وتمر الأيام ثقيلة على نفس كل موا طن بهذا البلد المكلوم وهي في أشد ما تكون حزنا وأسى لفقد رمز وطنيا بحجم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام ذلك الرجل الفذ والذي عطا لوطنه الكثير.. مما لا يحصيه العدد من تلك الصروح الشامخة التي شيدها. ليأتي يوم الوداع الأخير يوم الثلاثاء الحزين حين ورى جثمانه الطاهر الثرى. وسط حشد هائل من المواطنين والمقيمين ووفود التعزية القادمين من شتى أنحاء العالم مشهد مهيب تخلله دعاء المواطنين على مختلف الأعمار رجالاً ونساءً بأن يتغمد الله الفقيد الغالي برحمته ويسكنه فسيح جناته... ويا مفارق قوم بات قلبهم لا الماء يطفي تلظيه ولا البرد والذين يعرفون الفقيد وهم كثير من داخل البلاد وخارجها لا يستغربون ما يرونه فقد كان رحمه الله محباً للجميع ومحبوباً من الجميع وكان رجلاً نموذجاً متفرداً في حبه وإخلاصه لوطنه ولمواطنيه.. كان للناس ومع الناس يتحرى أحوالهم ويمد يد العون لمن هم في حاجة إلى العون. كان مع الناس بحضوره اللافت وهو حي وسوف يكون حاضر في ذاكرتهم بعد مماته... سيظل وستظل سيرته العطرة في مثل ما كانت عليه من مثل ذلك التوهج. إنه سلطان التميز والجود والكرم صاحب الابتسامة المشرقة والعذوبة في النفس والطبع وكرم السجية ورقة الشمائل. هذا وسامك فوق صدرك ماله من بين أوسمة الفخار مثيل ولسنا بحاجة إلى المزيد فالناس المرآة التي يرى الإنسان فيها نفسه فهم شهود الله في أرضه. فحين يصير مثل هذا الزخم من الحب والتقدير مما صار منه ما صار يوم الوداع من ذلك اليوم التاريخ المشهود المعبر عن ذلك الولاء الطوعي لهذا الرجل المثل. سلطان الوفاء والجود... إن الحديث عنه كثير وطويل وذكرى ما فعله وذكرى اثره تحتاج إلى وقت طويل وسيكون ذلك شأن الباحثين المؤرخين ولا يسعنا في ضوء ذلك كله إلا أن نقول للفقيد الغالي طبت حياً وميتاً.