عند افتتاح المدارس وبدء الدراسة سمعت مجادلة حادة بين أبي فارس وزوجته أم فارس، وقد ارتفعت أصواتهما وكان حديثهما الصاخب يدور حول شراء ما سيحتاجه أولادهما الستة مما تتطلبه الدراسة، وكان أبو فارس قد ابتدرها بالحديث متألما مما لم يستطع تحقيقه من متطلبات الدراسة، ولقد سمعت ذلك الحوار وأنا أغط في سبات عميق، فاستيقظت ورسمت من فوري صورة من جانب تلك المشكلة التي تواجه أبا فارس وأمثاله فكانت على النحو التالي: ألا يا ويلتي يا أمَّ فارس غداً به ستفتحُ المدارسْ وخوفي أن تقوم فيه حربٌ ما بين غبراءٍ وبين داحسْ وأمسي حائراً فيما أراه بها والوجه مني يمسي عابسْ فلا تلوميني بها فإني لتلك الحرب لست بالممارسْ وليس من أبنائي فيها قرم يفلُّ رأيه ذاك - المشاكسْ- ففارس يريد مني نعلا ومريم وزينب وناعسْ وعبدالله والأديب عمرو صغيرهم وفي الترتيب سادسْ لكل واحد منهم حقوق تفوق في الحساب حدس حادسْ فمن يكون لي فيهم معينا ونافعا يكون لي مؤانسْ حوائج تفوق كل وصف شراؤها يُسبب الوساوسْ لأن الجيب لا فلوس فيه وما لذاك يقرضني مجالسْ ما حيلتي في الأمر؟ أمَّ فارس لقد حُسبْت بذاك في المفالسْ ألا ترين الصدر ضاق مني والفكر ضاع في بحر الوساوس وأخشى أن يكون بذاك عقلي قد صار لكل خلّةٍ مماسس فالدَّينُ والإيجارُ علي حلّا والحال مني باتت في مناحسْ فلا صديق لي بذا معين ولا لمن يعينني ينافس مالي من الدخول أي دخل ولا مقدار راتب لحارس أنا والفقر نمضي في صراع يوم يطارحني ويوم ناخس هو الأقوى ومالي فيه حيل ولا حتى له يوما أعافس رحماك يا إله الكون إني عجزت عن مطالب أم فارس تظن بي بخلا وما بي بخلُ سوى فقر على كتفي داعس