديدة - كيف يعرف المريض أنه أصيب بالارتشاح الدموي؟ - يعرف المريض ذلك عندما يشعر بصداع حاد وألم فجائي لم يعرفه من قبل بالإضافة إلى الغثيان والاستفراغ وضعف في الأطراف وشلل في الوجه وفي عصب العين بحيث تكون هذه العلامات بمثابة جرس إنذار تتسارع وتيرته مع الوقت. التدخل الجراحي يحدده وفقاً لتشخيص المريض الدقيق - هل تفيد الجراحة في حالة التمدد في مجموعة من الشرايين؟ كانت تجرى في السابق عمليات جراحية لسد هذا النزيف عبر ملقط (clips) وهذه العمليات طويلة مع صعوبة أحياناً في الوصول على قاعدة الدماغ وصولاً للشريان المرشح للدم. أما حالياً تطورت الجراحة مع اكتشاف القسطرة الدماغية عبر دخول الوريد بطريقة شبيه بالقسطرة القلبية والوصول إلى مكان النزيف وإصلاحه عبر وضع (COIL) وهي شعيرات من البلاتينيوم توضع داخل البرعم النازفة وتسد نهاياً. الاكتشاف المبكر يقي من الموت المفاجىء - ما هي مضاعفات عدم التعرف على نزيف تحت العنكبوتية؟ - نزيف الدماغ وخاصة النوع الثاني تحت العنكبوتية وعدم الكشف المبكر لحدوثه تزداد خطورته بحيث إنه نزيف قاتل في حالة عدم التدخل الطبي. ومهم جداً أن يكون هناك توعية للأعراض السريرية التي تظهر لأنه سرعة البديهة وسرعة الاتصال بين الفريق الطبي وسرعة نقل المريض للمكان المتخصص وعدم إضاعة الوقت تكون فرصة إنقاذ المريض بنسبة 95 %. د. طلال محفوظ