كيف (نسيطر) على أميركا..؟!!! سؤال غريب عجيب.. أليس كذلك؟! .. ولكن.. الأغرب من السؤال.. سائل السؤال..! ..والأعجب من السائل والسؤال.. صيغة السؤال..! .. أما الإجابة، فليس لها من الغرابة أو (العجابة)، ما للسؤال وسائل السؤال. .. لأني ببساطة، لم أجهد كثيراً في تنصيصها أو ترصيصها، مثلما كان يتوقع الصديق(نحن)..! .. أما الصديق (نحن) هذا، فلي معه ألف حكاية وحكاية. فهو السائل والسؤال والجواب.. الكل في واحد.. ! أليس هو(نحن)..؟! .. في مساء يوم الحادث الإرهابي، الذي تعرضت له مدينتا نيويورك وواشنطن، هاتفني. لا أدري من أين.. جاء صوته معبراً عن الغبطة والفرح والابتهاج والسرور.. هذا كله عبر عنه دفعة واحدة، وهو يرمي على ما يبدو إلى معرفة صدى هذا الحادث (الجهادي) العظيم، ضد دولة الكفر والأمة الكافرة.. ! على شخصي المتواضع..! .. كان هذا (ظناً) مني، وبعض الظن (ليس) بإثم..! .. وعندما عرف أني غير مغتبط ولافرح ولا مبتهج ولامسرور.. ولا شيء غير(ما يحزنون)، ثار وأرعد وعربد، ولو كان أمامي في تلك اللحظة، لقلت لكم بكل ثقة، أنه(أزبد)..! .. ثم إنه قال بعد ذلك: و(لكننا) فرحون..! .. قلت في(غيرما) هدوء، وعلى طريقته(الجمعية) الخاصة: ولكن(نحن) غير فرحين..! .. لم أكد أتمم كلامي القصير هذا، حتى انفجر في وجهي عبر أسلاك الهاتف طبعاً قائلاً: ومن (أنتم) حتى تفرحوا أو تحزنوا..؟! .. وعلى الطريقة نفسها كان ردي: ومن أنت حتى تقول لي(نحن)..؟! .. بعد هذا التصادم(غير) الحضاري، الذي وقع بين(أنتم ونحن)، والذي هو،(جزء) من صورة ثابتة في حياتنا اليومية، خاصة إذا ما (اشتبكنا) في حوار ما، أو (تراشقنا) بنقاش ما..! وينبغي، ألا تثير هذه الصورة الشاذة، أحداً ممن يتوقع منا غير ذلك..؟ بعد ذلك، أصبحنا، (هو وأنا)، صديقين. عفواً، أصدقاء. أحد الأطراف يعرف صاحبه على مايبدو معرفة جيدة، يأتي فيحادثه مرة بلكنة خليجية، ومرات بلكنات فيها تغريب..! أما الطرف الآخر، فيا غافل لك الله. مثل الأطرش في الزفة، يحاور مخلوقاً مجهولاً لايعرف اسمه ولا عنوانه، ولاشيئاً عنه البتة. .. لكني ومن أجل ردم فجوة التغريب بينه وبيني، توصلت إلى اختراع فريد، فمع تكرار اتصاله بي، معاتباً أحياناً، ومغاضباً أحياناً أخرى، ومستميتاً مرات، في محاولة جَرِّي وتوجيهي إلى وجهة هو يريدها، في الكلام على قضية الإرهاب ورموزه، ومشروعيته في هذا الوقت بالذات مثلما يعتقد هو.. هذا الاختراع الذي أراحني بعض الشيء، وصرف نظري عن سؤاله في كل مرة عن اسمه، هو أني استنبطت له اسماً رضي به، فقد صرت أقول له في كل مرة: أهلا بأخي (نحن).. وشكراً أخي (نحن).. ودعني أسمع صوتك أخي(نحن)..! وهكذا إلى أن هجرني، أخي(نحن)، فلم أعد أسمع له صوتاً بعد ذلك. .. إن أخي(نحن)، كان هذا قبل سقوط حكم الطلبة في أفغانستان يعتقد بكل ثقة، أن الهجوم الذي تعرضت له المدن الأمريكية في(11) سبتمبر الماضي، يمكن أن يكون (بروفة) لعمل (جهادي) كبير هدفه، (السيطرة) على أمريكا..! على اعتبار أن (طالبان وجماعة القاعدة)، يشكلان أكبر قوة في العالم..! وأن من واجب العالم الإسلامي اليوم هذا كان قبل شهرين معاضدة هؤلاء(المقاتلين الفاتحين)، حتى يتحقق الحلم الكبير، في (السيطرة على أمريكا) والعالم من بعدها)..!.. ولما كنت أعاني من مشكلة (تلازمني)، في تصديق ما أسمع، خاصة إذا جاء هذا عبر أسلاك الهاتف، وزيادة على ذلك، إذا جاء من شخص لا أعرف عنه إلا أنه( نحن)، اسم من اختراعي. ثم إني كنت أصغي فيما مضى منذ عدة سنوات، إلى نصائح