آخر صيحات «الأكاديميين السعوديين», هي مطالبة أحدهم خلال الملتقى الخامس لجمعيات الزواج والأسرة في بريدة، بإضافة مسمّى «عانس» إلى قائمة ذوي الاحتياجات الخاصة؛ للاستفادة من المزايا والتسهيلات التي تُمنح لهذه الفئة؛ من مراعاة للظروف في بعض الجهات الحكومية في أولويات التوظيف، والمفاضلة، والمعاملات الخاصة. أبو الشباب يطالبنا بتصنيف «فتياتنا» اللاتي لم يكتب الله لهن الزواج بعد ب»المعاقات»، وينظر إلى الفتاة العانس على أنها من «ذوي الاحتياجات الخاصة»؛ والمبرر هو أن تحصل على إعانة وأولوية في التوظيف!! لا أعرف كيف يمكن قبول مثل هذا الطرح؟! لا نريد هذه الإعانة تحت هذا المسمى إطلاقاً. مع تقديرنا ومساندتنا لمكانة «ذوي الاحتياجات الخاصة» في المجتمع، فهم «فئة غالية «على نفوسنا جميعاً، إلا أن ما ذكره الدكتور وتناقلته كثيرٌ من وسائل الإعلام الأجنبية» للأسف على أنه أحد أغرب المطالب في العالم هذا العام, هو ما سيساعد في نقل صورة خاطئة وسلبية عن نظرتنا تجاه المرأة، فهذا الدكتور الأكاديمي الذي طلب منه «المشاركة» وإيجاد حل «لمشكلة» اجتماعية، كنا ننتظر منه طرح حلول تساعد على المساهمة في القضاء على هذه الظاهرة والتخفيف من آثارها النفسية والاجتماعية على «كل فتاة» تجاوزها قطار الزواج دون ذنب اقترفته, فإذا به يجعل من الطبيبات, والمدرسات, والمتعلمات, والمثقفات, والفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد «معاقات»، دون مراعاة لمشاعرهن, وهن لم يقترفن ذنباً لعدم تقدّم أحد لخطبتهن دون قصور في جمالهن أو صحتهن أو تعليمهن أو لعدم موافقة ولي أمرهن على الزواج. حقيقة لا أعرف سبب هذه «النظرة السوداوية» التي تكتنف البعض تجاه قضايا المرأة، وحساسيتهم المفرطة منها في المجتمع، وكأن وجودها سينقص من «كمية الأكسجين» في السماء, وكأنهن عاهات إذا لم يتزوجن, أي منطق يقبل مثل هذا الطرح. هل حب الشهرة, ورغبة مخالفة التيار, هي التي دفعت بتقديم مثل هذه الورقة والأطروحة في مؤتمر عُقد في الأصل للبحث في تشعبات وأسباب هذه الظاهرة، ومن المسئول عن «صورة مجتمعنا» أمام العالم بعد تناقل هذا الخبر من وسائل إعلام مغرضة؟! أحدث الإحصاءات تتحدث عن وجود «مليون ونصف المليون» فتاة بيننا ممن فاتهن قطار الزواج, ومن بينهن أعداد كبيرة من المؤهلات والمتعلمات فلا يجوز إطلاقاً وصفهن وتصنيفهن بهذه الطريقة التي جعلت من الخبر للأسف أضحوكة تناقلته وسائل الإعلام العربية والأجنبية مبتوراً «بشقه الأول» وإن لم نوافق على «شقه الثاني» في الأصل. ألم يسال صاحب هذا المقترح نفسه: هل ينطبق الأمر على الشاب «العانس» والعاطل؟! لن يجرؤ هذا الأكاديمي أو غيره على وصف وتصنيف شبابنا «ممن فاتهم سن الزواج» المتعارف عليه، بأنهم من «ذوي الاحتياجات الخاصة» ,فكيف نتجرأ على «الفتاة المسكينة» ونزيد من الضغوط النفسية عليها «بوصفها» بمثل هذا الوصف, والمبرر أن تصرف لها إعانة وتحصل على وظيفة, أعتقد أن هذا أمر «مخجل للغاية» وفيه تجن على «الفتاة» التي قد يكون «والدها أو ولي أمرها» هو من يقف عثرة في طريق زواجها, رغم أنها تملك كل مقومات النجاح. فمن يُطلق عليها اليوم «عانس» قد يكتب الله لها «السعادة» غداً, لتكوّن «أسرة ناجحة» أفضل ممن سبقنها بالزواج, فباختصار هن لسن معاقات! وعلى دروب الخير نلتقي.