إنّ المملكة التي بزغت نهضتها المتوّثبة في جميع المجالات، إذ تودع قرناً مجيداً من الكفاح والنضال، يرجع الفضل الأول فيه إلى الله سبحانه وتعالى ثم إلى جهود المؤسِّس والموحِّد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الذي استطاع أن يحقق المعجزة الكبرى في الجزيرة العربية بتأسيس هذه النجمة الساطعة التي بزغ ضوؤها في ليل الصحراء العربية مع مطلع هذا القرن «المملكة العربية السعودية»، وكانت ملحمة جهاد عظيم لتطبيق العدل والشورى والمساواة وفق مبادئ الإسلام، وذلك بفضل إيمانه بالله وحدبه ورعايته لشعبه. ويذكر التاريخ جهود الملك عبد العزيز في مجال اكتشاف البترول في أراضي المملكة الشاسعة، وتطلُّعه إلى خير هذه البلاد وتحقيق التنمية الشاملة، وقد جاء منح امتياز التنقيب عن البترول واستغلاله في المملكة عام 1933م في فترة اقتصادية عصيبة في تاريخ المملكة وتاريخ العالم، حيث اتسمت تلك الفترة بكساد كبير كانت بدايته عام 1930م وتلاشى بنشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939م، والمملكة لم تستطع آنذاك شأنها شأن الدول الأخرى برغم بساطة اقتصادها، أن تتجنّب التعقيد الاقتصادي والكساد الذي ساد العالم. وبإيمان الملك عبد العزيز القوي بالله وتواصله الفاعل مع تحديات الواقع وطموحات المستقبل، شجع اكتشاف البترول في المملكة مدفوعاً بالرغبة في تغيير اقتصاديات المملكة من اقتصاد بدائي إلى اقتصاد متقدم، وقد استطاع الملك عبد العزيز برؤيته الثاقبة إلى المستقبل، أن يدرك مدى الأهمية القصوى التي سوف يحققها اكتشاف البترول، ولذلك استطاع بجهوده المتواصلة وعلاقاته الواسعة وبشخصيته المؤثرة البارزة، أن يستقطب إليه العناصر المؤهّلة للقيام بهذا الدور الكبير، وأن يمهِّد السبيل لتحقيق هذه الاكتشافات وتشجيعها. وتسابقت الدول والشركات الاحتكارية في مجال اكتشاف البترول وتصديره، ولم تتخلّف المملكة منذ تأسيسها عن هذا المضمار حتى أصبحت في صدارة الدول المصدِّرة للبترول والتي تمتلك أكبر احتياطي في العالم، ويرجع الفضل الأول في ذلك لله سبحانه وتعالى ثم إلى جهود الملك عبد العزيز. ففي ظهيرة الثاني من محرم عام 1357ه الموافق الثالث من مارس عام 1938م كُتب سطر جديد وضّاء له دلالاته العميقة التي انعكست آثارها على الإنسان السعودي وعلى العالم بأسره، وذلك عندما تفجّر البترول من بئر الدمام السابعة، وكانت إشارة لمرحلة جديدة تسابق الزمن أطلقها المؤسِّس والموحِّد والمصلح الملك عبد العزيز، عندما قام بإدارة الصمام إيذاناً بتحميل أول شحنة من البترول السعودي عام 1358ه 1939م. وقد أسبغ الله نعماً كثيرة على المملكة، وكان البترول أحد هذه النعم التي استطاعت المملكة بفضل الله ثم بفضل سياسة الملك عبد العزيز، أن توجِّهها نحو خير وسعادة أبناء المملكة والشعوب العربية والإسلامية والعالم أجمع، بفضل جهود القائد العظيم الملك عبد العزيز بعد الله.