سرَّ كلَّ مواطن في هذه البلاد ما قاله صاحب السمو الملكي ولي العهد في لقائه بمنسوبي ومنسوبات التعليم يوم 19/8/1422ه، حين أعلن بصوت واضح لأولئك الذين سلطوا ألسنتهم وأقلامهم على بلادنا في أمريكا أنه «لا مساومة في الدين والوطن». «الدين» عقيدة في صدر كل مواطن لا يقبل المساومة عليها مهما بلغت المنافع المتبادلة مع الآخرين، ولن يرضى مواطن هذه البلاد الدنيَّة في دينة، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم «لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين»، فالدين مقدَّم على حب المال والولد، وإذا كان أولئك الذين يعيشون وراء البحار يظنون أن المصالح المتبادلة ستكون على حساب الدين فليعلموا أن كل مصلحة (مهما علا نفعها) لن تقبلها نفوس أبناء هذه البلاد إذا كانت ستمس دينهم الذي ارتضاه الله لهم، وأكرمهم بأن يتوجَّه كل العالم بوجوههم صوب هذه البلاد المقدسة آناء الليل وأطراف النهار. «والوطن» لاتراق الدماء إلا إذا تعرَّض حماه لاعتداء معتد، وإذا كان الوطنية شعاراً لدى بعض الشعوب وقد يزهدون في وطنهم إذا وجدوا رغيد العيش في مكان آخر، فإن أبناء هذه البلاد لا يرضون بها بديلاً، يحبون هجير صحرائها، وغبار سمائها، ووعورة جبالها، لم يزهدوا فيها قبل أن ينعم الله عليها بالخيرات المادية، ولم يغرهم ما في الغرب من ملذات أن يهاجروا أو يتخلوا عن جنسياتهم، إنه وطن يحتل حنايا الضلوع ولا يرضى مواطن بغيره وطناً، إن مسّه الجوع فهو وطنه، وإن نعم بالخير فهو وطنه، هو وطن في الرخاء وفي الشدة، وهل يُصدق أن يزهد في مواطنة هذه البلاد مَن أكرمه الله بها؟! ألم يقل ذلك الشاعر المدني منذ قرون: يا ساكني طيبة من بَعْدِ بُعْدكم لم يألف القلب لا ربعاً ولاداراً الدين والوطن ثنائية من ثوابت هذه البلاد شعباً وحكومة، لا تقبل مساومة ولا أخذ ولا عطاء كما عبَّر عن ذلك صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله، إنه وطن حبه عقيدة، لأنه مقدَّس. مواطن هذه البلاد لم يهاجر إليها طلباً للرزق، بل رضي بها منذ خلق الله آدم فما زال محمولاً من أصلاب الطيبين إلى أرحام الطاهرات، جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن، وسيبقى كذلك عربي اللسان، مسلم العقيدة لا يزحزحه عن ذلك تهديد مهدّد ولاتوعّد متوعّد، ولا إغراء مغرٍ، ولا مهاجمة ظالمة من صحف أمريكا وأوروبا. ليعلم أولئك الذين ظنوا أن المصالح المتبادلة بين الشعوب قد يتجاوز بسببها الثوابت أن ثوابت هذه البلاد كثبوت الشمس وكرسوّ جبال هذه البلاد، وإذا تعرّضت لقوة قوى فسيبعث الله (طيراً أبابيل) تناسب كل عصر لترد عدوان المعتدي ما دام أبناؤها مؤمنين بالله رباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وبقداسة هذه البلاد أرضاً. المصالح بين الشعوب في أمور الدنيا تقرّها كل الأديان والشعوب ولكن أن تصبح وسيلة ابتزاز فهذا ما لا يقبله أبناء هذه البلاد. فشكراً لسمو ولي العهد حين عبَّر عن معانٍ كثيرة في ألفاظ محدودة «لا مساومة في دين أو وطن». للتواصل ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691 [email protected]