عندما انهالت التهم الجزافية في أمريكا على أبناء بلادنا فور أحداث الحادي عشر من سبتمبر قلنا: لعل لهم عذراً، فتلك الأحداث في شناعتها وفجائيتها ودقة تنظيمها، واستهدافها أهدافاً مهمة، تفقد الحليم صوابه، وبخاصة أنها نالت أكبر قوة في العالم، شعرت بعدها بامتهان كرامتها أمام العالم الذي ظلت تخيفه بأنها القوة التي لا تقهر. لقد أطلقت التهم على السعوديين بسبب الأسماء التي ثبت أن بعضها حي يرزق لم يمت في الطائرات، وبعضها مات قبل الحادثة بسنوات، ثم ألصقت التهم بدون محاكمة بل زاد الأمر غرابة عندما أعلنت إدانة المتهمين في تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام بعد سنتين من المحاكمة، في حين أن السعوديين أدينوا بعد ساعات وبدون تقديم وثائق فضلاً عن المحاكمة العادلة. وزاد الطين بلة أن أجهزة الأمن الأمريكية أصبحت تلاحق السعوديين هناك وتقتادهم إلى السجون دون ذنب اقترفوه، وأصبح كل سعودي متلبساً بالجريمة وهو بريء منها، وذنبه الوحيد جنسيته. ثم انهالت وسائل الإعلام على تحريض الشعب الأمريكي ضد السعوديين فنال الدارسون هناك من الأذى ما نشرت عنه وسائل الإعلام ما لا يكاد يصدق أن يحصل في أمريكا. ثم تطور الأمر إلى اتهام كل سعودي حتى لو لم تطأ رجله أرض أمريكا بأنه إرهابي، واتهام البلاد كلها بأنها مصدر تفريخ للإرهاب، ومع أن الإرهاب ما زال لفظا غامضاً ليس له حد جامع مانع إلا أنه يفهم من وسائل الإعلام الأمريكية أن الإرهاب يتسع بحيث يشمل كل من يؤدي شعائره الدينية، بل حتى الطفل الذي يحفظ القرآن الكريم في المدرسة، أصبح يوصم بأنه يتلقن مصادر الإرهاب وأي مدرسة للعلوم الدينية هي وكر للإرهاب. إن يوجد مجرم من بين السعوديين أمر ممكن حتى في بلاده، وأن يعد ماحدث في أمريكا جريمة أمر مسلَّم به، لكن أن يصبح كل سعودي إرهابياً وبلاده مصدرا للإرهاب هذا هو الاعتداء الظالم على شعب بسبب تمسكه بثوابته التي أهمها الإسلام الذي أنار الله به هذه البلاد فأشرقت بنور ربها منذ نزول «اقرأ» وستبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها. السعودية منذ نشأتها وهي دولة الإسلام عقيدة وتطبيقا، ولم تتزحزح عنه في أي وقت، ولم تره منقصة في يوم من الأيام، حتى عندما وصمت بالرجعية في زمن تسابق القيادات الإسلامية على العقائد الوافدة من الشرق أو الغرب واعتناقها والدعاية لها تحت مظلة التقدم، بقيت السعودية صوتا وحيدا يدعو المسلمين إلى الإسلام حتى ولدت منظمة المؤتمر الإسلامي. الإسلام أهم ثوابت السعودية ولن تؤثر عليها التهم الجزافية، ولا الحملات الإعلامية المحمومة وستبقى بإذن الله دولة ذات سيادة تقدر للصديق صداقته المبنية على المصالح المشتركة دون أن يؤثر ذلك على ثوابتها. إنها دعوة لكل صاحب قلم، ولكل صاحب لسان معبر أن يواجه هذه الحملة المحمومة بالقلم وباللسان، بكل اللغات، فالسلاح الإعلامي يقابل بسلاح مثله، وهذا واجب وطني كواجب الجهاد إذا تعرضت البلاد للخطر. للتواصل: ص.ب 45209 الرياض: 11512 فاكس: 4012691 [email protected]