الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: إنه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك يسرني أن أتقدم بتهنئة جميع المسلمين في داخل البلاد وخارجها سائلاً المولى عز وجل أن يهله على الجميع بالأمن والإيمان وأن يعين على صيامه وقيامه ويتقبله منا إنه سميع مجيب. وإني بهذه المناسبة الطيبة أذكر أهل الخير والمعروف وهم كثير ولله الحمد في هذه البلاد المباركة بقول الله عز وجل «وتعاونوا على البر والتقوى» وقوله «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» وقوله «وافعلوا الخير لعلكم تفلحون» وقول رسوله صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» وقوله «ما نقصت مال من صدقة بل تزده، بل تزده» وقوله «ما من يوم إلا وينزل فيه ملكان يقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا» وقوله عليه الصلاة والسلام «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس». ولا شك ان الإحسان إلى الناس وإدخال السرور عليهم وبذل المعروف لهم من أحب الأعمال وأفضل القربات إلى الله وهي منة من الله على العباد لا تحصل إلا لمن أراد بهم خيراً. فهي سبب لجلب النفع ودفع البلاء والضر فإن صنائع المعروف تقي مصارع السوء. يقول الشافعي رحمه الله: وأفضل الناس من بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات لا تمنعن يد المعروف عن أحد ما دمت مقتدراً فالسعد تارات إن الجمعيات الخيرية التي بلغت أكثر من مائة وثمانين جمعية في هذه البلاد الطيبة تجسد المعنى الصحيح للتكافل الاجتماعي الذي حث عليه ديننا الحنيف كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وتقتصر خدمات كل جمعية على منطقتها بل على المحافظة وتوابعها التي هي فيها تنظيما للعمل ومنعاً لازدواجية الصرف وقطعا لسبل المتسولين الذين اتخذوا من هذا العمل المشين مهنة لهم. وإن من المشاهد تعاطف الكثير من الموسرين مع هؤلاء الذين يقفون أمام أبواب المساجد والمحلات التجارية بل وتعدى بعضهم إلى دخول المدارس والمنازل متذللين لغير الله فيجدون من يدفع لهم الصدقات بل ومن أموال الزكاة للتخلص منهم. وحسب مشاهداتنا وتحرياتنا من واقع عملنا التطوعي بالجمعية فإن كثيرا منهم لا يستحقون الزكاة .. إن إعطاء الأموال للمتسولين بهذه الصورة تشجيعاً لهم على الاستمرار بهذه المهنة الدنيئة التي طالما بذل ولاة الأمر جهوداً كبيرة للحد منها ولا يزالون خاصة وأنها توفرت القنوات الخيرية التي توفر لهم حاجاتهم الضرورية كالضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية والمبرات والمستودعات الخيرية وغيرها وإن على أئمة المساجد التعاون مع الجهات المسؤولة في منع هؤلاء المتسولين وتقديم النصح لهم وتوجيههم وتحذيرهم من مغبة هذا العمل المشين. إن صرف الزكاة لهؤلاء بدون معرفة لأحوالهم وكذا من يدفعونها كعادة سنوية لقرابتهم أو لمن يخافون من ألسنتهم كما يقول البعض وهم ليسوا من أهل الزكاة لا تبرأ بها الذمة بعكس ما لو أعطيت للجمعيات الخيرية التي أخذت على عاتقها مسؤولية دراسة أحوال الأسر الفقيرة ومعرفة ظروفها قبل الصرف لها والجمعيات تتحمل مسؤولية إنفاق الأموال التي تصل إليها وتبرأ ذمة المزكي بمجرد تسليم ماله إلى الجمعية المرسمة لدى ولاة الأمر وليس عليه أن يسأل أين ذهب ماله. أليست هذه خدمة عظيمة من الجمعيات للموسرين الذين يحبون أن تصل زكواتهم إلى مستحقيها؟ ألا يجدر بنا والحالة هذه أن نبر تلك الجمعيات ولو بجزء من صدقاتنا وزكواتنا ونقف معها معنويا ونذب عن أعراض القائمين عليها لما قد ينالهم من ذوي النفوس الضعيفة.. وإني بهذه المناسبة أحث أهل الخير عموماً أن ينتهزوا فرصة هذا الشهر المبارك الذي تضاعف فيه الحسنات وتقال فيه العثرات ألا يبخلوا على أنفسهم بفعل الطاعات ومنها البذل لفقراء المسلمين عبر هذه القنوات الخيرية وغيرها. هذا وبعد شكر الله عز وجل أشكر ولاة الأمر حفظهم الله الذين لم يألوا جهداً في دعم كل عمل خيري مادياً ومعنوياً وفقهم الله وسدد على طريق الخير خطاهم وأسأله سبحانه أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين. محمد بن ناصر العريني