من أهم الموضوعات التي سيناقشها منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الخامسة، والتي ستعقد في العاصمة الرياض خلال الفترة 17-19 ديسمبر الجاري، هو موضوع الأمن الغذائي. وستقدم في المنتدى ورقة عمل عن «الأمن الغذائي بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الزراعي الخارجي»، أعدها معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية بجامعة الملك سعود. فالأمن الغذائي لم يعد مسألة اقتصادية فقط، بل هو قضية تشغل بال العالم كله، والسبب في ذلك هو النقص العالمي في المعروض من الغذاء، والخلل الواضح بين مناطق الإنتاج ومصادر الغذاء وبين مناطق الاستهلاك، ناهيك عن الآثار الواضحة لتغير المناخ وانتشار الأوبئة والمجاعات، وضعف آليات السوق في التوازن بين العرض والطلب بسبب القيود التجارية أو الاضطرابات السياسية أو الضغوط السياسية التي تستخدم الغذاء كوسيلة سياسية، بعد أن ابتعد الإنسان، في الغالب، عن الاحتكام إلى أخلاقياته الإنسانية. هذه هي الأطر العامة لمسألة الأمن الغذائي، وهي مسألة لها تبعات أكثر في المنطقة العربية بحكم موقعها الجغرافي، وأوضاعها الاقتصادية، والأزمات السياسية التي تعصف بها، وكلها أثرت على فاتورة الغذاء العربي، وضعف أمنها الغذائي، وأصبحت تميل إلى الاستيراد مع ضعف الإنتاج المحلي. ويشكل الأمن الغذائي حالياً مشكلة تنموية حقيقية في الدول العربية عموماً، وتعد بالنسبة للمملكة العربية السعودية من القضايا التي تحتاج إلى اهتمام أكثر. ولذلك طُرحت فكرة الاستثمار الزراعي في الخارج باستثمارات سعودية، حيث يمكن أن تكون بديلاً لضعف الإنتاج الغذائي المحلي. والقطاع الزراعي في الاقتصاد السعودي يحتاج إلى تطوير، وتكلفة هذا التطوير عالية جداً بسبب شح المياه وصعوبة المناخ. ولعل من المناسب جداً تشجيع الاستثمار السعودي في الزراعة في الخارج، وفق معايير اقتصادية واضحة تضمن ليس عائداً مجزياً فحسب، بل المحافظة على رأس المال المستثمر بسبب ما تتعرض له كثير من الدول حالياً من أزمات سياسية، وتأثير ذلك بالضرورة على مناخ وعائد الاستثمار. وتقترح ورقة العمل التي ستقدم في المنتدى، وضع رؤية إستراتيجية لهذا الخيار، وإنشاء جهة حكومية مختصة تتولى ملف الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية، وتضع إستراتيجية للمخزون الإستراتيجي الواجب الاحتفاظ به من السلع الغذائية الإستراتيجية لمواجهة أي تقلبات غير متوقعة في العرض. * رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الرياض.