مرب فاضل من قدامى المعلمين والمربين، عملت معه سنوات طويلة، هو الشيخ سعود الحاقان رحمه الله رحمة واسعة، فصوته مازال يجلجل في أذني حتى اليوم، فأسمعه وهو يردد:( نصيحة يابني، لاتصدق كل مايقال، الذي تسمعه يقال أمامك، صدق نصفه، والذي تسمع عنه من فلان وعلان، لاتصدق به البتة). .. رحمك الله يا أبا أحمد.. أين أنت اليوم مني ومن هذا ال (نحن)..؟! .. وأمام ضغط هذه المشكلة العويصة، طلبت من (نحن)، إعادة ما أسمع منه، فقال: بأن (أم القضايا) اليوم، تكمن في كيفية (السيطرة) على أمريكا..! ثم ألقى على محاضرة(هاتفية)، في سطوة هذه الدولة الكافرة وجبروتها، وظلمها وكيلها بمكيالين، ووقوفها إلى جانب اليهود في العالم.. إلى اخر ما هو معروف عن السياسة الأمريكية، التي لايرضى عنها أحد، خاصة إذا مست المصالح العربية والإسلامية. وقوله هذا حق. وعندما وافقته وأيدته في الطرح، في خصوص السياسة الأمريكية، أثنى علي كثيراً..!فقلت بصوت مرتفع: شكراً لكم يا صديقي(نحن)..! لكنه قال بعد ذلك مستدركا: بأني( أنا) وحدي وليس غيري، وقفت وكتبت بقوة ضد العمل( الجهادي) الموجه ضد المدن الأمريكية، ولم أقف معه..! .. هنا برزت معادلة شرق أوسطية خطيرة: (إذا لم تكن معي، فأنت ضدي)..! .. ومن هذه اللحظة، بدأ الاختلاف بيننا، وليس الخلاف بطبيعة الحال. .. قلت له بعد ذلك: ذاك شيء، وهذا شيء آخر أيها الصديق. ثم حاولت ممازحته وقلت: لماذا لا نفكر في طريقة(سلمية) سهلة، تحقق لكم (السيطرة) على أمريكا..؟ .. رد بسرعة قائلاً: قل وجهة نظرك أنت، في (مشروعنا هذا).. هذا دورك.. أرني ماذا تفعل،(نحن) ننتظر. ثم ودعني وهو يقول: إلى لقاء يا صديق(أنتم)..! .. كان يغمزني بطبيعة الحال، بقوله( أنتم)، من قناة(نحن). ثم لم اعد أسمع له صوتاً منذ عدة أسابيع... اليوم.. أشعر أن علي ديناً نحو الصديق(نحن) واجب الأداء. فبعد أن شاهدت أمس، نشرة مفصلة على قناة عربية متلفزة، تعرض وتصور سقوط(حكومة الطلبة) في أفغانستان، واندحار عناصرها المتشددة المسلحة، إلى جحور وكهوف(هندوكوش) في الجنوب، وتصور في الجانب الآخر، شعب أفغانستان الثائر على الظلامية والجهل، وهو يتنسم الحرية، ويستقبل حياة جديدة مشرقة في بلاده، بدون طلبة متشددين، ولا عرب متطرفين على أرضه، بعد هذا المشهد الجديد، (تحوفزت) وتحفزت، ثم حوقلت وبسملت، وبدأت في رسم خطة(سلمية) سهلة مبسطة، هي خليط أكيد من سحر (الشرق) وصفة طبية (طالبانية) فيها دواء لكل داء، وخلطة (دوائية) لاتخلو من بهارات وفلافل وحلبة ويانسون وزيت خروع أيضاً، وهي مهداة لصديقي(نحن)، عساه يكون اليوم خارج أفغانستان في هذا الظرف العصيب، فيستفيد منها في تحقيق (مشروعهم) الجهادي هناك على أرض العم سام. .. أخي (نحن).. لكي ن (سيطر) على أميركا مثلما تريد، ينبغي أن نفرق بين حكومة أميركا وشعب أميركا. حكومة أميركا متسلطة وغير منصفة، أما شعبها فهو في ظني المتواضع بسيط تسهل(السيطرة) عليه. ولتحقيق هذه السيطرة، لابد أن تسعى يا (نحن)، إلى خلخلة هذا المجتمع من داخله، خلخلة حقيقية بعيدة عن العنف والهجوم بالطائرات والسلاح النووي والكيماوي والجرثومي وما إلى ذلك. لماذا لا تجربون.. أخي(نحن)، العمل على ثلاثة محاور رئيسة هي:( المدرسة والبيت والكنيسة)..؟ .. من السهل جداً، تخريب البنية الأساسية للمجتمع الأميركي، هذا.. إذا استطعتم، إقناع الفرد في هذا المجتمع، بأن في الديانة المسيحية التي يعتنقها معظم الناس هناك، أشياء كثيرة تغيبها حكومته عمداً، ومن ذلك على سبيل المثال، أن الزواج الذي تم بين الآباءوالأمهات، لا يتمشى وروح (التعميد) في الكنيسة، ولذلك فإن على كل أميركي وأميركية، الطلاق من بعضهما، ثم البحث في الزواج من جديد بشروط وقواعد. وأن الأبناء على هذا الأساس، مشكوك في نسبتهم إلى والديهم..! ثم.. التركيز في مسألة القربى المشكوك فيها هذه، لكي يزيد انشغال الناس بهذا الأمر أكثر وأكثر. .. وبعد هذه (القنبلة) الخطيرة ضد البنية الأساسية لهذا المجتمع، الذي هو خليط غريب لا يحتاج إلى عناء كثير في خلخلته، يأتي دور خلخلة الأسرة نفسها، بحيث يفهم الأبناء والبنات، أن آباءهم وأمهاتهم، يعيشون في جاهلية مسيحية..! فهم يرتكبون كثيراً من المحظورات والمحرمات في الدين المسيحي، وعلى الأبناء تصحيح هذا الوضع. عندها.. يحدث التصادم بين الأبناء ووالديهم، ويحدث الانفصام والانفجار. ولا بأس في هذا النهج(التخريبي)، الذي ربما تراه يا (نحن) جهاداً مشروعاً، من الاستفادة من التجربة(الطالبانية)، فتبحثون في النصوص الكنسية القديمة أو الحديثة، عن دلائل تفيد في عملية تشكيك هذا المجتمع الأميركي، في كثير من ثوابته التاريخية والجغرافية والثقافية، وفي ممارساته الحياتية اليومية التي اعتاد عليها، مثل الذهاب إلى دور السينما والمسرح، ومشاهدة التلفزيون والصور، ولبس البناطيل الطويلة، وما تحزق وتمزق من قمصان وقفطان، وكشف الرأس، ولبس الساعة في اليمين أو في الشمال وغير ذلك. وتعملون على تكوين جماعات للأميركيين والأميركيات، صغاراً وكباراً، للرجال وللنساء، في الأحياء والمدارس والكنائس، تعلم هؤلاء الصغار، الأدب مع رؤساء ورئيسات الجماعات، والانقياد لهم، وطاعتهم طاعة عمياء. .. أعتقد يا (نحن)، بكل صدق وأمانة، بأن تهديد الدولة الأميركية العظمى اليوم، وتنفيذ عمليات ضدها، فيها قتل للناس، وتدمير للممتلكات العامة، هو عمل جبان رخيص، لايعني القوة التي يدعيها الجبناء، ويصدقها البسطاء والضعفاء، وأن إعلان الحرب على دولة كبيرة بهذه القوة، لن يفيد، بل يضر بالأمتين العربية والإسلامية، ولكن.. عليكم يا صديقي، بالسياسة والصبر، واستهدفوا الشعب الأميركي، ولا تستهدفوا الحكومة. ازرعوا بذور الانشقاق في الناشئة وهم صغار، لتحصدوا ما تبغون وهم كبار، ادخلوا المدارس وتربعوا في صفوفها، خربوا المناهج الدراسية، واغرسوا فيها أفكار الفرقة بين الأب وابنه، والزوج وزوجته، وبين الأسرة ومحيطها، وبين المجتمع وحكومته. .. وبما أن الشعب الأميركي، مغرم بالخروج إلى البراري والغابات، ولبس(الشورت)، واحتذاء (الكاوتش)، فجربوا الوصول به، إلى أن تعاليم الكنيسة، تحرم الحياة المنعمة المرفهة، ووسائل الكهرباء والهاتف والسيارة والطائرة والتدفئة والتكييف، وكافة المخترعات العلمية الحديثة التي (خربت) البشرية، ومنها السكن في ناطحات السحاب طبعاً، عندها.. سوف يهجر هذا الشعب الدور والقصور، ويتجه إلى العيش في الخدور، في صحارى (كاليفورنيا) الرملية، أو في غابات الأمزون أو في صحارى (سيبيريا) الثلجية ثم يترك لكم المدن والشوارع والأحياء وناطحات السحاب، لتستولوا عليها، وتتنعموا بها وبما فيها، في ظل الحلم الكبير، حلم (السيطرة)..! .. ادخلوا الكنائس ودور العبادة، واستغلوا منابرها في الدعوة إلى الجهاد (الكنسي) ضد الدولة الأميركية، وضد مؤسساتها الاجتماعية والثقافية والعلمية..! .. وعندما يتحقق المراد، من هذه الوصفة(الجهنمية) الساحرة، لا تنسوايا( نحن) إخوانكم في الشرق، ولو من الدعاء.. الدعاء يكفي..! [email protected] fax027361552