رحمك الله يا شهيد الوطن والأمة، يا من سطر تاريخ بلاده بماء من ذهب، رحمك الله يا من له في قلب كل إنسان عرفه مساحة حباً ووداً، رحمك الله يا من غرس في نفوسنا حب الخير، رحمك الله يا من علمنا التواضع والحلم عند المقدرة، رحمك الله يا من له في كل ميدان بصمة، رحمك الله يا أميرنا وحبيبنا وولي عهد دولة الإسلام والعروبة، رحمك الله يا رمز القوة والهيبة، يا وزير دفاع مملكة الإنسانية، رحمك الله يا سلطان بن عبد العزيز آل سعود رحمة واسعة وغفر ذنبك وأسكنك فسيح الجنان. سلطان بحر يعطي القريب جواهر ويرسل للبعيد سحائب. سلطان بحر في أعماقه الخير فائض على شعبه وأمته العربية والإسلامية. سلطان له بصمات لا يمحوها الزمان فهي ستظل محفورة بصدق وبأحرف من الألماس على لوحات الذهب في جيد الزمان. لقد كان ركناً ركيناً وحصناً حصيناً شامخاً في وجه العواصف المزمجرة، والأمواج العاتية التي أصابت الأمة جمعاء. فقد استطاع الصمود في شموخ وامتص الكثير من الصدمات وبأقل خسائر ممكنة على مستوى الوطن والأمة. سلطان العلم والمعرفة رجل له بصمات لا يغيرها الدهر، ولا يغيرها الزمان، وله إسهامات فيما وصلنا إليه من تقدم ورقي في ميادين العلم والمعرفة. فهو من أسس برنامج التوازن الاقتصادي، وهو من جعلنا بعد الله نحلق في الأفق، ونتملك أكبر أسطول نقل جوي على مستوى المنطقة، وهو من جعل القوات المسلحة (برية، وجوية، وبحرية) تمتلك أرقى أنواع المعدات والأنظمة، والدفاعات، بنى لنا جيشاً نفتخر به على مستوى الأمة العربية والإسلامية بل على مستوى العالم بأسره. فقد أسهم في بناء الفرد أخلاقاً وعلماً، حتى أصبح أهلاً وكفؤاً في ميداني السلم والحرب، وبنى لنا اقتصاد المعرفة وأسهم في نقل التقنية بطريقة يعجز المقام عن ذكرها. فذاك هو سلطان الخير رسم لنا خريطة طريق نستطيع أن نحاكيها، وأن نسير عليها كي نكون في مقدمة الركب وفي مصاف الدول المتقدمة حضارة وعلماً وتقانة. رحمك الله يا شهيد الوطن فقد لمست بأقوالك وأفعالك قلباً جريحاً فتماثل للشفاء، ورسمت البسمة على شفاه كل من فقدها وقصدك. لقد كنت معلماً، وأباً، ومُربياً، وشهماً، وفارس ميدان، وفارس كلمة، وصاحب راية عظيمة تعطيك القيادة (وبجدارة) في كل ميدان.لقد تعلمت منك الكثير فأنت من ساعد الجمعية السعودية لهندسة الاتصالات عندما كنت أعمل أميناً لها، ولا يوجد لدينا وقتها ميزانية نعمل بها، ساعدتنا لنصبح من أنشط الجمعيات السعودية. وأنت من جعل معاهد ومراكز وجمعيات الجامعات السعودية تصل إلى ما وصلت إليه من تقدم تقني وعلمي يفخر بها كل مواطن سعودي. موقف: في إحدى زيارات المغفور له بإذن الله تعالى إلى منطقة عسير أرسلت إليه رسالة أطلب فيها منه تشريفي وأسرتي بزيارتنا في منزلنا ب(بللسمر) حيث كُنت أعتقد بأنه سوف يذهب إلى أبها عن طريق البر (الطائف أبها). وتفاجأت في اتصال من ديوان سموه، يطلب مني الحضور إلى مقر إقامته في أبها. وقوبلت باهتمام كبير من قبل أفراد العلاقات الخاصة بسموه، وعند وصولي إلى مقر إقامته حرص مسؤول التنظيم بأن يُجلسني قريباً من سموه. الحقيقة دقات القلب تغيرت عن طبيعتها، ولكن كانت المفاجأة فقد ابتسم كعادته، ثم عقب قائلاً «عزيمتك يا دكتور عوض مقبولة موفورة إن شاء الله نزورك في بللسمر في القريب العاجل وسلم لي على الأسرة الكريمة ومشايخ وأعيان بللسمر». كانت تلك الواقعة حقاً رمز كرم، ورمز تواضع، ورمز حنان، ورمز دعم معنوي، بعدها طلب مني أن أدخل إلى المختصر لمناقشة مشروع بحث كنت قد تقدمت به، وكان قد كلف فريق عمل متخصص لمناقشة فكرة البحث. رجل بمستوى صاحب السمو الملكي سلطان بن عبد العزيز يرحمه الله وبمستوى مسؤولياته يهتم بأمور تهم شخصاً مثلي وبهذا القدر من الاهتمام، جعلني هذا أرى الناس بعين سلطان مهما كنت مشغولاً، فلن أدخر جهداً في الاستماع والمساعدة رغم أنني لا أملك للناس شيئاً ولكن غرسها في نفسي، وقد عاهدت الله أن أغرسها في نفوس أبنائي وطلابي ما استعطت إلى ذلك سبيلا. والله يرحمك يا سلطان الخير، ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب... * وكيل جامعة سلمان بن عبد العزيز للدراسات العليا والبحث